الرئيس.. وسبع سنوات لمعاناة شعب
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

نهني فخامة الرئيس/ عبدربه منصور هادي، بالذكرى السابعة لتوليه رئيساً للبلد بأجماع القوى السياسية واستفتاء شعبي بانتخابات تثبيت شرعيته, رئيساً توافقياً يقود العملية السياسية لتغير الواقع وتحول منشود لشعب مغلوب على أمره, كان الأمل في أن يحدث هذا التحول ليلبي حاجاتنا كشعب ثائر, كنت أكثر المتفائلين بتوليه, بأن أحلامنا وطموحاتنا باتت قريبة, فسخرت قلمي ومقالاتي للدعوة للالتفاف حوله ودعمه سياسياً وشعبياً, كمظلة لشرعية بناء دولة جامعة, لضمان عدم تعدد الشرعيات والولاءات والأجندات, للحد من التمزق والتشرذم والشتات السياسي والاجتماعي, شرعية ذات قيمة رئيسية في عملية التغيير والتحول الموعود بمخرجات حوار وطني ومرجعيات تقود لمستقبل ينشده البسطاء والمغلوب على أمرهم, من الطامحين والآملين بوطن يستوعب كل أبنائه, ودولة اتحادية تحد من التسلط والهيمنة لمنطقة على مناطق, وطائفة على طوائف, وجماعة ذات مصالح أنانية, على المصالح العامة للناس جمعاً, دولة توقف الانفجارات التي تحدث انهيارات وتشققات, في جسد الوطن.
لا يهمني شخصية الرئيس من أين هو وما هو انتماؤه السياسي والفكري, بقدر اهتمامي بمخرج آمن وسلس للبلد, مع إيماني القاطع أن (ليس كل ما يتمناه المرء يدركه), متفهم للتحديات الكبيرة والإرث الثقيل والتراكمات الجاثمة على صدور وعقول الكثير منا, التي حالت دون إدراك ما نتمناه من أحلام وطموحات, فالرئيس في وضع لا يحسد عليه, فقد كان المتربصون له أكثر من الداعمين, والمنافقون أكثر من الصادقين, والضعفاء أكثر من الأقوياء, والمشاريع الصغيرة التي تتطفل مشروعنا الوطني, وانتهاز الفرص لتكون البديل.. وبما أنها مشاريع انتقامية, فأثرها على الواقع مسيء وسيئ على مسار التحول, تستدعي الماضي أكثر من الانتقال للمستقبل, وأسوأ ما فيها أنها مسلحة بلوبي مصالح وفساد ورؤوس أموال وأجندات خارجية, وارتباطات بمنظمات دولية وإقليمية, ومؤامرة عالمية على الأمة, فوجدت في التدخل الخارجي مرتعاً لها لتتغذى وتتحول لأداة بيد الطامعين بوطن, كل شيء كان ضده, حتى من لجأ إليهم من التحالف, كان لهم مشروعهم الخاص وأطماعهم الخاصة المتناقضة مع مشروع وطن وسيادته وإرادته.
تلك هي الظروف الموضوعية, التي لم تمكن الرئيس من السيطرة على مجريات الأمور, وإدارة مؤسسة الرئاسة بالصورة المطلوبة, مؤسسة تنخرها البطانة السيئة, من أقاربه ومعاونيه, لم يراعوا المهمة الوطنية التي يحملها.. همهم تأسيس لوبي مصالح وفساد, في تنافس حميم مع فساد ومصالح الماضي, أضعفوه وأساوا إليه كثيراً, حتى فرط ببعض أوراق قوته, ودفعوه لتعيينات غير مدروسة ولا مؤسسية, ولا تستند للمخرجات والمرجعيات التي يحملها, بل مرجعياتها, زادت من حدة الشتات والانقسام الحاد, مرجعياتها تخدم لوبي الفساد, استغلوا الرجل استغلالاً رخيصاً لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مشروع وطن ومستقبل أمة, كل هذا أضعف الرئيس, وخدم هذا الضعف أصحاب المشاريع الصغيرة, واليوم تحاك المؤامرة للانقلاب عليه, لصالح أضعاف البلد والتفريط في سيادته وإرادته وتمزيق أواصره, ليلبي حاجات مشاريع بالية رثة وأطماع إقليمية ودولية.
الحذر من سقوط الرئيس, هو سقوط لشرعية الثورة الشعبية, لمخرجات الحوار ومرجعيات التوافق السياسي, هو سقوط لأمل بالانفراج لدولة ضامنة للمواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية, وسنعود لدويلات استبدادية طائفية مناطقية, سنعود لوحل الانتقام والأحقاد والضغائن والصراعات السلبية وتصفية الحسابات, ما يتم اليوم من انفلات أمني واغتيالات وبسط ونهب ولصوصية وسقوط أخلاقي وقيمي هو مؤشر خطير للبديل السيء لمشروع الدولة الاتحادية, ما يحدث اليوم سيعمم غداً بصورة أقبح وأشد وطأة وألما وقهراً.
ما نحتاجه هو إصلاح مؤسساتنا الضامنة لترسيخ مشروع الدولة الاتحادية, ومنها مؤسسة الرئاسة, وتطهيرها من بطانة السوء والفساد الجاثم على هذه المؤسسة المعيق لمسار التغيير والتحول المنشود.. هنا تكمن مسئوليتنا في أن نكون صمام أمان لمشروع الدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة, والتصدي للعبثين وأصحاب المصالح في استمرار الحرب والفراغ المؤسسي والفوضى, الذين هم اليوم يكدسون الأموال, ويخططون لمشاريعهم الخاصة, ويعيشون نعيم الحياة والجاه على حساب الناس ومعاناتهم وأوجاعهم, مع الدولة الضامنة لحقوقنا جميعا ووطن يستوعبنا جميعاً ونظام وقانون ينصفنا جميعاً لنعيش ونتعايش بحب وعدل وسلام.


في الأحد 24 فبراير-شباط 2019 02:30:59 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=82092