وضع اليمن خطير جداً
محمد مقبل الحميري
محمد مقبل الحميري

لا أحد يستطيع التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور في اليمن في ظل سيطرة واستقواء من قبل طرف واحد والإقدام على نسف كل ما تم إنجازه وإلغاء السلطات الشرعية بأدوات غير شرعية، آخرها إصدار ما سمي بالبيان الدستوري الذي شكل انقلابا كامل الأركان والإقدام على إلغاء آخر سلطة شرعية ممثلة في البرلمان المنتخب من قبل الشعب بغض النظر عن أي ملاحظات على هذا المجلس الذي لا يجوز إلغاؤه وفقا للدستور اليمني النافذ الا بانتخابات برلمانية جديدة تحل محله ومالم تتم هذه الانتخابات فإن البرلمان يظل شرعيا بقوة الدستور، وهذه الإجراءات التي تمت من قبل الحوثيين تهدد الدولة والوحدة والنسيج الاجتماعي وتنسف كل الثوابت وتعطي المبرر لكل من يريد الانفصال كونها لا تستند لقوة الدستور والقانون ولكن كل اعتمادها على قانون القوة والغلبة.

 وفي المقابل لهذه القوة- التي تفرض أمرا واقعاً- هناك رفض واسع في الداخل شعبيا وحزبيا متمثلا بكل الأحزاب الفاعلة رغم الاختلافات بين هذه الأحزاب ومعظم منظمات المجتمع المدني والمكونات الشبابية والشعبية، تعبّر عنه المسيرات الشعبية الحاشدة بشكل يومي وبالبيانات من قبل كل القوى، كما أن هناك رفضا إقليميا عبّر عنه صراحة البيان الصريح والقوي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والتصريحات المتكررة الرافضة لما تم في صنعاء من انقلاب ، كما رفضته دول العالم عبّر عن ذلك قرار مجلس الأمن الصادر يوم أمس والذي عبر صراحة عن رفضه بيان الحوثيين الدستوري وكل الإجراءات التي اتخذتها جماعة الحوثي ومطالبتها بالانسحاب من المؤسسات والمدن وإعادة الأسلحة التي نهبوها وأكد على شرعية الرئيس هادي والبرلمان الى آخر ما ورد في قرار مجلس الامن.

   لكل ما تقدم, نحن أمام مشهد خطير وخطير جداً إذا لم يقدر الأخوة الحوثيون الموقف ويقتنعوا بالعودة الى الوراء حفاظاً على الوطن ووحدته وإيماناً بالشراكة الحقيقية لكل شرائح المجتمع اليمني ومناطقه، مع ضرورة وضوح الرؤية من قبل الاحزاب والقوى الوطنية في اليمن وتوحيد الكلمة والتعبير الصادق عن إرادة الشعب والتخلي عن الانتهازية والتكتيكات ضد بعضهم البعض، وعدم الحوار تحت سياسة الأمر الواقع وشرعنة الانقلاب، وعلى قواعد هذه الأحزاب أن لا يبقوا متفرجين سلبيين مسلمين لهذه القيادات الأمور دون رقابة او مساءلة وضغط ، كما أن الشباب اليمني بشكل عام عليهم التلاحم ونسيان أي خلافات فيما بينهم فالمرحلة تتطلب منهم في هذا الظرف العصيب تغليب الانتماء للوطن على كل الانتماءات الحزبية والمناطقية والطائفية، وأن لا ينتظروا لقرارات وتوجيهات هذه الأحزاب التي الكثير منها فشلت في مواكبة الأحداث وأصبحت جزءا من المشكلة، كما يتحمل رئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب وأعضاء البرلمان عموما مسؤولية وطنية وتاريخية بأن يسرعوا بعقد اجتماع طارئ للبرلمان خارج صنعاء لتدارس الوضع الخطير في البلاد واتخاذ قرارات ومواقف واضحة تحفظ الوطن ووحدته واستقراره، مالم يقوموا بدورهم هذا فإنهم سيكونوا شركاء في أي كارثة تحل في بلادنا لا قدر الله، وإذا لم يجتمعوا في هذا الظرف العصيب فما قيمة شرعيتهم؟!

 وعلى الشباب اليمني تقع مسؤولية أن يمارسوا ضغوطا على رئاسة البرلمان وأعضائه بالرسائل والاتصالات توجه لممثلي دوائرهم الانتخابية، والمسيرات التي تتجه لمقار إقامة رئيس وأعضاء هيئة رئاسة المجلس مطالبين منهم تحمل مسؤوليتهم الوطنية كي يجنبوا البلاد الفتنة الكبرى التي تحاك عليها، ونقول لمن يفرضون أمرا واقعا بقوة السلاح معتقدين ان الغلبة والقوة هي الوسيلة المثلى لحكم الشعب، نقول لهم إن قوتكم مهما بلغت لن تمكنكم من السيطرة على الوطن ولن تزيد الوضع إلا سوءاً وكارثية على هذا الشعب بكل فئاته وأنتم منهم، وفي المقابل نقول للمراهنين على الخارج إن الخارج لن يزيح المخاطر على وطنكم مهما بلغت قوة بياناته ومواقفه، مالم تتوحدوا أنتم وتراهنوا على شعبكم وتكون الرؤية واضحة لديكم.

      ونحن نقوم بهذه الجهود ونبذل الطاقات يجب ان نستشعر جميعا أننا لسنا ضد طرف بحد ذاته ولكن نحن ضد ممارسات خاطئة وخطوات خطيرة اتخذت ولم تكن محسوبة العواقب، مطالبين ممن اتخذها أن يعود إلى الطريق الصحيح لنتحاور جميعا من أجل الوطن كل الوطن دون إقصاء لأحدٍ، متمسكين بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل المقر من كل القوى الفاعلة بما فيهم الأخوة الحوثيون وكذلك اتفاق السلم والشراكة، والتمسك بالدولة الاتحادية من الأقاليم وفقا لمخرجات الحوار والمحددة بقرار جمهوري، ولا يمنع أن يعاد النظر جزئيا في بعض التعديلات كإعطاء إقليم آزال منفذا بحريا حتى لا يشعر ابناؤه بالغبن، ويعمل الجميع على سرعة إنجاز مشروع الدستور والاستفتاء عليه والإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة تخرجنا جميعا من التمزق.

 نناشد الجميع وفي مقدمتهم الأخوة الحوثيين (أنصار الله) ان يستشعروا الخطر وأن مبدأ القوة لا يمكن أن يخرج الوطن إلى بر الأمان ، وان هناك أطرافا خارجية ستدخل على الخط لتربك كل شيء، وان ميزان القوى سيتغير بين حين وآخر وسيجد من يدعم هذا التوجه من الخارج ليس حبا في اليمن وشعبه ولكن تنفيذا لأجندة تخدم الخارج على حساب الوطن ودماء وأرواح أبنائه، وإذا لم نكن حريصين على وطننا فلن يكون الآخرون أحرص علينا من أنفسنا.. فالذي سيتنازل اليوم من أجل وطنه ليس خسرانا، وما تتنازل عنه اليوم بإرادتك من أجل الوطن إن لم تفعل ذلك، فإنك ربما تخسره غداً بدون إرادتك بعد أن يدفع الجميع ثمنا باهضاً في نتائج يكون الوطن هو الخاسر الأكبر فيها.

 اخيراً اقول: على الجميع وعلى المقامرين والمغامرين أخذ العظة والعبرة من الدول العربية الأخرى التي أصابتها الفتن أمثال ليبيا وسوريا والعراق.

 نناشدكم الله جميعاً أن تتقوه في وطنكم .. والسلام على من يستمع القول فيتبع أحسنه.


في الثلاثاء 17 فبراير-شباط 2015 05:03:51 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=78253