لوقف تسارع الانهيار
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
قد لا ينفع الأسف بعد أن نستيقظ من غفلة، نكون قد وصلنا لحافة الهاوية ما لم نكن قد سقطنا، كما سقط البعض للقاع، ليزيد من تسارع الانهيار العام لكل شيء في هذه الأرض المباركة، انهيار مؤشراته واقع اليوم، وكل يوم ننهار،واقع يقول نحن لا نبني بل نهدم، واقع مشحون بالخصومة والكراهية والإشاعة، واقع تجرد من كل القيم والمبادئ التي جعلت البعض بكل سهولة ينسلخ من هويته ليبحث له في أطلال الماضي عن هوية، واقع إرادته الحشد والحشد المضاد، لتوسيع الشرخ الاجتماعي والوطني، واقع جُرف من كل أدوات التنمية سياسية والاجتماعية والثقافية، ليتصدره أدوات ألا دولة والتخلف والطائفية والمناطقية، واقع فيه قوى الحداثة القوى الناعمة والمثقفة مقصية، تديره قوى العنف والمليشيات، عسكرة الواقع ليتحول لقنبلة موقوتة فتيلها بيد جاهل متخلف مجنون يمكن أن يفجرها في لحظة يشعر بفقدان المصالح وان الوعي والناس ترفضه.
لا يمكن أن يبنى وطن في واقع كهذا، واقع يتعلق بالإشاعة السياسية كإحدى الأساليب الشائعة للحرب النفسية والمستعملة بين أطراف رجال السياسة، نظرا لما لها من قدرة على التحكم في السلوك الإنساني من جهة، ومن جهة ثانية قوتها في التأثير على الجزء المستهدف من الإنسان وهو العقل، وهي نشر وترويج أخبار ومعلومات، سواء أكانت صحيحة أم كاذبة، هدفها الحصول على نتائج تتوافق والأهداف المرسومة لها، وتشارك في تحديد معالمها وسائل الإعلام المختلفة، التي تساهم في تشكيل عقول الجماهير وتوجيهها وحمل الأفراد على تحديد مواقفهم من أطراف القضايا السياسية أو الصراعات المختلفة. 
التاريخ يعج بالإمبراطوريات التي دمرتها حرب الإشاعة في مجدها، لما لها من تأثير في حركة الجماهير لما يخدم أجندات تتعارض كليا مع مصالحها، واقعنا اليوم يدفع بعض القوى الثورية والحركات الشعبية للعداء مع تغيير الواقع ليخدمها، وتهيم في وهم تصدير الثورة بأجندات خارجية، أجندات لا يوجد في تفكيرها ولا ثقافتها الدولة الضامنة ولا الديمقراطية ولا الشراكة، هي نفسها تعيش واقع الاستبداد والهيمنة والاضطهاد، ولن تصدر غير ما تملكه وفاقد الشيء لا يعطيه.
واقع اليوم بكل تشوهاته وأوجاعه ومآسيه، واقع يؤسس لبيئة تهيئ لنصر خاص ضيق الأفق، يخص جماعة صغير بحجم حشودها فقط حيث الوطن أكبر بكثير جدا من كل ذلك. 
الباحث عن نصر للوطن، هو ذات الباحث عن التغيير ومواكبة عصر النهضة والتكنولوجيا، تغيير الأفكار إزاء الآخرين ورؤاهم وتوجهاتهم، كيفية التعايش معم وقبولهم كطرف شريك دون نقصان متساوين بالحقوق والواجبات، يحكم بينهم نظام وقانون، من يسلك ذلك المسلك يحتاج لوعي وقناعات أصيلة تجرده من الذات والأنانية، سيكتشف حينها كم هو مخطئ عندما تصدمه مستوى تغيير الأشياء والأشخاص والجماعات بدورهم نحوه، وسيكتشف انه كان مخنوق بأفكار تقتله ببط قبل أن تقتل الآخرين، هذا الحلم الذي يجب تحقيقه ولن يتحقق دون أن نستيقظ من نوم عميق و وهم افقدنا القدرة على التفكير بعقلانية والتمييز بين الحق والباطل أن الباطل كان زهوقا.


في الإثنين 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 03:21:35 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80755