لا تلوموا الوسيط
علي إبرهيم
علي إبرهيم

من الخليج إلى المحيط.. هناك مبعوثون وممثلون ووسطاء دوليون رسميون معينون من الأمم المتحدة لأزمات المنطقة المشتعلة بنيران لا يبدو أن أحدا قادر على إطفائها، كما أنها دليل على أن هذه المنطقة أصبحت رجل العالم المريض مع انتشار بؤر الصراع فيها بهذا الشكل.

في اليمن هناك جمال بنعمر يبذل جهودا كان بين ثمارها المبادرة الخليجية، لكن بعد ذلك لم يتوقف البلد عن الانحدار في اتجاه التفكك والانهيار.. وفي سوريا المبعوث الثالث الأممي دي ميستورا يجرب حظه بعدما وصل العالم إلى نقطة اليأس من حل هذه الأزمة، وفي ليبيا التي دخل على خطها أخيرا برناردينو الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، لا تزال جهود جميع الفرقاء تتعثر والصوت الأعلى للرصاص والمدافع.

وفي أحيان كثيرة ومع سخونة الأزمة، يتحول الوسيط أو المبعوث الدولي نفسه إلى طرف تكال إليه الاتهامات من هذا الطرف أو ذاك، حدث هذا مع كوفي أنان أول مبعوث أممي وعربي إلى سوريا، ولم يتحمل بضعة أشهر ثم استقال، وجاء بعده الأخضر الإبراهيمي عامين نجح فيهما في عقد مؤتمر جنيف ليخرج بلا نتائج، ولم يستطع أن يرضي أي طرف من أطراف الصراع، والآن يطرح دي ميستورا رؤية متواضعة بالنسبة إلى المعارضة المعترف بها، وإن كانت تشكل خلاصة التفكير الدولي وهي تثبيت خطوط وقف إطلاق نار تحترمها المعارضة والنظام للتفرغ للحرب على الإرهاب المتمثل في التنظيمات الموجودة على الأراضي السورية والعراقية الآن والتي تعتبر مهمتها تحرير العالم.. نفس الشيء في اليمن، فلم يخلُ الأمر من انتقادات لبنعمر من أطراف محلية أو مراقبة.

مهمة الوسيط أو المبعوث ليست سهلة، ولكن لا غنى عنها في أوقات الأزمات على الأقل لاحتواء الأزمة في إطارها المحلي وهي قد تكون أسهل بين دول متصارعة أو في حالة حرب وتدخل مفاوضات ما بعد الحرب، لأنه في حالة الدول عادة ما تكون الأطراف صاحبة قرار الحرب والسلم يمكن الحديث معها بلغة المصالح والدبلوماسية.

ويختلف الوضع في النزاعات الأهلية، مثل الأزمات الثلاث المشار إليها في اليمن وسوريا وليبيا، فالأطراف ما كانت لتصل إلى الاحتراب الداخلي داخل بلد واحد لو لم يكن هناك غليان أدى بكل طرف إلى الرغبة في شطب الآخر نهائيا.

ففي سوريا كانت مهمة أنان أو الإبراهيمي في بدايتها ستكون أسهل وأسرع لو كان طرفا الصراع أقل ثقة وقتها من قدرة كل منهما على تحقيق انتصار نهائي، فالنظام تصور أنه قادر على سحق مناوئيه، والمعارضة تصورت سيناريو مماثلا لليبيا يتدخل فيه الناتو، ولم يكن لدى المبعوث لسوريا القدرة على حشد مجلس الأمن مثلما يحدث الآن بالنسبة إلى اليمن، حيث يستطيع بنعمر التهديد بعقوبات من مجلس الأمن على معرقلي المصالحة، وهي خطوة تعكس الوصول إلى درجة الأزمة لأن المفترض أن تكون كل هذه الأطراف جزءاً من الحل.

عن الشرق الأوسط

في الخميس 06 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 07:59:10 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=77393