فن صناعة الأعداء
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي


كان الحبيب المصطفى- صلوات ربي وسلامه عليه- يمارس أشرف وأرقى المهن، حيث كان يجيد استخراج الخير من رحم الشر وتحويل العدو إلى حبيب، فإن لم يستطع إلى ذلك سبيلاً فإنه يحرص على تحجيم الشر ومحاصرته ويعمل على عدم اتساع رقعته من خلال المداراة أحياناً.. وقد ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً استأذن للدخول عليه، فقال الصادق المصدوق "بئس أخو العشيرة هو"، فلما دخل عليه ألان له الكلام ورد على تعجب السيدة عائشة- رضي الله عنها- وأرضاها من هذا السلوك قائلاً:
" إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره".
وانتزع بقايا الشر من قلب أبي سفيان في فتح مكة من خلال رفع مكانته وإعطاءه مرتبة لم يكن يحلم بها قائلاً"من دخل دار أبي سفيان فهو آمن"..
و أستمال قلب صفوان بن أمية بإعطائه غنماً بين جبلين..
و لم يتعرض لرأس النفاق اُبي بن سلول قائلاً لمن استنكر ذلك "حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه".
و يحاول استمالة قلوب أتباع رأس النفاق بن سلول عند موته ويكفنه بردائه..
ويرد على عمر بن الخطاب- رضي الله عنه وأرضاه- الغاضب من ذلك الفعل قائلاً"يا عمر إن عباتي لن تغني عنه من الله شيئاً ولكن من خلفه قوماً أردت ان اتألف قلوبهم"
صلى الله على الرحمة المهداة
و يتقن كثيراً من أتباع الحبيب المصطفى فن صناعة الأعداء ويتناسون حكمتي القائلة
"اذا لم يكن صديقك فلا تصنع منه عدوا"
و ربع صديق خير من نصف عدو "
فالمخالف لهم في الرأي عدو مبين
والمستقل في قاموسهم مجرم و شيطان رجيم
و لا يهدأ لهم بال و لا يقر لهم قرار إلا بعد
أن يجبروا
الطرف الاخر على الاستعداء والوقوف ضدهم مع الأعداء
لأنهم يؤمنون بقاعدة تقول" إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا"
وحسبنا الله و نعم الوكيل
والله يزكيهم عقولهم


في الخميس 02 أغسطس-آب 2018 09:56:35 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81119