الحرب اليمنية والوضع الإنساني وجهود السلام
د.ياسين سعيد نعمان
د.ياسين سعيد نعمان
في مبنى البرلمان البريطاني نظمت بعد ظهر يوم الخميس ٦ يوليو ٢٠١٧ المجموعة البرلمانية المختصة بشئون اليمن والمكونة من مختلف الأحزاب الممثلة في البرلمان All Party Parliamentary Group حلقة نقاش خاصة باليمن شارك فيها عدد من المختصين بالشأن اليمني وكذا ممثلون عن المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن.
تمحور النقاش حول الوضع في اليمن، العوامل الإقليمية المستجدة والمؤثرة في مجرى الأحداث، الوضع الإنساني، العملية السياسية والصعوبات المتعلقة بوقف إطلاق النار ودور الأمم المتحدة، الخطوات اللاحقة المطلوبة من المجتمع الدولي لمواجهة القضايا الأمنية والاقتصادية.
في حلقة النقاش الهامة هذه، والتي تعقد بعد توقف عن متابعة الشأن اليمني من قبل هذه المؤسسة دام أكثر من شهرين بسبب الانتخابات، عرضت وجهات نظر مختلفة من قبل الحاضرين حول القضايا المطروحة للنقاش، وعرضنا وجهة نظر الحكومة الشرعية على النحو التالي:
١/ أن أي نقاشات حول المسألة اليمنية لن تكون ذات قيمة إذا لم تركز على كيفية إنهاء هذه الحرب بدءاً من تصفية الأسباب التي قادت إليها، ونقطة البداية هنا تكمن في معرفة الأسباب التي قادت إلى هذه الأزمة والحرب وما تمخضت عنها من نتائج كارثية على الصعيد الإنساني.
٢/ إن إهمال جذر المشكلة، وهي هنا الانقلاب على الشرعية وعلى التوافق السياسي ومصادرة الدولة بالمليشيات وقوة السلاح، وتجاوزها إلى الحديث عن النتائج، لا يترك مجالاً لمعالجات جادة لهذا الوضع الكارثي.
ولذلك فإنه يجب احترام الأسس والمرجعيات ( المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية وعلى الأخص القرار (٢٢١٦) والقواعد التي أقرها المجتمع الدولي لتسهيل العودة إلى العملية السياسية، بما في ذلك الانطلاق من جذر المشكلة لبناء مقاربة بناءة ومدخل approach صحيح وعادلاً للحل الذي يؤسس لسلام دائم واستقرار للبلد على المدى البعيد.
٣/ إن ما حدث في اليمن من انقلاب ومصادرة للدولة تخطى حدود الانقلابات التقليدية ليضع البلد بأيدي مليشيات لا تعرف لها صفة، سوى أنها جماعات مسلحة ظلت في حروب مع النظام الاستبدادي القديم يغذيها وتغذيه، ثم لتتحالف بعد ذلك مع مكونات ذلك النظام السياسية والقبلية والعسكرية لتطيح بالدولة وتنشر الفوضى على نطاق واسع، وتمتد خطورة هذه العملية إلى الإقليم، كونها امتداداً للمشروع الإيراني في المنطقة، والذي يعمل على تفكيك الدولة بطابعها الوطني ليعيد بناءها على أسس انقسامية طائفية بما يحمله ذلك من مخاطر عدم الاستقرار وإدخال هذه البلدان في حروب أهلية مستمرة.
٤/ إن الذين يضعون إيران على نفس المستوى مع دول الخليج العربية من حيث العلاقة باليمن يتجاهلون حقيقة العلاقة التاريخية والجيو - سياسية والاقتصادية بين اليمن وهذه الدول، ناهيك عن أن أكثر من ثلاثة ملايين يمني يعملون ويمارسون نشاطهم الاقتصادي والتجاري في هذه البلدان ويعيلون ما يقرب من ثلث سكان اليمن، وهو ما يعني أن هذه الروابط القوية تجعل عملية جر اليمن إلى أي مواجهة مع هذه البلدان لعبة جهنمية غير مسئولة، وعلى هؤلاء أن يدركوا جيداً أن مصير هذه العلاقة لا يمكن أن يتقرر خارج هذه الحقيقة.
٥/ إن الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس هادي لطالما رحبت بكل الجهود من أجل السلام والعودة إلى العملية السياسية وفقاً للمرجعيات التي اتفق عليها الجميع منذ مؤتمر جنيف، وعملت بكل طاقتها على وقف نزيف الحرب. لقد رفضت الحكومة المناورة بعملية السلام بعيداً عن الأسس التي من شأنها أن تحقق سلاماً دائماً تنتهي معه معاناة الشعب إلى الأبد وتحقق الاستقرار والتنمية.
٦/ رفض تحالف الانقلابيين كل الدعوات إلى السلام، بل وعملوا على إفشال كل المباحثات التي رعتها الأمم المتحدة.. وكان آخر ما أقدموا عليه هو رفض البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن يوم ١٥ يونية٢٠١٧ والذي وافقت عليه الحكومة بكل ما لديها من ملاحظات حوله، وكذا رفضهم مقترحات المبعوث الأممي بشأن العودة إلى مفاوضات السلام والمقترحات المتعلقة بميناء الحديدة تجنباً لأي مواجهات عسكرية محتملة في هذه المنطقة الحساسة.
لقد أوصلوا العملية كلها إلى طريق مسدود مع ما تعانيه البلاد من كوارث انسانية بالغة الخطورة كالكوليرا وغيرها.
يتوهم الانقلابيون، ويعملون بموجب هذا الوهم، وهو أن تعظيم الكارثة الإنسانية سيدفع المجتمع الدولي إلى فرض حل لا يلزمهم بأي تنازلات، وأن استثمار الوضع الإنساني يغنيهم من ثم عن أي التزامات على طريق إنهاء الحرب والعودة الى المسار السلمي.


في السبت 08 يوليو-تموز 2017 03:57:14 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80108