في ذكرى الشهيد جار الله عمر
أحمد عثمان
أحمد عثمان
جار الله عمر ليس شخصية عابرة في طابور الزعماء بل هو خلاصة نضالية وزبدة وعي وطني قاده جار الله عبر تجاربه الطويلة مستفيدا من إخفاقات ونجاحات مسيرة القوى الوطنية وجاء تأسيس اللقاء المشترك كقفزة استثنائية ومعجزة من معجزات الحكمة اليمنية القادرة على كسر الجمود والتحرر من العادة السيئة الحاكمة والمتحكمة بحركة الأفراد والجماعات وتجاوز لأسوار التعصبات الوهمية التي تفخخ الأوطان وتقتل أحلام الشعوب .
جار الله عمر حالة وطنية ناضجة وهو زعيم ليس للحزب الاشتراكي والمشترك فحسب بل زعيم وطني بحجم اليمن وأحلام الشعب ومن الواجب أن نقف عند مشروعه الذي مات من اجله وكافح للوصول إليه.
من الوفاء لشخصية بحجم جار الله أن نكون أوفياء مع مشروعه، المشروع الوطني الذي يستحيل بناءه بدون ثقافة ومبادئ المشترك الوطني الذي ينقل الأفراد والاحزاب من دائرة الصفرية واللاقيمة إلى دائرة الرقم والقيمة الوطنية والإنسانية .
لقد تعلمنا من جار الله التحرر من قيود المصلحة الحزبية الضيقة فالحزب الذي لا يتحرر من عصبياته لا يمكن آن يساهم في تحرر الوطن والحزبية التي تتخذ من العداء للأخر أيدلوجية وديدن .
ليست إلا وباء للوطن وعامل إضعاف ولأن مشروعه ورفاقه في المشترك كبيرا فقد جوبه هذا المشروع بالحرب المتعددة القرون ومازالت تشن من كل الجهات فنجاح هذا المشروع يعني موتا لمشاريع الاستبداد والظلام التي تعيش على حالة العصبيات المتناحرة
لقد استهدف تغيب جار الله تغيب المشروع الوطني الناهض وتفجيرا للوسيلة التي لا تقل أهمية عن الغاية ولقطع الطريق على مسار التغيير بروح الجماعة الوطنية الواحدة .
توقف قلب جار الله لكن مشروعه لم يمت و لم تتوقف مسيرة المشروع الذي أسسه جار الله ورفاقه وفي مقدمتهم الأستاذ/ محمد قحطان القابع اليوم في سجون أعداء المشروع الوطني وخصوم الشعب والدولة بل تفجرت ينابيع إرادة جديدة في الشارع اليمني الشعبي والسياسي ورأينا كيف قاد مشروع المشترك حراكا فاعلاً وبتماسك مذهل ابتدأ بوحدة الموقف السياسي وإخراج مشروع سياسي واحد أنتجته قوى كانت إلى ما قبل (جار الله) تتضارب على (مربط العنز) الميت وتتقاتل على الوهم ويستحيل أن تنتج جملة مفيدة ما بالك من مشروع سياسي مكتمل مع استعصاء على التفكيك وذهبت تتقدم بثبات تحفر بأظافرها في جدار الاستبداد الغليظ مروراً بالمظاهرات والحراك الشعبي النشط وتوقفا عند المحطة التاريخية التي قادها زعيما آخر بعصامية نادرة وهو الرئيس/ فيصل بن شملان، الذي كانت حملته الانتخابية ثورة بكل معالمها ومسماراً في نعش الاستبداد العائلي وصولاً إلى ثورة 11 فبراير الذي كان بطلها الشباب وكل الشعب والتي أسقطت عرش الاستبداد وعرته تماما .
لكن المؤسف أننا اعتقدنا حينها أن سقوط الاستبداد نهاية المطاف وإيذان بإهمال العقد الوطني وربما رأى البعض رميه في سلة المهملات، وعندما ينحدر الناس نحو القاع لا يعدمون المبررات ولا المخربين الذين يتقدمون في الفراغ ويتقافزون من كل (زغط) وحفرة... ونسينا آن مشروع قلع الاستبداد المتجذر وبناء مشروع دولة وطنية ومجتمع واعي أطول بكثير واعمق ويحتاج إلى مساحة تمتد لعمر أجيال لإتمام بناء مجتمع متعافي من رواسب التخلف ودولة قوية وسليمة.
ومع هذا كله فان الحقيقة التاريخية توكد ان مسيرة الشعوب التي تمهر بالدماء لا تتوقف مهما كانت العوائق وهي تجد ألف وسيلة لكي تتماسك لتنجو وتنهض وتتجدد وتهزم روح الهزيمة وتنطلق نحو الهدف لتصل الى المدى والمنتهى.
في ذكرى استشهاد الأستاذ/ جار الله عمر- الأمين العام للحزب الاشتراكي- مهندس مشروع المشترك الوطني نتوجه برسالة إلى أعضاء الحزب الاشتراكي والإصلاح والناصري وكل القوى اليمنية وأبناء الشعب بقراءة مشروعه جيدا وإعادة قراءة كلمة الوداع ووصيته الوطنية التي ألقاها في مؤتمر حزب الإصلاح والذي خاطب الإصلاحيين كواحد منهم ومن خلالهم خاطب الشعب والتاريخ للنهوض الجمعي ضد الاستبداد ونزع أنانية التنازع والإضعاف وتجنب طريق الفشل كضمانة لتحقيق الانتصار الكامل لشعبنا وبناء دولة المواطنة المتساوية والنهوض الحضاري وهي وصية تستكمل وصية الزبيري والنعمان وكل الآباء الذين كبروا بحجم الوطن.
والحقيقة أن هناك نماذج مبشرة تبزغ بوعي وطني رفيع ألحظها هنا في تعز في صفوف شباب الاشتراكي والمشترك وشباب تعز عموما تكمل المسيرة وتحافظ على المنجز رغم كل الدوشة المثارة والزعيق المربك من مصدري( الطنين) الفارغ الذي لا تخلو منهم أي فترة نضالية والذي ينتهي أثرهم السلبي بأن يشعل كل فرد شمعته الخاصة ليمضي مستلهما الطريق فالخطر ليس في (طنين) البعوض وإنما في التوقف والإنصات إلى الخواء الموحش ...تخلياً عن الضوء.


في الإثنين 02 يناير-كانون الثاني 2017 03:12:32 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79001