هل صدق قول الرجل فيك يا أبين؟!
فهد علي البرشاء
فهد علي البرشاء

لا أدري لما استوقفتني كلماته, ولما كان لها الأثر البالغ في نفسي, ولما جعلني حديثة أفكر مراراً وتكراراً بكل كلمة قالها عن محافظتي الفاضلة التي غدت بفعل السياسيات القذرة ثم الفاسدين من أهلها أثرا بعد عين وأطلال محافظة تسكنها أشباح الحرب التي دارت فيها ودمرت كل شيء فيها.. لعل كلماته كانت منطقية وواقعية عن سبب خراب المحافظة ودمارها وعن تأخر عمرانها ورقيها وتطورها كل هذه السنوات, رغم أني لم أحظى بمعرفة الرجل في السابق

أو حتى من خلال النقاش الذي دار فيما بيننا.. الغريب في حديث هذا الرجل أنه قال جملة جعلتني أحتار بل وأصدق كلامه بعد أن قارنت الواقع المرير للمحافظة مع نسبة الفساد التي تفوح من أروقة بعض مرافقها الحكومية والتي يمارسها مدراؤها وموظفوها أمام الملأ دون رقيب أو

حسيب أو وازع ديني أو ضمير إنساني.. قال ‏( لو أُريد لأبين أن تُعمر وتزدهر وترتقي وتتطور لما أستغرق ذلك وقت طويلا ولما تطلب هذا العناء والجهد وتلك الفوضى والعبثية التي تعج بها المحافظة, ولكن هناك من يقف خلف تأخر عملية الإعمار والبناء وإعادة البنية التحتية في المحافظة, وهناك من يسخر هذه الفوضى التي تحدث في المحافظة لمصلحته ويستفيد منها

بشكل أو بآخر ‏)..

هناء فقط وضعت ألف ‏( خط ‏) تحت هذه الجملة التي تحمل بين طياتها الكثير والكثير من التساؤلات التي وضعها الرجل بشكل غير مباشر عن من يقف خلف خراب أبين ودمارها وتأخر نموها وازدهار وبقائها في الحضيض, وتساءلت في قرارة نفسي: هل يقصد الرجل صندوق الإعمار الذي لم يحرك ساكناً تجاه المحافظة وتجاه المواطنين, وعدم صرف كافة التعويضات للمتضررين الفعليين من الحرب وليس الوهميين الذين أخذوا نصيب ‏(الأسد ‏) من المبالغ المرصودة للإعمار.. أم ربما كان يرمي الرجل للفساد في عملية التوظيف التي

بات فيها ميزان المفاضلة والأحقية ‏(للاقربين‏) والحاشية وذوي النفوذ, ناهيك عن أولئك السماسرة الذين حصدوا الملايين وعمروا القصور وشيدوا المباني من خلف تلك المبالغ التي كانوا يبيعون بها الوظائف والتي كان يصل فيها قيمة الوظيفة إلى ‏(سبعمائة الف ريال يمني ‏) على مراء ومسمع من الكل ودون أن ينطق أحد ببنت شفة.. أو ربما كان ‏(يلمّح ‏) الرجل للعبثية والفوضى في المرافق الحكومية في المحافظة التي لا تعرف من موظفيها سوى الأسماء فقط أما الأشخاص فلم تتخطى أقدامهم عتبة أماكن عملهم, إما لانهم ‏(مفرغين ‏) مقابل مبالغ مالية تعطى لمن يمتلك زمام الأمر في هذا المرفق أو ذاك, أو لانهم يمتلكون ‏( حصانة ‏) تجيز لهم عدم الحضور ومباشرة أعمالهم أسوة بزملائهم, فضلا عن الموظفين الوهميين الذين تذهب رواتبهم للنافذين والفاسدين.. بل أعتقد أنه ناقم على عملية التوظيف الهمجية التي تتبعها المرافق لحكومية والتي لا تستند على أسس سليمة أو مؤهلات علمية بقدر ما تبحث عن من ‏( يدفع ‏) أكثر, وهذا ما جعل المرافق تعج بالموظفين الغير مؤهلين الذين لا يجيد الواحد منهم فك طلاسم اللغة أو حتى كتابة أحرف أسمه, وتركوا المؤهلين ومن يمتلكون الشهادات الجامعية على قارعة الطرقات يتكبدون المرار ويتجرعون العلقم, مما أدى إلى تدني كبير في مستوى الخدمات في كافة القطاعات والمرافق وبالذات الحيوية والخدمية منها.. بل أكاد أجزم أنه قصد تلك الحالة ‏( المرضية ‏) التي يتسم بها بعض أهالي أبين وليس كلهم والتي تمثلت في الحسد والبغض والغل لبعضهم البعض والتنافر فيما بينهم البين, وترصدهم لأخطاء غيرهم وتتبعهم لزلات بعضهم, وعدم استشعارهم بالمسئولية والأمانة وحبهم لتراب هذه ‏( المكلومة ‏) التي أزرى بها الدهر, عفوا ‏( بل نحن وليس الدهر ‏) واستئثار الفاسدين فيها بكل شيء وتحويل تلك المرافق إلى ملكية خاصة يقتسمون خيراتها مع ذويهم وحاشيتهم.. حقيقة الرجل صدق في كل كلمة قالها وكل ‏(لمزه) أو ‏(غمزه ‏) استشفيتها من كلماته التي لم تخلوا من المرار والحسرة والألم على حال محافظتنا التي لن تقوم لها قائمة طالما وأهلها كلٌ ‏يغني ‏على ليلاه, والكل فيها نفسي نفسي وليذهب الباقون إلى الجحيم, وطالما ومسئولوها يعيثون فساداً بمرافقها ومصالحها ولا يراقبون

اللهَ في مناصبهم ومرافقهم..

في الأحد 10 أغسطس-آب 2014 03:55:00 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=76555