حزين على وطن يصرخون فيه
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

 أُصارحكم القول: بأني حزين وعلى يقين أنني لست الوحيد والحزن شعور طبيعي نتاج ما يمر به وطني بإحساسنا بفقدان الأمل وهو ردة فعل لخسارة وطن ولهذا الحزن اليوم يشمل كل وطني محب وعاشق لوطنه ويزداد حزني لمتابعتي قنوات التلفاز وأشاهد أفواه تصرخ وتلعن وتعرعر الحق ومؤسسات الدولة الوطنية أفواه تروج للعنف ومليشياته وللاستبداد والفساد للمجرب الفاشل فيما مضى و واقع اليوم هي قاذوراته أفواه تتقزز منها من كثرت الصراخ تفرز لعابها أمام جماهير الشاشة شوهوا الإعلام الذي يفترض ان يكون تنوير وتثقيف وفكر و وعي هادى رزين منطقي واثق الصراخ لا يعني غير العنجهية والعنف أللفضي واللغوي و الصراخ بجميع ألوانه وأشكاله ودوافعه ومهما كان مدوّيًا ويصمّ الآذان.. فإنه لا يمكن أن يُحقق هدفًا شريفًا، وإن حقق هدفًا مشبوهًا في فترة من الفترات، فلابد أن يأتي يوم وتنكشف فيه كل الأوراق، وحينها يكون السقوط مدوّيًا وغير مأسوفٍ على صاحبه وهي ظاهرة تدلّ بوضوح على أن حُجة أصحابها ضعيفة . ما وراء هذا الصراخ و دلالاته ومعانيه أنه يأتي على شكل رفض تام للواقع، أو المكابرة في مواجهة الحقيقة، أو العناد وعدم التسليم بالأمور الحتمية التي يصبح الجدل حولها نوعًا من العبث، أو الوهم بأن الأمور يمكن أن تسير في الاتجاه المعاكس لطبيعة وحتمية النتائج المتوخّاه من أسباب معينة، أو حتى محاولة القفز على الواقع والاعتساف في تشويه ملامحه، أو الادعاء ـ وبفوقية مفرطة ـ بامتلاك الحقيقة المطلقة وان الوطن له وحدة وغيره لا يستحق الحياة كل هذه الحالات هي في تصوّري نوع من الصراخ الذي يدخل صاحبه في متاهةٍ لا مخرج له منها دون خسائر فادحة لا تقتصر على الذات بل تتعدّاها إلى الآخرين، أنا حزين أن أجد بلدي ضحية لهذه الأفواه والأقلام مستأجرة لهدف مشبوه استعادة ماضي أسي أفواه مكشوفة لها تاريخ في البور مجندة الإعلامية لمن يدفع أكثر هم يدركون والشعب يدرك لكن الأموال تعمي البصائر وتزغزغ العقول كل هذا وحزني على وطن بينهما سقيم يتألم لكنه يتحمل على أمل ان تعود العقول لصوابها وتستعيد الضمائر وطنيتها وشرفها . ونقول حينها لولا الحزن لم تعرف قلوبنا قيمة الفرح، و (الحياة مزيج من الدموع والابتسامات)، ولكن المهم أن نتقن مهارة "الرحيل السريع للحزن"، فجوازات قلوبنا لا يجب أن تمنح إقامات دائمة لوافدي الحزن، وأقصى ما يجب تقديمه هو تأشيرة مرور مؤقتة، وفي الصين مثل يقول: (إنك لا تستطيع أن تمنع طيور الحزن من التحليق فوق رأسك، ولكنك تستطيع منعها من بناء الأعشاش). وبالضروري سيذهب الحزن عندما تفوق العقول من غفوتها وتستطيع ان تميز الحقائق من المغالطات وتتفوق الحكمة عن النقمة وهنا سيصير الصراخ مزعج يرفضه الآخرين لا يستمعون له الشرفاء بل سيداس ويترك في مزبلة الإهمال وقتها سيحترم الإعلام ذاته ولن يجروا على استخدام مثل هذه الأفواه الصارخة للباطل وسيعلو الوطن في قلوب و وجدان مواطنيه وسيتصدر أولويات اهتمامات الجميع وستحل كل قضايانا دون صراخ وعنف وموت وقتال سنحب بعض ونعيش ونتعايش بسلام وأمان وقتها سيكون الزعيم هو الوطن ولا شيء غير الوطن .
في الخميس 30 أكتوبر-تشرين الأول 2014 05:11:46 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=77327