حضن الوطن أدفأ!
أ. محمد الدبعي
أ. محمد الدبعي


مابين الوطن والدين
والحزب والتنظيم
دليلي احتار!
ويا ترى أيهما أختار!
فلاسفة عصرنا اختلفوا
فسقط جميعنا في الاختبار.
والمعادلة في حقيقتها بسيطة وليس فيها أي تعقيد أو إشكال، إنما المشكلة تكمن في التربية سواء في البيت أو الجامع أو المدرسة والجامعة أو الحزب فهي كلها كيانات تنظيمية، يتربى فيها النشء، فينمو فيه التعصب للشيء، دون أن ينال حريته في التمييز، فينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه.
وكلنا عشنا ونعيش حالة انتماء لكنها مختلفة ومتفاوتة الدرجات، حتى حين كبرنا ورفضنا الانتماء لحزب ما أو جماعة ما فإننا نمارس الانتماء في هذه الحالة أيضا مع فارق بسيط هو أننا نمارسه بشكل فردي، ظانين أننا لا نمارس الحزبية والانتماء، وفي الحقيقة لسنا بمفردنا، هو حزب أفراده متفرقون وغير مؤطرين رسميا ويسمى حزب "الأنانية" أو حزب "الحياد" المشتت، وأفراده يمارسون السياسة ولكن بطريقة عشوائية وسلبية، وهذا يعني أنهم لديهم أفكارهم وقوانينهم الخاصة التي يؤثرون بها على المجتمع سلبا وتثبيطا.
وبما أننا كلنا ننتمي إلى جهة ما، فلابد من وضع ضوابط لنكون إيجابيين في مجتمعنا ونخدم وطننا حقا. وهذا يتطلب منا تحقيق توازن من خلال أربع عوامل رئيسة لابد وأن تتوافر في الفرد والكيان التنظيمي وإلا صرنا معادين للوطن والمواطن، ومعادين لأنفسنا ومصالحنا الجمعية:
- الوطن ومصلحته العليا فوق كل شيء.
- التعريف الدقيق للهدف في العضو والكيان.
- الممارسة الديمقراطية داخل الكيان الواحد وفي داخل النفس، وإسقاطه على العلاقة بالآخرين والكيانات الأخرى.
- التفاعل الإيجابي دون تعصب لرأي او لتنظيم، وهذا معناه التجرد.
ولابد للعقل والمؤسسة أن تشجع هذا السلوك الإيجابي وتتبناه وتنمي في أفرادها تقبل الأفكار والرؤى البناءة المخالفة، ودعم النقد البناء مهما كان وأيا كان صاحبه، وأن لا أحد فوق النقد.
هذا السلوك الحضاري يلغي مقولة العقلية الظلامية:
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت.. وإن ترشد غزية أرشد....
لتحل محلها القاعدتان الذهبيتان:
- الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية!
- سر النجاح يكمن في أن تفهم الرأي الآخر!
الوطن وقضاياه فوق رؤوسنا جميعا، ومقدم على النفس والجماعة والحزب، وفوق كل خصوصية واعتبار، فحب الوطن من الإيمان، وبهذا الشكل يكون انتماؤك التنظيمي انتماء للوطن ومصالحه.
في وسط هذا الانتماء لا تسكت عن أخطأ تراها، ولا تقبل بخطوات تتنافى مع مبادئك بحجة أن القيادة أدرى بالمصلحة منك، حيث ينصبون أنفسهم عليك على أنهم هم الموقعون عن الله الذين لا يأتيهم الباطل لا من بين أيديهم ولا من خلفهم، بمنطق هو أشبه بمنطق فرعون: "إن أريكم إلا ما أرى وما أريكم إلا سبيل الرشاد!".
فتجد نفسك في النهاية مدافعا عن الخطأ ومنافحا لأجله، بل وتبرره أحيانا أمام الآخرين فقط لأنه حزبك أو جماعتك! وكلما انخفضت نسبة وعي الأعضاء للفكرة التي انتموا من أجلها، كلما سهل تحريكهم واستحمارهم!
عليك أن تؤدي الشهادة المطلوبة منك (لتكونوا شهداء على الناس)، ولا تجعل من إطارك التنظيمي وثناً يعبد من دون الله. ولكي لا تقع في المحذور تذكر دائما قوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له)، واستحضر قوله ص: (لا يكون أحدكم إمعة)، ودفء الوطن لا يضاهى ولا يبارى، ولا يباع أو يشترى!
رحمك الله يا شهيد الأمة صدام حسين:
"إذا خانتك قيم المبادئ فحاول أن لا تخونك قيم الرجولة!"
وهلا بال-(الارتماء في حضن الوطن) وحيا به!
محمد الدبعي


في السبت 27 أكتوبر-تشرين الأول 2018 05:31:29 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=81511