الخصومة الفاجرة أرهبتنا
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

عندما يشتد الوجع ويفوق قدراتنا على التحمل، وعندما تجد الألم يتوزع بين الكل ويلسع الكل، عندما تجد نفسك مهدداً في أي لحظة، في الشارع العام وفي السوق وأنت تتابع قضاياك وتبحث عن لقمة العيش لذويك.. عندما يسقط أمام عينيك المستقبل بأعمدته، هل يدق ناقوس الخطر في داخلك وتستشعر خطورة الصراعات السياسية والفكرية، التي تدور بها مع التائهين عن الوطن ومصالحة عن خلط الأوراق عن الخصومة الفاجرة مع الآخر المختلف، هل يصحو ضميرك الوطني، ويقول لك إنه وطنك ومستقبل أبنائك وأحفادك، انك زائل لا محالة كغيرك ممن عاشوا على هذه الأرض الطيبة وتركوا أثراً طيباً وماذا ستترك أنت من أثر؟ وماذا يستحق الوطن ان تقدم له؟ كل هذا يتطلب منا جميعا أن نعيد استراتيجيتنا تجاه وطن عزيز غالي في قلوب أبنائه المخلصين..

تاريخنا وحاضرنا كله خصومة وصراع ومحاولة إقصاء وتهميش ومحو الخصم من الوجود وصراعنا حول السلطة والجاه والثروة وفي ظل الخلافات السياسية الدائرة حالياً, تتجلى حالة الانفلات الأخلاقي، والتي تصل في بعض الأحيان إلى الشتم والتعزير واتهام الآخر، بل تعدى إلى أكثر من ذلك وهو قتل النفس, وبث الشائعات ومحاولة النيل من الخصوم بشتى الطرق والوسائل والخصومة سلاح الضعفاء، والمنافق إذا خاصم فجر وحياتنا خصومة هادفة لضرب المشروع الوطني، يعززون الخصام ويخلقون خصوماً لينجوا من جرائمهم فنتوزع خصوم وهم يحصلون على حلفاء.. والإرهاب ينمو بين الخصوم وهي مرتعه، والخصومة تجهض الوفاق ولا تسمح لأي اتفاق، وما دام بيننا مفتن يتقن زرع الخصام ويعزز الخصومة فاعلم ان حياتنا ستنهك والإرهاب سيجد فرصته لسفك المزيد من الدماء وهدر الأرواح ويحولنا إلى أشلاء تلطخ الشوارع وجدران الوطن.

دخلنا الحوار نحمل ثقافة ونوايا الخصوم، وكلٌ يبحث كيف يغلب الآخر كخصم، رغم أن هناك قوىً جديدة بعث فيها الروح وتحمل المشروع الوطني الحق، لكن الخصوم يتفقون ضدها في ذلك ويتصارعون لإجهاض مشاريعها الوطنية، وأي خصوم شركاء الأمس بكل مآسي الوطن.. وخصوم اليوم يجتهدون لإقناعك بشيطنة بعضهم بعض، دنسوا كل خطوة صحيحة لإنقاذ وطن بخصومتهم المقيتة، وخرجنا من حوار وهم لازالوا خصوماً، وتركوا مخرجات الحوار في الهامش، وساروا بخططهم الانتقامية ضد بعض، وتحول الصراع داخل الحوار بالكلمة والمشاريع الوطنية إلى اللجوء للعنف بالبندقية والأسلحة الثقيلة واحتلال المدن وتدمير ما تبقى من دولة، والإجهاز على مؤسساتها الأمنية والمسلحة والمدنية الى اليوم هم خصوم وحلفاء خصوم ليتصارعوا وقت انتاج الحلول لقتلها في مهدها وحلفاء عندما يشعرون بخطر يمس مصالحهم المشبوهة.

تلك هي بيئة حاضنة للإرهاب، البيئة الغامضة التي يغيب فيها دور الدولة ومؤسساتها القضائية والعقابية وأجهزة التحري والبحث عن الحقائق والنظام والقانون.. هنا يصبح الإرهاب أداة من أدوات الصراع وهو أعلى صور العنف.. هنا يجعلون قلوبنا موجوعة وعقولنا مشوشة، يزرعون الخوف والفزع في نفوس الضعفاء منا، ويشوشون عقول البسطاء فينا.. انظر بتمعن متى يتحرك الإرهاب ويشتد عندما تشتد خصومتهم كلما اشتد الصراع وشعر طرف بعينه بالخطر برز الإرهاب فاعلاً في الساحة هو ذاته صانع ومحرك ومستفيد من الإرهاب .

متى نترك الخصام ونتجه للعمل معا لصالح وطن أنهكته خصومتنا وصراعاتنا على مدى زمن طويل ونؤمن ان باختلافنا وتنوعنا نثري الوطن فكرا وثقافة وحب و وئام واتفاق وتوافق في قضايا وطنية لا تقبل الخلاف لأنها تعني الوطن أولا ومن روائع الشاعر احمد مطر:

 أعوام الخصام ..

لم نكن نشكو الخصام

لم نكن نعرف طعم الفقد

أو فقد الطعام.

لم يكن يضطرب الأمن من الخوف،

ولا يمشي إلى الخلف الأمام.

كل شيء كان كالساعة يجري... بانتظام

هاهنا جيش عدو جاهز للاقتحام.

وهنا جيش نظام جاهز للانتقام.

من هنا نسمع إطلاق رصاص..

من هنا نسمع إطلاق كلام.

وعلى اللحنين كنا كل عام

نولم الزاد على روح شهيد

وننام.

وعلى غير انتظار

زُوجت صاعقة الصلح

بزلزال الوئام!

فاستنرنا بالظلام.

واغتسلنا بالسُخام.

واحتمينا بالحِمام!

وغدونا بعد أن كنا شهوداً،

موضعاً للاتهام.

وغدا جيش العد ا يطرحنا أرضاً

لكي يذبحنا جيش النظام!

أقبلي، ثانية، أيتها الحرب..

لنحيا في سلام!

في الأحد 11 يناير-كانون الثاني 2015 05:37:05 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=77949