هذا ما يُراد لنا في اليمن!!
نجيب أحمد المظفر
نجيب أحمد المظفر

المؤامرة على اليمن بمشاهدها الأولية المقوضة للأمن والاستقرار الاقتصادي، وبمشاهدها الثانوية الهادفة لتصفية الجيش وتدمير عتاده، وإلى التخلص من العلماء ورجال قبائل اليمن، وبمشاهدها النهائية المستهدفة لوحدة اليمن، تبدو كبيرة ومثيرة، ولا يستطيع العاقل المتابع بتجرد أن ينكر هذا، فما دار ويدور من اضطرابات أمنية ومواجهات عسكرية وعدم استقرار اقتصادي يهدف في مجمله لتصفية ثارات حرب 94م تمهيداً لسيناريو تقسيم اليمن، وفق الرؤية الأمريكية المرسومة لخارطة الشرق الأوسط الكبير، الأدوات المنفذة لهذا السيناريو هي القوى الحوثية والاشتراكية والحراكية إلى جانب قادة عسكريين وأمنيين كبار، إضافة إلى عناصر من النظام السابق، ويبدو أن السيناريو يسير بخطى مرتبة ابتدأت بسحب الترسانة العسكرية من الشمال إلى الجنوب تحت مبررات الحرب على القاعدة، ثم إعطاء الضوء الأخضر للحوثي بخوض غمار حروب هدفت في بادئ الأمر إلى الاستيلاء على محافظات الجوف وحجة وأجزاء من الحديدة الساحلية بغية إعلانها دولة ليتسنى وفقا لهذا للحراك في الجنوب أن يقفز على ثورة فبراير 2011م ويعلن انفصال الجنوب عن الشمال بمبرر أنه ما جاز للحوثي لن يكون حراماً علينا، ولما لم يفلح الحوثي في حروبه تلك اتجه المخطط صوب استخدام الحوثي عصا يتم بها القضاء على القوى القبلية في مناطق حاشد، وأرحب والجوف، وفعلا بدأ هذا المخطط يؤتي أكله بقضاء الحوثي على النفوذ القبلي لأولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وسط قبيلة حاشد، ثم اتجه المخطط صوب إسقاط اللواء 310 مدرع وهو ما حدث بالفعل ليتم الاستيلاء على عتاده وتصفية قياداته، علماً أن اللواء يعد من ألوية الجيش الضاربة، والتي يراد تصفية ثأر من ثارات حرب 94م معه فقد شهد معسكره الذي يعسكر فيه أول مواجهة عسكرية بينه وبين اللواء الثالث مدرع والذي تم نقله بعد الوحدة عام 90م من الجنوب إلى معسكر اللواء 310 مدرع بعمران، يأتي تمكن الحوثي هذا من إسقاط اللواء بعدما تم إسناده بقوة من مكافحة الإرهاب وأعدادا من القوات الخاصة، إلى جانب خيانة قيادات عسكرية عليا تواطأت على تسليم مقرات الوحدات العسكرية والأمنية المحيطة باللواء دخل مدينة عمران لمليشيات الحوثي، وبسقوط اللواء 310 واستشهاد قائده وعدد كبير من قياداته تكون مهمة الحوثي التالية لسيطرته على عمران تحركه باتجاه الجوف وهو ما يجري بالفعل الآن, حيث يدفع الحوثي بقوته المسلحة بمختلف أنواع الأسلحة وبالذات منها ما تم الاستيلاء عليها من مخازن اللواء 310 بعمران باتجاه الجوف ليحسم أمره هذه المرة مع قبائل الجوف بقوة السلاح الذي أصبح يؤهله لبسط سلطته على الجوف ليتجه على إثر ذلك نحو أرحب فيعمد لتصفية حساباته مع قبائلها وفرض سلطته عليهم بالقوة، فبعد بسط سلطانه على قبائل الجوف ونهم وأرحب التي مثلت تحديا كبيرا أمامه، سيتجه نحو صنعاء وربما اتجه نحو صنعاء قبل أو في أثناء تحركه صوب الجوف وفي صنعاء سيكون عليه مهمة القيام بنسف جامعة الإيمان أخر معقل للسنة في اليمن وإلا فما معني أن الحوثي يهدف لدخول صنعاء كي يسلم مقر الفرقة الأولى، لأمانة العاصمة لتحولها إلى حديقة تنفيذا للقرار الجمهوري بهذا الشأن، إنه لا معنى لهدف الحوثي هذا إلا نسف جامعة الإيمان التي تقع تحت مقر قيادة المنطقة العسكرية السادسة ـ الفرقة الأولى مدرع ـ، وفي الأثناء ذاتها ستعمد مليشيات للقيام بأعمال تصفية في أماكن محدودة داخل صنعاء لعلماء اليمن وأعيانها وبالذات الذين كان لهم رأيا إبان حرب 94م، إضافة إلى العلماء الذين لهم رأي يعارض بعض المواد التي يراد إدخالها في الدستور الذي تجري صياغته حالياً، كونهم من وجهة نظر أجنبية معرقلين لمخرجات الحوار وإن لم يتم الإعلان عن هذا صراحة، هذا بالإضافة إلى القيام بتصفية الرئيس السابق وكافة أقطاب حكمه ممن لهم طموحات سياسية. ولعل أهم عامل من عوامل النجاح المهم لمخطط الحوثي داخل صنعاء، الوضع الاقتصادي المتردي بملامحه المتمثلة بأزمة المشتقات النفطية، وهو الوضع الذي باتت على إثره الدولة تسير نحو الإفلاس الذي سيجعلها ربما في القريب العاجل عاجزة عن دفع مرتبات العسكر والموظفين الذين حتما سيكون موقفهم مؤيدا للحوثي، فالوضع الاقتصادي الذي يتردى كل يوم من أهم أسباب ترديه الصرف الجنوني من الاحتياطي النقدي الذي رفض وزير المالية السابق صخر الوجيه الصرف منه وعمل جاهدا للحفاظ عليه، وهو ما تسبب في الإطاحة به من وزارة المالية، وفي أثناء اضطراب الأوضاع في صنعاء وخروجها عن السيطرة سيكون على الجنوبيين الذين اتفقت كل فصائلهم الحراكية وقياداتهم السياسية الداخلية والخارجية فجأة ودون مقدمات أن يعلنوا عن انفصال الجنوب كون الأوضاع في الشمال لا تسمح ببناء وإدارة الدولة، الأمر الذي يجعل انفصالهم مبرراً، ومن أهم ما يؤكد سير الجنوبيون في هذا الطريق تدميرهم الممنهج للاقتصاد باستهلاك الاحتياطي النقدي للبلد مع عدم جديتهم في بسط هيبة الدولة وإيجاد أمن، إلى جانب إصرارهم على الإبقاء على اللجان الشعبية التي تم الاستعانة بها أثناء مواجهة القاعدة بوضعها الحالي رافضين إلحاقها بمعسكرات الأمن أو الجيش وما ذاك إلا لتكون بمثابة الجيش القادم للجنوب، ففي الإبقاء على هذه اللجان والإصرار على الإنفاق عليها من خزينة الدولة بميزانية مستقلة عن وزارة الدفاع رغم رفض وزير المالية السابق لهذا الوضع بشدة فكان نتاج رفضه إقالته من منصبه، تفسيرا جليا للانفصال الذي يراد تنفيذه، هذا وقد بدا الأمريكان يعملون جاهدين على دعم تحقق هذا المشروع على أرض الواقع شريطة أن يكون جزء من الجنوب إن لم يكن الجنوب كله في حال انفصاله موحداً دولة تدين بالولاء لأمريكا بمقابل رعايتها لمسلسل الانفصال هذا ومسلسل تصفية ثائرات 94م على أيدي جماعة الحوثي الذي بدت أمريكا معترضة على أي قرار قوى قد يصدر في حقها جراء الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة عمران، أما في حال تحول الجنوب لدولتين فستكون حضرموت دولة خليجية مقابل دعم الخليج لسير هذا المخطط، في حين يكون الشمال دولة ولاؤها لإيران مكافئة لها على تسخير المليشيات الموالية لها لتنفيذ هذا المخطط الذي يعد خطوة باتجاه السير نحو الشرق الأوسط الكبير.

وهنا يعد الواجب الذي أراه من وجهة نظري وينبغي على القوى الحية أن تعيه استعادة حلف 94م ومحاولة تجاوز كافة الخلافات، إضافة إلى القيام بالإعداد والتجهز من الآن للمواجهة التي بات أمرها قريبا جداً، ولو تطلب الأمر القفز على كل القوى الموجودة في الساحة باستحداث قوة جديدة تتجاوز الجميع لتفرض واقعا على الأرض يجبر الجميع على القبول به، أما ما يجب على جوارنا الخليجي وبالذات السعودية, فيجب عليها أن تعمل جاهدة لتبني دعم الجماعات التي ستكون في قلب المواجهة مع الحوثي فتداعيات الأحداث في اليمن ستؤثر سلبا على استقرار المملكة بصورة ستهيئها للتشظي هي الأخرى إلى دويلات.

في الأحد 13 يوليو-تموز 2014 07:41:57 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=76323