الأحلام يعوزها قادة عُظام !!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

" حين أردنا الله كانت قبلتنا مكة وعندما أردنا العلم كانت وجهتنا اليابان " مقولة شهيرة صاحبها الدكتور مهاتير محمد طبيب الأطفال الذي صار مهندساً لنهضة وتطور ماليزيا الحديثة المعروفة اليوم ضمن كبريات عشرين دولة تتصدر قائمة اقتصاد وصناعة العالم .

وإذا كان تاريخ ماليزيا الناهضة المنافسة الآن لكبريات الدول الصناعية مستهله فكرة حالمة طامحة ثائرة حملها قائد سياسي حالم وطامح وثائر اسمه مهاتير ؛ فإن الخليفة المأمون سبق له كتابة تاريخ حضارة العرب والمسلمين إذ مازالت إنجازات حقبته ماثلة اليوم وفي شتى المناحي العلمية والفلسفية والمعرفية والانسانية .

فما يُحسب لهذا الحاكم المستنير هو انفتاح عهده على الحضارات اليونانية والفارسية والهندية والرومانية ، حصيلة هذا الانفتاح لا تقدر بثمن على دولة المسلمين وعلى الحضارة الانسانية عامة . فيكفي الاشارة هنا الى ان هذا الانفتاح على ثقافة وإرث الاخر كان من تجلياته ازدهار الترجمة ، وحين ازدهرت الترجمة عرف العرب والمسلمين فلاسفة مثل سقراط وأرسطو وأفلاطون وأبقراط وسواهم من عباقرة الحضارة الاغريقية .

وحين تُرجمت علوم ومعارف وآداب الحضارات الاخرى عرفت الحضارة الانسانية اسماء فلاسفة ومكتشفين عرب ومسلمين مثل الفارابي وابن سيناء وابن رشد والخوارزمي وابن عربي والرازي وابن النفيس والزهراوي وابن خلدون وابن الهيثم والادريسي والقائمة لا تنتهي من الاسماء البارزة التي مازال أثرها باقيا وخالدا في سفر الحضارة الإنسانية" العولمية" .

كما ومازالت هذه الاسماء محل تباه وفخر من أجيالنا الحاضرة المتخلفة "عولمياً" وحضارياً حتى اللحظة الراهنة التي ما فتئت في تعثرها وتأخرها عن مجاراة ركب التطور السريع تكنولوجيا وصناعياً وبشرياً وعلميا وإبداعيا وفلسفيا وإعلاميا وديمقراطيا.

 لدينا الكثير من الموارد والمقومات والثروات البشرية والطبيعية ولكن هذه الاشياء لا تصنع أُمة او ترفعها من حافة تخلفها وبؤسها كمجتمعات مستهلكة لأدوات ووسائل هذه الحضارة الى مصاف الأُمة المنتجة الفاعلة المؤثرة حضارياً . نعم لدينا الأحلام والتطلعات والرغبة والاستعداد كمجتمعات قهرها الاستبداد والجهل والانغلاق والقمع والفساد والتبعية وغيرها من العوامل المحبطة الحائلة دون نهضتها وازدهارها وإثبات مكانتها.

ومع كل هذه المحفزّات والموانع تبقى المعضلة الجوهرية كامنة بفقدان القادة العظام الملهمين الذين بمقدورهم حمل الأحلام الكبيرة وتسخير الموارد الكثيرة في سبيلها . لدينا شعوب وأحلام وموارد ورغبة ولكن هذه جميعها يستلزمها قادة استثنائيون يماثلون المأمون ، ومهاتير ، وعبد الناصر ، ودا سليفا ، وخوسيه أزنار ، ولي كوان يو ، ونيلسون مانديلا ، ورجب طيب أردوغان ووووإلخ . فما من أحد من هؤلاء إلاّ وترك في أُمته أثراً لا يُمحى أو يُنسى .

في السبت 24 مايو 2014 05:18:40 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=75784