الدولة..كيان سياسي جامع
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

الكيان السياسي الجامع هو مطلب جماهيري منذ أن برزت القضية الجنوبية على السطح، وكانت هناك محاولات للم شتات المكونات الجنوبية المتناثرة، بدءاً بالتصالح والتسامح لتجاوز الخلافات والإجماع على كلمة سواء في حمل القضية الجنوبية أمام الأطراف الأخرى، هو جبهة عريضة تضم في طياتها كل الأطياف الفكرية والرؤى والتوجهات ليكون جامعاً، دون ذلك لن يكون سوى حزب أو مجموعة أحزاب ومكونات تتكتل من أجل قضية ما كتكتل اللقاء المشترك، علينا كجنوبيين أن نتجاوز الشكوى والبكاء لننتقل للعمل على تأسيس كياننا الجنوبي الذي يجمع الكل تحت سقف مشترك يتجاوز الخلافات والاختلافات، علينا أن نقطع الحبل الوريدي الذي يغذي الفتن والصراعات، لنعترف بحق الجميع بهويتهم الجنوبية وبحقهم فيما يطرحونه بحرية وشفافية دون اغتصاب لهذا الحق أو تخوين أو تكفير، فالجنوب متنوع فكرياً وثقافياً وسياسياً وهذا مصدر ثراء ورقي للمجتمع الجنوبي ليكون جزءا فاعلا في الوطن والإقليم، من يريد أن يجعل من هذا التنوع مشكلة ومعضلة، هو يُبيت السوء بالجنوب وأبنائه، ليغتصب الجنوب ويختزله في مشروعه.
 أعتقد أن الجنوب تجاوز مرحلة المطالبة ليبدأ العمل، ومرحلة التكتلات لمرحلة الإجماع، فالجنوب اليوم يعوّل عليه أن يقدم نموذجا للدولة ويعبر عن ثقافة أبنائه المدنية وطموح وآمال الجماهير الغفيرة، اليوم نحن في المحك لنقدم أنفسنا ومشروعنا على الواقع، ونبني دولة حلمنا وتغنينا بها كثيراً.
أخطأنا حينما اختزلنا الشمال بالمخلوع وعصابته وفيها من الجنوب من هو أخطر، وانجر البعض لمعاداة الشمال كجغرافيا، هل نترفع عن هكذا خطاب يجر البلد في صراع ندي كجغرافيا شمال وجنوب لنكون في جبهة واحدة ضد الانقلابيين؟ من الخطأ أن نقارن أنفسنا بهم، المجلس السياسي في الشمال هو جزء من مسلسل اغتصاب وطن، واختزاله في الحوثي والمخلوع وأنصارهما وشرعنة انقلابهم بهذا المولود الغير شرعي.
الدولة هي الكيان الجامع، وعندما توجد الدولة يسهل حل كل قضايانا، الدولة الضامنة للحريات والعدالة التي يقاتل أبناء الوطن الشرفاء من أجلها في الجبهات، الدولة التي اغتصبها المخلوع، وحولها لمزرعة تخصه، والبقية مجرد موظفين لديه يأتمرون بأمره، ومن يخرج عن الطاعة، إن لم يرم بالرصاص لوضع حد لحياته يرم بسيل من التهم تقيد حريته وتنتهك كرامته ويداس، هذه الدولة التي يجب أن تستعاد لتكون مكونا جامعا يعيد لكلٍ حقه وكرامته وآدميته ومواطنته، ويستفتى على شكلها وجوهرها.
الفرصة سانحة ليفرض الجنوب ذاته على الأرض، دون الاعتماد للدعم الإقليمي والدولي، نحن أمام مخرجات حوار، وشرعية معترف بها دوليا وإقليميا، وحتى لا نكون مصدر قلق وخروج عن هذا الإجماع الدولي والإقليمي، وها هو الجنوب تحت قبضتنا، لنبدأ بتشكيل الأقاليم وكيان الدولة فيها، لنبدأ بإرساء مؤسسات الدولة والمؤسسات التشريعية، لنكون جاهزين لمواجهة أي صلف من الأطراف الأخرى، ونواجه التحديات.. هنا التحدي الحقيقي، الجيش الوطني موجود في الجنوب وتشكلت وحداته وبدعم الأخوة والأصدقاء، الذين أنقذونا من الاغتصاب الآخر للأرض والثروة في الجنوب، وكانوا القوة التي أوقفت قوى العنف والجيش العائلي من الاحتفاظ بالجنوب والشمال كمغتصب بأيديهم وتحت طاعتهم، فلدينا اليوم من يحمي الأرض ويرسي الأمن، إذا ما تخلصنا من المليشيات الطائفية والأمراء الذي يعكرون صفو الجنوب..
 المقاومة في الجبهات، والمناطق المحررة يجب أن ترسى فيها كيان جامع هو الدولة ومؤسساتها أمنية وعسكرية، ودمج كل المكونات والمليشيات لهذه المؤسسات تأتمر بأمر الدولة وتخضع لقوانينها، وتحمي مكتسباتها وقراراتها وتكون صمام أمان لعدالة ونزاهة هذه الدولة وإرادة الجماهير وطموحهم وآمالهم.
ماذا يريد المواطن الجنوبي غير سيادته وكرامته وحقه في الثروة والسلطة؟ يريد العدل والحرية والمساواة، يريد الأمن والأمان، يريد وطنا خالٍ من المتنفذين واللصوص والفاسدين والمستبدين والطغاة وناهبي الأرض والثروة والمصلحين والإرهاب والإرهابيين.. يريد كيان دولة تدير شئون البلد وتوفر احتياجات المواطن من كهرباء وماء ونظافة وصحة ومعيشة تناسب مستوى دخل المواطن وتوفير فرص العمل والنهوض بالبلد ليكون حضنا دافئا وخيرا للجميع في فرص عادلة ومتساوية.. يريد وطنا ديمقراطيا حرا، الكل فيه سواسية أمام نظام وقانون.. يريد تفعيل المؤسسات الرقابية والمحاسبية والقضاء والنيابة لمحاربة الفساد والمجرمين واللصوص.. يريد وطن يعيش باستقرار وازدهار اقتصادي وسياسي، ليكون مصدر خير ونماء في المنطقة، لا يريد معاداة أحد أو دولة أو جار، وأهم ما في الأمر أن الجنوب يجب أن يظل حرا، لا يعود لتبعية احد كان جنوبيا أو شماليا أو إقليميا تبعية فكر وطائفة ومنطقة، مستقبل وسيادة الجنوب بيد أبنائه بنظام ديمقراطي حر ونزيه الشعب مصدر السلطات والدستور والمصير.
في الأحد 18 سبتمبر-أيلول 2016 02:59:42 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=78742