لم يكن الحوار تسوية فوقية كان عملية تفكيكية نقدية للواقع
د.ياسين سعيد نعمان
د.ياسين سعيد نعمان
الحوار الوطني هو الحجة القوية الوحيدة التي سجلها اليمنيون على تاريخهم المكتظ بالصراعات والمليء بالحروب وبالدم.. وهو حجتهم على القوة البليدة التي ظلت تنتقل من يد إلى أخرى لينال اليمنيون من بعضهم البعض في دورات من العنف والغطرسة وفرض الإرادات العمياء.. 
كان الحوار هو الميراث الوطني الذي أخذت روافده تتجمع عبر المحطات النضالية الطويلة للحركة الوطنية اليمنية على امتداد عقود طويلة من الكفاح والتضحيات والأحلام، ومن الانتكاسات ومعاودة السير بأقدام أكثر رسوخاً وتجذراً في الأرض.
وكانت الثورة السلمية يوليو٢٠٠٧ /فبراير٢٠١١ هي المحطة التاريخية التي استقرت عندها الإرادة الشعبية على أهمية التغيير بالحوار الذي اعتمد النقد وتفكيك المشكلات وليس بالتسويات المعهودة التي تأخذ بأنصاف الحلول وتهمل إنصاف نضالات الشعوب وتضحياتها. 
لم يكن الحوار تسوية فوقية كما يحلو للبعض أن يطلق عليه في كثير من الأحيان ولكنه كان فعلا نقدياً تفكيكياً للمشكلات السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع اليمني تمكن معها من استخلاص "عقد اجتماعي" لم يكن بالإمكان الوصول اليه لولا هذه الثورة السلمية التي قاومت وستقاوم صفاقة المتمترسين وراء وقاحة الغطرسة بصيغها الملتبسة بمكر التاريخ والتي شكلت على الدوام العائق الأساسي أمام بناء الدولة المدنية وأغرقت البلد في مجاهيل الحكم الذي لا يحتكم الا الى قواعد القوة والعنف والتآمر والاقصاء والاستبعاد الاجتماعي والسياسي بما يتشكل في تجاويفه من تعالي وغطرسة ومنطلقات غاشمة في التمسك بتقسيم المجتمع الى حكام ورعية. 
 وضع الحوار نهاية لهذا التفكير الأعوج.. واصل أصحاب هذا التفكير اختبار قدرتهم على فرضه بالقوة الغبية، غير أن للحياة منطقها الذي لا بد أن ينصف تضحيات الشعب لنيل حريته في تقرير مستقبله وبناء حياته.


في السبت 28 يناير-كانون الثاني 2017 03:01:31 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79214