أحلام تواجَه بالتأجيل
هشام الشبيلي
هشام الشبيلي

بداية هذه الأحلام المخبأة حاليا تحت الثرى تأتي من داخل قاعة الامتحان هي فكرة لفتت انتباه ذلك النقي الذي أتمنى لو ساعة أنسى ذكرياته التي اجتثت كل الأفراح من صدري ولكنني لم أستطع حقاً "رشاد!" , لم أذكر حينما طرأت عليك الفكرة التي لم يعِ غيرُك معانيها حينما جاء في اختبار اللغة العربية سؤال يقول أكتب سورة القارعة مراعياً ضبط الكلمات بالحركات المناسبة؟. فلفت انتباهي ذلك الطالب الذي لم يحفظ تلك السورة وطلب من أحد المراقبين أن يقرأ له السورة ليحرك كلماتها.

فبعد أن غادرنا قاعه الامتحان رأيت شخصية الإبداع ونجم الإعلام وحافظ القران وشهيد الغدر والخيانة يخرج قلمه ويبدأ يكتب لصحيفة طلابية (رؤية الغد) مقالاً بعنوان (متعلمون في قمة التخلُّف )كان حلمه أن يكتب مقالا في صحيفة طلابية لكن للأسف فقد كتب رئيس التحرير على مقاله يؤجَّل لأن الصحيفة لا تتسع إلا لكتاباته وللمقربين منه, فمات حلمه وارتفعت روحه إلى باريها قبل أن يرى تحقيق حلمه الصغير إنه(رشاد أحمد).

( متعلمون في قمة التخلف)

متعلمون في قمة التخلف جملة تثير تساؤل معظم قارئيها والتي يتجسد معناها في أناس بأرقى مستويات العلم التكنولوجي ومع ذلك فهم يفتقرون إلى أدنى فكرة عن التصرفات التي ينبغي عليهم صياغة حياتهم بها بما يتناسب مع مستوياتهم العلمية كونهم قدوة لغيرهم مادام المعنى واحد وآثاره ونتائجه واحدة؛ إلا أن أشكال من يتمثلون بهذا التخلف مختلفة ويظهرون بعدة صور, فالصورة الاولى يكون فيها الشخص متعلماً بل ويحمل العلم الوفير ويضاهي به الساسة والعلماء ــ إن صح التعبيرــ فهو كالحمار يحمل أسفاراً لأن العلم الذي يحمله برَّر له شتم هذا وهتك عرض هذا والغوص في سفاسف الأمور, فلا يسلم أحدمن عفن لسانه النتن، وليس هذا فقط. لأن ما يحمله من علم فيه قصور بل القصور في الحامل ذاته, فبئس الحامل وبئس ما يحمل!

كما أن الصورة الثانية لا تختلف عن سابقاتها, فهذا الشخص أيضاً متعلم ويحمل درجة الدكتوراه والبرفسور وهنا تكون الطامة الكبرى لأنه يرى في هذا الكم الهائل من العلم أنه يؤهله لأن ينظر لغيره نظرة دونية بحيث لا أحد يراه يستحق التحدث معه, فضلاً عن مناظرته , فالحوار استخفاف به، وإبداء الرأي ممنوع لديه والتفكير ومحاولة الابداع محظور قطعاً لأن مهمتنا تنفيذ الأوامر وحصر القرارات والافكار عليه, وهذه ليست إلا نقطة في بحر غروره ومحاولته في تثبيط قدرات غيره كي لا يصل الى مستواه, فهو ــ والله ــ الجهل بعينه حينما لانطلق العنان لمعلومتنا كي نعمر بها الارض كما أراد الله.. أما المتعلم والمثقف ذو السلطة والمسؤولية الكبيرة من استأمنه الناس وأولوه أمورهم ثقة به لكنه عاث فساداً فيما هو تحت تصرفه واستخدمها لمصالحه الشخصية وأغرق المجتمع معه بتصرفه في مستنقع الرذيلة وأرسى فيهم قواعد الجهل.

ذلك هو ما يعانيه الجيل الناشئ الذي يأمل الرقي بمستواه التعليمي بمعية من سبقهم بأخذ العلم للسعي في تنمية الوطن إلا أنه كان على الوتيرة نفسها, فلا حاجه لهذ المجتمع لمثل هذه الفئة.

استشهد رشاد واستشهد معه الأمل والطموح بروحه الملائكية دون تحقيق ما كان يرنو إليه...

الحياة للشهيد والتعاسة تلاحق كل مغرور لبس رداء الكبر وسعى لإشهار نفسه ومقربيه.

في الأربعاء 04 فبراير-شباط 2015 06:20:32 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=78159