أم الكوارث في تعز فرْض الجهل والتجهيل!(1)
د. عبد الواسع هزبر المخلافي
د. عبد الواسع هزبر المخلافي
 واجهت تعز و-لا زالت- تواجه كوارث استئصالية في كل مجالاتها المادية والمعنويّة، في الحكم والإدارة، في السلطة والسياسة، في القطاعين العسكري والأمني، في الحقوق والواجبات والمواطنة المتساوية، في حق الثقافة والتعليم والتربية، في الوظيفة والمال والاستحقاقات. كوارث لو يعلم هؤلاء (المُكرِّثون) الذين لا يكترثون بحق تعز واستحقاقها أنها ترتقى إلى جرائم حرب في حق أبناء تعز، بل في حق الإنسانية جمعاء.
⚫ كارثة عسكرية أمنية أنزلتها جماعة الحوثي وأنصار عفاش بالغزو والاعتداء والبغي على تعز في 2015 وحتى الآن . زامنتها كارثة دموية استباحة دماء الأطفال والشباب والشيوخ والنساء والحوامل والأيتام، حرب ضروس شرسة لا تفرق بين محارب ومسالم، ومقاتل ومواطن، نتج عنها دمار شامل في الأرض والإنسان والعمران، هذه الكارثة من صناعة الغزاة البغاة مليشيات الحوثي وقبائله وحرس عفاش وقواته الخاصة، ودونك التقارير الأممية، والمنظمات الحقوقية المحلية والأقليمية والعالمية.  
⚫ تلتها كارثة إنسانية في الخدمات الأساسية العامة والضرورية للمواطنين عنوانها الحصار الظالم المُطبق مادياً ومعنوياً، أولاً: الحصار المتعمّد من جهة الغزاة البغاة المعتدين القتلة تحالف الإنقلاب، وثانياً: الحصار الخاطئ الذي يرتقي إلى شبه العَمْد من جهة الحكومة الشرعية، وبعض قوى التحالف العربي، المتمثل بعدم الحسم والتحرير العسكري للمدينة وفك الحصار عنها، وتوقيف المرتبات عن موظفيها لما يقرب من عام كامل، الأمر الذي كان له ما بعده من الخسائر والأضرار الجسيمة.
⚫ تلتها كارثة بيئية صحية عنوانها تكدس القمامات والمخلفات والزبالات في المدينة، نتج عنها أمراض متعددة فتاكة قتلت المئات، ظهر منها تكرر وباء حمى الضنك والكوليرا بالتداول، وما خفي ولم يكتشف ربما أعظم بكثير، بسبب تعامي السلطة المحلية وعدم تفعيل المكاتب ذات العلاقة بنظافة المدينة وترتيبها.
⚫ تلتها كارثة الركود المالي وجمود الحالة الاقتصادية والتشغيلية للقوى البشرية الأمر الذي صنع البطالة شبه الكاملة للأيدي العاملة للعمال أصحاب الدخل أو الرزق اليومي، بل نالت القطاع الخاص لتوقف الحركة والنهضة والعمران، ثم انقطاع مرتبات كافة موظفي الدولة في القطاعين العام والمختلط على السواء.
⚫ تلتها كارثة عجيبة غريبة تخص قوى التحالف العربي والحكومة الشرعية في الداخل والخارج وهي اعتماد محافظة تعز وجبهتها القتالية مساحة للمقايضة والمناورة السياسية، ومساحة استنزاف للأطراف، فلا تعز أصبحت قادرة على الانتصار ولا هي تستطيح التراجع والانكسار، بسبب غياب القرار السياسي الآذن بالحسم والتحرير؟! فلا الشرعية تولت وحكمت، ولا التحالف حرر وحسم، إنها كارثة إطالة أمد الحرب، كارثة إهمال تعز حربيا وعسكريا وأمنيا وتسليمها للحرب تأكل خضراءها ويابستها بلا رحمة ولا شفقة!
⚙ تداعى أهل تعز إلى تفعيل السلطة المحلية ولو جزئياً، والأحزاب السياسية والجيش الوطني والمقاومة الشعبية بحسب قدراتهم الذاتية المتواضعة وبتعاون من المنظمات الإغاثية والجمعيات الخيرية والمؤسسات التنموية الداخلية والخارجية الداعمة كل بذل ما بوسعه وقدر الطاقة والقدرة على التخفيف من وطأة تلك الكوارث، فانتشلت ما استطاعت انتشاله من منظومة الإنسان التعزي الواقع بين كماشتي تلك الكوارث وأنيابها الحادة المهلكة للحرث والنسل ومقدرات التنمية والبنيّة التحتية.   
⚫ واليوم وما أدراك ما اليوم؟! إنه يراد لتعز المدينة ومديرياتها على الأقل المحررة منها أن تتجرع أم الدواهي، وكارثة الكوارث، وإعصار تسونامي ليضرب أبناء تعز، وعز تعز، وشرف تعز في عمق حضارتها، وتاريخها، وقوميتها، وفي أغلى ما يميزها، بل أعلى وأثمن ما تملك، وهو فكرها وثقافتها وتعليمها، ومدارسها، وجامعاتها، ومعاهدها، ومنظومة المدرسين التربويين والأكاديميين والموظفين، لتأتي هذه الكارثة المركّبة التي فرضها إهمال الشرعية المتعمد لإنسان تعز كالزلزال المدمر على أبناء تعز وأجيالها كي لا ينهضون بعدها أبدا .
⏪يتبع(2)


في السبت 16 سبتمبر-أيلول 2017 10:17:10 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80468