الثورة وصراع التناقضات
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
نحن لا نفرق بين حل النزاع وبين إدارة النزاع، و بين حل الأزمات وصناعة الأزمات، إنه العجب نتيجة لواقع عجيب فيه من التناقضات والمصالح المتعارضة التي تصنع أزمات سياسية انعكاساً لهذا التعارض، لدينا من المهارة في إدارة الأزمات أكثر من حلها، تتشعب وتتوغل وتنتج مظالم ثم أحقاداً وضغائن لا نصل للحل سوى بعد أن تكون الأزمة قد أوتيت أكلها فينا وتأصلت، فإن حلت الأزمة يظل التناقض قائماً منتجاً مزيداً من الأزمات.
نحن ندور في حلقة مفرغة، كلما تجاوزنا مرحلة نعود لنقطة الصفر ونبدأ من المربع الأول وهكذا، لأننا نريد حل أزماتنا دون حل تناقضاتنا، دون تغيير سياساتنا مع الآخر ودون تغيير الذات وتسوية الملعب دون وعي يتفوق عن الإرث المتعمق في مكنوناتنا العضوية والنفسية وتجاوز الماضي والتصالح مع الآخر والذات والواقع.
كل ذلك لا يعني غير أن الاستبداد لازال فينا، لازلنا مستبدين ومستكبرين ومعاندين ورافضين القبول بالتغيير والتصالح مع الآخر والذات، لازال الدكتاتور يعيش فينا وبيننا ثقافة وفكر وسلوك.
واقع اليوم هو انعكاس لواقع الأمس ولازلنا على نفس الخطى نسير، لم نتفوق على ماضينا، بل ظل لصيقاً فينا مؤثراً يجرنا لنكون مثله أو أسوأ منه.
روح الثورة والثائر بالقيم والمبادئ الإنسانية، إن فقدت الثورة إنسانيتها سقطت، والثائر الذي لا يستوعب الثورة وأهدافها السامية يتحول لمشكلة تعيق مسار الثورة، الثورات في العالم تجربة غير محتكرة لطائفة أو جماعة، هي ثورة الإنسانية جمعاء وثورات شعبية ينخرط فيها كل فئات الشعب.
مشكلتنا اليوم أن تناقضاتنا أوصلت البعض لخلل فكري وتشوه رؤى، ليُحمل فشله وغباءه على الثورة، ويتنصل منها معتبراًإياها ملكا لحزب معين، لازال أسير الموروث القديم، لم تغيره الثورة، ولا الصحوة الشعبية التي عمت كل أرجاء الأرض المعمورة في الوطن، هذا النوع صار مشكلة تواجه الثورة لتماهيه مع القديم يسيران بخط متوازي قد يلتقيان في نقطة حينها لضرب الثورة.
ما يحدث من لغط لا معنى له غير أن الوعي الثوري لم يتفوق بعد في البعض والتغيير لم يصل بعد للبعض، أو أن النظام القديم يخترق جدار الثورة من خلال تناقضاتها ليصنع صراعا وتفككا يخدمه، ويتوغل من خلال النقاط الأضعف في الثورة، الأضعف في تقبل التغيير، الأضعف في الوعي الثوري، الأضعف في القيم والمبادئ الإنسانية النبيلة والسامية التي تدل عليها كل أدياننا السماوية وقوانيننا الوضعية، التراحم التعايش قبول الآخر التضحية والفداء من أجل حياة كريمة وعزة وشرف للآخر قبل الذات بتضحية مناضل شريف محب متسامح طاهر الروح منفتح العقل وقوي الإرادة والشأن، اللهم أهد الجميع ليكونوا مع ثورة شعب تنتصر لإرادة شعب لنعيش معاً في وطن يستوعبنا.


في الإثنين 20 فبراير-شباط 2017 10:46:35 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79380