الإعلام وقولبة البشر
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
إلى أين يوصلنا هذا الواقع؟ وماذا عن طموحاتنا وآمالنا، ألم نثر لنتخلص من العفن ونرسم مستقبلاً يلبي طموحات وآمال الجميع، أم نترحم على ثورتنا فلازلنا تحت تسلطهم، لازال بعض منا قوالب في أيديهم وتحت تصرفهم تتصلب كلما مر الزمن، لازال فينا حنين لعبادتهم كأصنام كافرين بمشروع الوطن والأمة ومصالح العامة ، منقسمين طائفيا مناطقيا أيدلوجيا،كل ذلك ناتج عن قصور في العقل والتفكير، بحجب المعلومة و نقص المعرفة، اعتداء إعلامي على الآخرين بعملية القولبة وتصنيع الصورة النمطية السلبية، ووضع الناس والأفكار والأحداث في قوالب عامة جامدة، بحيث يمثل رأياً مبسطاً، أو موقفاً عاطفياً، أو حكماً متعجلاً غير مدروس، يتسم بالجمود وعدم التغير. 
لازالوا قادرين على صنع صورة نمطية خادعة تخل وتبسط وتختزل الصورة العامة للمشهد لخدمتهم، بإعلام يخطط له سياسيو القوى التقليدية في خطاب موجه، يصنع ردود أفعال تخدم توجهات وسياسات نحو الهدف المراد .
مكينة إعلامية تشوه الحقائق وتعمم المساوئ،وتستثمرها لتعيق حركة الجماهير في التغيير والتحول، اليوم في أشدها خطورة في أشكال الظلم الذي يتعرض له البشر في هذا العصر.
خطورة القولبة والتنميط في سلب حرية التفكير والاختيار، يصبح الفرد متلقي يتأثر دون أن يؤثر، لأن وسائل الإعلام أصبحت هي المصدر الرئيس لكل أفكارنا وتصوراتنا، عن الدول والشعوب والثقافات والديانات والمواقف والاختيارات السياسية ..الخ كم هائل من الشحن والتغرير، لمن يمتلك تلك الوسائل من رأسمال تلك القوى العفنة .
لهذا لازلنا مستغلين مخدوعين، الكثير منا بعيداً عن مصالحه والمشروع الوطني، تحوّل لشاقي في مشروعهم الرافض لدولة المواطنة والعدالة والحرية والمساواة، حيثما يجدون غضباً يدفعون به لأعلى مستوى، وما أسهل تسيير الغاضبين، يرفعون من وتيرة الصراع بحقن مزيد من الكراهية، حتى تستوي الطبخة ويبدؤون بالإشارة نحو شيطان شماعة كل أخطائهم وإخفاقاتهم وفشلهم وفضائحهم التي يكشفها العقل الراجح .
فلا غرابة من واقع اليوم الرديء الذي يرفض فيه صوت العقل والمنطق بل يتهم، واقع يتخلله جماعة من المبرمجين يطبلون للإفراد ويصنعون منهم أصناما محصنين من النقد والتوجيه، والنتيجة ديكتاتور ومستبد وطاغية باصطفاف طائفي مناطقي عفن، يؤدي لمستوى عالي من الفقر والجوع والمرض والمجاعة .
ذلك هو امتداد للواقع المشوه، العصي على التغيير واقع الجهل والتخلف، والصراعات السلبية التي أفقدت الكثير منا الوعي والإرادة وحرية الاختيار والتفكير.
ثرنا لنتحرر، والتحرر يحتاج لمستوى وعي اجتماعي وسياسي بمصالحنا، و مشروع وطني كحامل يجمع عليه الكل، لتكن الإرادة الجماهيرية هي المتفوقة بقيمها ومبادئها النبيلة والإنسانية وأخلاقيات النضال الإنساني في التحرر والانعتاق من سلطة الزعامة والمسيدة والمشيخة والأميرة، تلك أدوات ما قبل الدولة، ولن تستقيم الدولة بغير أدوات الحداثة والعلم ونقاء العقل والروح .
في كل لقاء وتكتل واجتماع انظر لأدواته وستعرف لما يرمي وما الهدف منه، لازلنا بعيدين عن استخدام أدوات المستقبل القادرة على خوض التحدي وشق الطريق للهدف السامي الدولة الضامنة للمواطنة والعدالة، لازلنا نتكئ على أدوات ما قبل الدولة في بناء الدولة، بإرادة جماهيرية موجها ضعيف، لن تتحقق آمالنا وطموحاتنا دون إرادة جماهيرية صلبة تهتز لها فرائصهم عندما تصرخ الناس وتعبّر عن مكنوناتها، أو تنتقد وتشير لخفاقات وفساد وانتهاكات من يديرون شؤوننا مهما كانوا .


في الأربعاء 26 إبريل-نيسان 2017 04:48:48 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=79830