نخب سياسية بدرجة قاصر
سمية الفقيه
سمية الفقيه

يمكن اعتبار تاريخ 2011م.. تاريخاً فضح الكثير من الأقنعة السياسية في اليمن بحيث برهنت لنا الأحدث الدامية- التي حصلت من بعد هذا التاريخ وحتى اللحظة- حقائق مؤلمة ولكن- ورغم أنينها- إلا أنها كشفت لنا حقيقة النخب السياسية في بلادنا, حقيقة أن العملية السياسية في بلادنا لازالت قاصرة وتحتاج لملايين السنين الضوئية كي تواكب السياسات المعمول بها في كل دول العالم والشاهد على ذلك أننا لم نصل لمرحلة الاعتراف بأن الشعب يحق له تحديد مصيره ولهذا مازال المشهد السياسي حكرا على بعض الأسماء يديرونه ويحركونه كما يشاءون ويُساقطون من أجل لعبة كراسيهم آلاف الرؤوس اليمنية المسكينة من المواطنين وأفراد الجيش والجنود والضباط العساكر الذين كل ذنبهم أنهم وقعوا في دائرة صراع الأقوياء والكبار على تقاسماتهم السياسية التي راح ضحيتها من بعد ذلك التاريخ الكثير من الأبرياء من الشعب الذي مازال مراقب فاحص لكل ما يجري ولكل ما يحاك من تدابير تصرع بالموطن إلى هاوية الانهيار.

أثبتت لنا المآسي الراهنة أيضا أن النخب السياسية أيضا لم ترتقي بعد إلى الوعي الذي يمكنها من احتواء الآخر وإشراكه في القرار السياسي وبزوغ نجم (أنا ومن بعدي الطوفان) وحبتي وإلا الديك وأيضا عدم الرقي والوعي في تحمل مسؤولياتها بمنطق وحكمة والعمل وفق ما تفتضيه مصلحة الوطن والمواطن الذين بعدت عنهما وجعلت بينها وبينه حجاب مستور وغشاوة وهوة سحيقة ولم تكن قريبة من معاناته وآلامه كنبض وريد.

أوصلتنا النخب السياسية لما نحن عليه من جمر وحطب بسبب ثقافة الفيد والمنصب والانقضاض على من يخالفنها مبدأها والتي مازالت وللأسف ثقافة مسيطرة عليها وبقوه وتمارسها رغم كل ما وصل إليه البلد من انهيار وركام ورغم أننا في طريقنا الوشيك للتهلكة وكل ذلك افقدها المصداقية وثقة الشعب لأنها أساسا لا تثق ببعضها البعض, فاجتماعها    واختلافها لا يكون إلا من منطلق لقاء مصالحها وليس مصلحة الوطن.

إصرار بعض النخب لزيادة شقة الانقسامات بين أوساط المجتمع من خلال الكيد والمؤامرات والدسائس على الخصوم وبث روح العداء من خلال وسائل الإعلام والقنوات الفضائية ومنابر المساجد وتأليب الواقع وجعله كالنار في الهشيم أيضا ينم عن قصور في فهم العمل السياسي الذي ينهض بالبلد للأفضل لا الذي يجعله كرماد يوم عاصف.

نأسف أن نقول إن العملية السياسية في بلادنا لم تكن يوما ما عميلة شراكة أو عملية اختلاف لما يجمع ويوفق كل الآراء لمصلحة الوطن, لم تكن يوما بناء وتطوير وتجديد لوطن بات ركاما, لم تكن يوما نخبا سياسية تكسب ثقة المواطن من خلال الانتصار لقضاياه وللقمة عيشه وأمنه وسلامته.. لم تكن يوما مشروعا وطنيا ينقذ الوطن من الانهيار.. أشياء كثيرة جدا لم تكنها تلك النخب السياسية ولهذا سقطت في عيون الشعب ولم تعد تراها سوى مجرد حفارة لقبور وأضرحة ودماء شعب ووطن بات يئن ويحتضر في اللحظة مليون مرة بسب نخب سياسية قاصر قولا وعملا وأداء وولاء.. فإلى متى يظل العمل السياسي في بلادنا يعمل بشكل عكسي يا ترى؟

في الإثنين 29 سبتمبر-أيلول 2014 09:00:01 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=77082