شبح الماضي وتصالح الحاضر
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
تسعى بكل ما أوتيت من قوة ومخالب اكتسبتها على مدى فترة تسلطها على الوطن والأمة لتبقي الوطن سقيم هزيل غير معافاة تحت آسرها وقبضتها وتسلطها أنها قوى الماضي , عقيمة الفكر وبائسة الوعي , قوى تعيش في ذلك الزمن الذي أعطاها الحق في التمايز والحكم , زمن تجاوزه العصر والطموح والتغيير , صار اليوم مجرد تاريخ وعبره وموروث محفوظ في كتب التاريخ ومتاحف التراث الشعبي والإنساني , كانت له أضراره على العلاقات الاجتماعية ,ونهضة وتطور وطن , وكرامة وعزة إنسان , فلم يعد فاعلا اليوم , والشعوب تنمو وتتطور ثقافيا وفكريا واجتماعيا ومثلما لها ماضي لابد أن يكون لها حاضر وحاضرها بضرورة أفضل من ماضيها , أنها الشعوب الحية التي تنبض حرية ومساواة وعدل شغوفة في حياة أفضل ومستقبل وضاء .
الشعوب الغير حية هي تلك المستسلمة للأمر الواقع , الخانعة للتمايز وسيادة فئة على فئة من عباد الله خلقهم أحرارا واردو لهم أن يكونوا رعيه وعبيد , في زمن الثورات التحررية الإنسانية والثقافية والفكرية زمن الجمهورية والديمقراطية , مساواة وحرية وعدالة اجتماعيه . 
التغيير عدوهم الذي سيحرر الشعوب من هيمنتهم وبطشهم , والعدالة ستفضح جرائمهم وتعريهم من الزيف , بقائهم على كاهلنا مرتبط ببقاء الماضي بكل عفنة و وأجاعه , تلك هي خيارتهم الإستراتيجية , تلك أولوياتهم , في الإعلامهم يروجون للماضي ويستدعون فتنة وصراعاته السلبية , وفي الواقع يعززون أدوات الماضي نظام وثقافة , معيقين لحركة التاريخ وتطورات العصر والتغيير الحتمي .
قوى لم تستوعب التطورات الجارية في العالم بل ترفضها وتقاومها مستخدمه أحيانا العادات والتقاليد وأحيانا المقدس وإفراغه من معانيه الإنسانية النبيلة لتحرس قيمها وأهدافها الرجعية المتخلفة راميه بالمصلحة ألعامه للوطن وآلامه خلفها.
قوى لا ترى في الوطن سوى وسيله لإشباع رغباتها الذاتية الأنانية الضيقة , تعزز الولاء للسلالة والطائفة والمنطقة والهوية الصغيرة عن الولاء للهوية الوطنية الجامعة , هم يعيشون متطفلين بتلك الأمراض التي تخدمهم وتبقيهم متسلطين , بعقول متحجرة متصلبة ترفض التحرر من مخلفات الماضي وتجاوز ماسية , كلما اشتد عود الوطن ويعلوا فيه صوت الحق والعدل , يراوغون يوزعون الأدوار بينهم للقضاء على أحلامنا وطموحاتنا .
الكل لاحظ جنونهم بمجرد إعلان العدالة الانتقالية لتحقيق العدالة الاجتماعي, خوفا من تاريخهم الإجرامي وانتهاكاتهم السافرة , خوفهم من النظام والقانون , العدالة رعب حياتهم , فيتصدون لها بكل بجاحة ودون خجل , يحلو لهم العيش في أجواء مشحونة بالعنف والإشاعات والأكاذيب والفوضى .
التصالح والتسامح هي ثقافة قبل أن تكون شعار وفعالية , ثقافة يجب أن ترسخ بالعدالة الانتقالية وترسي عدالة اجتماعية , ينصف فيها الضحايا , يعترف فيها المذنبون بأخطائهم , هي ثقافة يجب أن تبنى على أساس تقييم علمي للمرحلة ويشار بوضوح لمواقف الخلل والإخفاق وسياسة الفشل , منطق العقل يتطلب أن نقف وقفه صريحة وناضجة لنحلل ماضينا ونرى ظلاله على حاضرنا وسيطرت شبحه على أفكارنا , نحتاج لترويض هذا الشبح لنتحرر منه في الحاضر و ننطلق للمستقبل لنتجاوز ماضينا السيئ و نكن جزءا من الحاضر منطلقين للمستقبل ليستعيد الشعب إرادته في تقرير مصيره واختيار السبل المثلى لحياة أفضل ومستقبل وضاء .
أيها الشباب انتم عماد المستقبل ورجاله الحقيقيين , انتم ألان نصف الحاضر ستكونون غدا كل المستقبل فلا تجعلوا قوى الماضي تفسد مستقبلكم عزيمتكم وإصراركم وتوحدكم هم سلاحكم لإزاحة قوى الماضي من طريق مستقبلكم وعليكم مواصلة الفعل الثوري القادر على إحقاق الحق وإجهاض الباطل لان حركة الجماهير كالسيل الجارف الذي سيهد أوكار الجهل والتخلف والاستبداد مهما كان جبروته وتصلبه , الوعي هو الحصين من فيروسات الماضي اللعين , والله الموفق                        


في الأحد 15 يناير-كانون الثاني 2017 02:49:55 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79112