من معايير القرآن لأفعال الجبارين وقيم المصلحين2
د. عبدالواسع هزبر
د. عبدالواسع هزبر

📖 قال تعالى : [{ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبين() فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِين }] "القصص:18-19".

🔴 تشير الآية إلى أن الأمة الآدمية في كل زمان ومكان تتشوف إلى مجتمع آمن، إلى مجتمع متعايش، إلى أناس فيهم قيم العدل والحرية والمساواة واحترام الحقوق، إلى نظام يسوده الأمن والسلم السلام الاجتماعي، وقيم العفو والتسامح والتصافح والتصالح المجتمعي والأخلاقي في كل المجالات، إلى حياة تحرِّم التعالي والتجبر على الآخرين، وتجرم عصابات الجهل والفسوق والعصيان البطش وتطبيعها في المجتمع واستمرائها . 

💢 تتشوق المجتمعات الإنسانية في أممهم وفي بلدانهم إلى قيم العدل وأهل العدل المصلحين الذين ينشرون هذه القيم ويطبقونها في الواقع، يتشوقون إلى أهل المعروف والفضيلة والإصلاح بين الناس، إلى الذين يردمون هفوات ذات البين، إلى أن الناس يطمئنون إلى وجود المصلحين الدينيين والاجتماعيين في أوساطهم استجابة للفطرة الإنسانية وللضرورة البشرية كي تتجنب الأمة قيم الجبارين الطغاة، والبطاشين البغاة .

🔴 هي لفتة تفسيريهة طيبة نقلها لنا أهل التفسير الأوائل فيها تشنيع على الظلمة البغاة الطغاة المستبدين الذين يعتدون على الآدميين أمثالهم، ويقتلون الواحد والإثنين والثلاثة بغير حق أو أمر من الله، وأن فاعل هذه الأعمال هو في نظر العدالة من المجرمين المتجبرين المسرفين في الإجرام، أنه من الناشزين عن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، أنه من الشاذين في الأخلاق والسلوكيات والتصرفات، إنه من المسرفين في القتل الذي تجاوز الحدود في الإسراف الدموي حيث قتل نفس أو نفسين بغير نفس؟!!

📌📌 فماذا نسمي اليوم من يقتل المئات من الناس الأبرياء، عشرات الألاف من الناس الأبرياء ، مئات الآلاف من الناس الأبرياء، يبيد محافظة باكملها، شعب بأكمله، يهلك الحرث والنسل والعمران؟ ماذا نسمي هذا في زماننا هذا، في عصرنا هذا، في عمرنا هذا؟ ماذا نسمي وبماذا نصف من فعل ذلك، في فلسطين، في غزة فلسطين، في أرض الكنانة، في البوسنة والهرسك، في سرايفوا، في ما ينمار، في أفغانستان، في حماه، في حلب، في سوريا، في الفلوجة، في الموصل، في العراق، في الأهواز، في لبنان، في تعز، في مأرب ، في البيضاء، في ربوع اليمن؟!!.
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك- جامعة تعز.

في الأربعاء 07 سبتمبر-أيلول 2016 12:42:13 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=78697