كلام للعقلاء!!
محمد علي محسن
محمد علي محسن
الأحزاب السياسية، هي في المحصلة مجموعة من الأفكار والعقائد والرؤى النظرية التي تم صياغتها على هيئة أنظمة وبرامج ومبادئ عامة، تعتنقها جماعة من الناس، وتعمل من أجل تجسيدها في البيئة المحيطة، مستخدمة كلما هو متاح من الوسائل والأدوات المتعارف عليها وطنيا ودولياً .
إذن، الأحزاب هي أفكار ومعتقدات سياسية، فالاشتراكيون يعتقدون بإمكانية تحقيق العدالة والمساواة بين كافة البشر ودونما تمايز طبقي أو تفريق بين جنس ولون ودين .
والقوميون "ناصريون وبعثيون وسلافيون وألبان وألمان وأتراك وأين وجدوا" يعتقدون بوحدة الأمة الواحدة ومنطلقهم لتحقيق ذلك خصيصة اللغة الواحدة والتاريخ المشترك لمجتمعاتهم المتناثرة في أكثر من بلد متجاوزين بذلك الاختلافات والفروقات الأثنية والدينية والجغرافية .
الأخوان المسلمون أيضاً يعتقدون بإمكانية إعادة الخلافة الإسلامية التي كانت سائدة خلال ١٤ قرناً مضت وحتى سقوطها على يد مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية مطلع العشرينات من القرن الماضي .
وهناك الوطنيون والديمقراطيون والليبراليون وغيرها من المسميات الدالة على عقائد سياسية صنيعة تجربة إنسانية تاريخية حضارية وليدة التطور الإنساني .
الخطورة ليست في وجود الأحزاب اليمينية او اليسارية او الوسطية وإنما الخطر الأكبر في غيابها.
فعلى فرضية أن غالبية الجنوبيين ليسوا مع دولة اتحادية فيدرالية ويفضلون خيار الدولة الجنوبية المستقلة في إطار حدودها السابقة؛ فهل ستقام هذه الدولة بالرغبات والأمنيات أم يستلزمها أحزاباً وأفكاراً ومؤسسات مجتمع مدني ونقابي؟؟ .
الذي يقول إنه لا يقبل بالحزبية في الجنوب، أعتقد أنه إما جاهل أو متطرف متعصب لا يختلف عن الجماعات الدينية التكفيرية .
فالجماعات الدينية تفتك وتذبح للأسف كل من يخالفها في فهم وتأويل ما هو مقدس، وذات الحال يتساوق مع أولئك الذين يلهجون اليوم باسم الحداثة والتطور وفي ذات الوقت لا يجدون حرجاً في رفض الحزبية وهدم كياناتها وتهديد دعاتها بعظائم الشرور .
وإذا كان هذا هو حال كل من لا يؤمن بحق الآخر في الاعتقاد الديني أو السياسي؛ فإن ما هو خطير هو أن تعثر مثل هذه الاعتقادات الخاطئة على بيئة يسود فيها الجهل والفقر .
فالجهل لوثة ذهنية مؤثرة للغاية في تفكير وسلوك البشر، وإذا ما أضيف لها بطن جائعة فبكل تأكيد ستصنع إنساناً غير سوي وجل قدراته هي ارتكاب جرائم ضد التعايش والتسامح والاستقرار والتطور الإنساني الديمقراطي الحضاري .


في الخميس 26 يناير-كانون الثاني 2017 06:47:53 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79204