تقدمية ورجعية أخبار اليوم!!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

أكتب في صحيفة "أخبار اليوم" مذ خمسة أعوام وتحديدا من الأسبوع التالي لثورة الشباب 11فبراير 2011م، فمن وقتها وصاحبكم المتبختر بتقدميته كطاووس نافش ريشه بزهو وعجرفة مواظب على كتابة عموده وبكل حرية وأريحية.

أحدهم سأل متعجباً: ما تنشره لك الصحيفة من تناولات ثورية وتقدمية تتقاطع كثيرا مع راديكالية ورجعية كتابات كاثرة اعتدنا قراءتها في الصحيفة! قلت مجيبا: الرجعية والتقدمية مفردتان لا قيمة لهما أو معنى دون أن نجسدهما كسلوك وممارسة حياتية.

المهم من وجهة نظري أن الصحيفة منحتني حيزا كيما أعبّر فيه عن أفكاري وبكل حرية وتجرد، فلم يحدث قط أن تدخلت هيئة تحريرها ولو لمرة واحدة كي تلغي موضوعاً يتقاطع مع سياسة الصحيفة أو تحذف ولو كلمة واحدة تراها حادة وجالبة لها المتاعب.

لا أخفيكم القول إن الصحيفة لم تمانع لحظة في نشر ما تعتبره صحف أخريات من الأشياء الممنوعة، فكم هي المرات التي اضطررت فيها مخالفة ما نشرته الصحيفة من مواقف أو قضايا، ومع أن ما تم نشره هنا عبَّر عن موقف الصحيفة إلَّا أن القائمين على الصحيفة لم يضق صدرهم ونشروا ما كتبته ودون ممانعة آو تذمر أو حتى عتاب.

فخمسة أعوام كاملة وكاتب هذه السطور يكتب بأريحية وحرية لم أعثر عليها حتى في الصحافة المتبجحة زمنا بكونها منبرا للحريات والحقوق، وإذا حقيقتها أنها صحافة مضطهدة للحقوق وقامعة للحريات.

لم أحدثكم أنني- وطوال خمسة أعوام- أتقاضى أجراً شهريا ودونما إبطاء أو تأخير أو مرمطة أو عناء السؤال، فمع رأس كل شهر تأتيني رسالة هاتفية تخطرني بوصول استحقاقي إلى شركة الكريمي للصرافة، يحدث هذا وبانتظام يشعرك بقيمة ذاتك وبكبريائك الذي طالما تم هدره وانتهاكه وفي أوقات كاثرة ومن صحف كثيرا ما تشدقت بالحقوق والحريات.

نعم أحببت في "أخبار اليوم" احترامها لحقوق كتابها ومحرريها وعامليها، كيف لا أستنكر وأدين ما وقع لها من عدوان همجي عبثي؟ وكيف لا ينتابني الخوف والجزع على مؤسسة صحافية ناجحة يراد إطفاء وهجها ودونما جنحة أو جريرة غير تغريدها خارج سرب الحوثية ومليشياتها؟ كيف لا أحزن وأتألم وأخاف واجتياح مؤسسة صحافية وفي وقت ثوري لم يهمد عنفوانه؟..

وأكثر من ذلك هو أن يتم الاستيلاء على المؤسسة ومقدراتها ومن جماعة ما فتأت حاملة للواء الثورة والتغيير ومحاربة الفساد ومحاسبة رموزه واستعادة الأموال والحقوق المنهوبة والمسلوبة وهكذا دواليك من الشعارات الثورية الطنانة التي تم استخذاءها ببيادة أول مسلح مقتحم لبوابة مؤسسة صحافية مدنية، ومع أول ناهب لسيارة توزيع، ومع أول منشور مطبوع دون موافقة أو معرفة مالك المؤسسة.

ما لا يدركه كثير من الناس هو أن مؤسسة "الشموع" تمثل قيمة وطنية ومجتمعية وصحافية. دعكم من تلكم التصنيفات القائلة بتبعية المؤسسة للواء علي محسن، فمثل هذا التصنيف الظالم لم تسلم منه أية صحيفة ناجحة، فحسب علمي أن صحف أهلية عدة مثل "الأيام" و "الشارع" و "الأولى" والقائمة لا تنتهي من الصحف أو القنوات التي بكل تأكيد نالها ما نال من هذا التوصيف غير منصف وغير الواقعي أو المهني.

فمثلا "الأيام" لطالما قيل بأنها مدعومة من شخوص نافذة في السلطة أو المعارضة؛ بل وأكثر من ذلك إذ هناك من تحدث عن دعم خارجي.. "الشارع" و "الأولى" وسواهما من الصحف الأهلية الناجحة التي لم تسلم من هذا التصنيف الجائر أحيانا.

فهذه مدعومة من قائد الحرس السابق، وتلك خلفها العواضي أو البركاني أو حميد الأحمر أو عمار أو يحيى أو جلال هادي وهكذا دواليك من التصنيفات المتوافرة، فعلى فرضية صحة هذه التبعية أو الدعم؛ فهل يقلل من كونها صحافة ناجحة بمقياس ما تنشره وتوزعه أو تمنحه من قيمة وفائدة للمجتمع وللحريات والحقوق.

تغريدة:

في الشدائد والمحن تختبر معادن البشر، الزميل الرائع/ نائف حسان, أثبت أنه من الصنف الذي يتوجب الاعتزاز به كمثقف وناشر صاحب مبادئ لا تقبل التفريط، يكفي أنه خصص حيزا يوميا لنشر تضامنه مع صحيفة "أخبار اليوم".

 وإذا كان حسَّان قد جسَّد بتضامنه أروع صور النبل والمهنية فإنه بالمقابل هناك صحف كُثر كان موقفها لئيماً ومخجلاً وغير نزيه، فبرغم أنها ملزمة مهنياً وأخلاقياً وأدبياً كي تعبّر عن موقفها حيال ما حدث لمؤسسة صحافية إلَّا أنها مع ذلك لم تكلف نفسها عناء التضامن كأقل واجب تفعله.

في الأحد 08 مارس - آذار 2015 04:01:44 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=78355