الجنوب حالة ثورية إيجابية
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
لا يمكن أن ننهض دون منهجية قوتها صراع الأفكار عصارتها فكر جديد يدفعنا قدما للأمام نحطم فيه قيود التعصب والتعالي الفكري والجمود العقائدي والشمولي، لنتخلص من التعصب وفق منطلقات مناطقية ودينية ومذهبية، لننفتح لمبادئ وأسس الديمقراطية وحرية الرأي والتعدد السياسي والفكري، وللوصول لاستحقاق وطني وانتخابات نزيهة وصندوق يعبر بصدق عن إرادة الناس.
دون هذه المعايير لا يمكن أن ننهض، سنظل نراوح مكاننا ونعيد إنتاج مآسينا ونجدد من صراعاتنا ونؤجل خلافاتنا كم فترة زمنية لتتفجر بقوة مرة أخرى لتعيدنا لنقطة الصفر، هكذا يريدنا البعض أن نبقى .
لم يكن الحوثي في شمال شمال الوطن قوة ثورية، بل هو قوة مذهبية عنصرية تستند على الحق الإلهي في التسيد على عباد الله، استغلت الحراك الثوري وانخرطت فيه، وعزفت على ما لحق بها من ظلم مستبد احتمى بالطائفة ليبقى حاكما، وهي ترى انه غير مؤهل في تمثيلها (إمام) وترى أن سيدها هو صاحب الحق في الإمامه، وتقبلتها مناطق الطائفة فالتهمته.
صدقها البعض واعتبرها حالة ثورية، واكتشف حقيقتها كفكر طائفي وعنصري يتغلغل في الوسط الاجتماعي ويعيد أدلجة البنية الاجتماعية للوطن، لكن بعد أن تمكنت من مفاصل السلطة واستأثرت بالقوة، واكتشف متأخرا انه ضحية.
للجنوب واقع آخر وثورة شعبية حقيقية لا غبار عليها، ترفض الاستبداد والتسلط والهيمنة، مبادئها حرية عدالة مساواة، دولة ضامنة وديمقراطية وتعددية، شراكة ورفض الوصاية والضم والإلحاق، قضية سياسية اجتماعية ثقافية فكرية، ترفض الطائفية والمناطقية والمذهبية، قضية إنسانية وإشعاع وتنوير، كل من يحاول الانفراد بها لتكن قضيته الخاصة بتضييق افقها وتقزيمها، سيختلف معه الكثير.
لا يمكن أن يتقبل الجنوب، استئثار طرف فكري وسياسي أو مناطقي به، استهلكته الزعامات والتسلط والسيادة والقادة كإفرازات الحرب، معانات الجنوب اليوم، الجنوب يطمح للنظام والقانون للقيم والمبادئ، وترسيخ مؤسسات الدولة الضامنة للمواطنة.  
كم من المغالطات لجر الناس لما لا يحمد عقباه باسم القضية، وأحلام وطموحات البسطاء واللعب على وتر المناطقية، وفشل نظام الوحدة اليمنية، بعضهم يعتقد أن التاريخ يمكن أن يعود للوراء ويعود الجنوب بأدواته كما كان في السابق، دون التفكير المنطقي بالتغييرات التي أحدثها مجرى التاريخ، تغيير الأدوات واللاعبين على المشهد،ما كان بالأمس مقبولا يرفض اليوم والعكس، وقراءة المشهد توحي بفقدانه لأدوات الدولة الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، معظم اللاعبون اليوم غير جديرين بذلك، سلوكياتهم وثقافتهم وتعاملهم مع الأخر برهن جلي، اليوم تتصدر المشهد الطائفة والمنطقة والتعصب لهما بالعنف، والرهان على مليشيا مسلحه لا تخضع للدولة تخضع لكنية (أبو عزرائيل)، ويا للأسف ممن يعتبر نفسه اليوم ممثلا وحيدا يتحدث باسم الجنوب وقادر على التحكم بالأمور لا سمح الله أن انفلتت فهو واهم، الانفلات القادم سيكون كارثة بكل معانيها، تفوق كارثة الحوثي وانقلابه، وستطفو على السطح قوى لم تكن في الحسبان، من سيتحمل المسئولية ؟! غير من دفع بالأمور لهذا المنحى الخطير.
لا مجال اليوم غير وحدة الصف الجنوبي تحت راية الشرعية، لإتمام المهمة التاريخية وترسيخ أدوات الدولة التي تضمن للجنوب والشمال معا حق تقرير المصير، بعد أن يكون قد تطهر المشهد من إفرازات الحرب وأدوات اللا دولة، ويكون قادر على استيعاب ما قد يحث من تغييرات تفرضها إرادة الناس في صندوق انتخاب حر ونزيهة.


في الأحد 28 يناير-كانون الثاني 2018 10:05:55 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=80997