هبوا لنجدة وطن
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان


لا يهمني قناعات الآخرين، فكل منّا معلق بقدرته على استيعاب المواقف، بعضهم يرى الصورة بنزعاته ومشاعره، ونحن نراها بعقولنا وتفكيرنا، ولا يمكن أن تقنعني مبررات سخيفة أن الإمارات تسعى لدعم الجنوب لاستعادة دولته.
للإمارات علاقة حميمة بالمصالح مع النظام السابق، منذ عشرات السنين ما قبل التحالف العربي لحرب اليمن.. شركاء في الاحتكارات والفساد وعصابات التهريب لكل أنواع التهريب، استثمارات ضخمة للأموال المنهوبة بل وغسيل الأموال، علاقة مصيرية لا يفرط فيها طرف بالآخر، وما خفي كان أعظم.
هم اليوم في حرب تحدٍ من اكتشاف خيوط هذه الشراكة وحسابات الأموال المنهوبة وجرائم وانتهاكات مخفية.
دخلت الإمارات هذا التحالف لتحمي النظام السابق والعلاقة بينهما ومصيرهما معاً، ومنذ الوهلة الأولى قامت بتشكيل مكونات سياسية وعسكرية وأمنية تخدم هذه السياسة، في سيناريو تراجيدي يقدّم صورة للأغبياء أنهم يدعمون استقلال الجنوب، مجرد لافتة لتنفيذ المخطط، قلنا هذا من أول يوم تدخّل فيه التحالف العربي في اليمن 2015م، وسَخِرَ عدد من الزملاء مما قلنا، بحماسهم المرتفع ومشاعرهم الجياشة، كانوا مسحورين بالصورة، بعضهم اليوم اعترف مؤخرا، أحدهم من كبار القيادات، على رأس تلك المكونات، لا نحتاج لذكر أسماء، ولازال البعض مسحوراً بالصورة والمال والجاه والحراسات والنثريات، وموهوماً بمحاربة الإخوانية وحزب الإصلاح، في كل معركة تواجه الإمارات في المناطق المحررة.
لا نبرئ الإصلاح من أخطائه، لكنه صار شماعة الفاشلين والمرتزقة والتابعين، وها هي تعز اليوم تكشف حقيقة هذا المخطط، هل تحتاج الإمارات لتحارب الإرهاب بمكونات متطرفة عقائدياً، كجماعة "أبو العباس" وما شابه "أبو العباس"؟, ولماذا لا تدعم تمكين سلطة الدولة على الأرض "الدولة بجيشها الوطني الذي يخضع لسلطة الشرعية والمحافظ ومؤسسات الدولة"؟ وتفرض على المكونات- التي تخضع لسلطتها وتتلقى الدعم منها- لتكون جزءاً من الدولة والجيش الوطني..
المستقبل لا يحتاج تفخيخ الحاضر بمكونات طائفية ومناطقية، والإعداد لمعارك جانبية صغيرة تلهينا عن المعركة الوطنية الرئيسية هي استعادة الدولة والشرعية الدستورية.
هل مطلوب منا أن نقتنع أن الدولة والشرعية والجيش الوطني هم مجرد أخونجية وحزب الإصلاح، والمليشيات التي تمارس القتل خارج القانون والنظام هي الدولة؟ المفروض من الإمارات والتحالف أن يدعم تجسيد كيان الدولة بشخصيتها الاعتبارية" الجيش الوطني والمؤسسات والمحافظ" ومحاربة الخارجين على القانون والمليشيات التي ترفض أن تكون مع الدولة، أو أن هناك سيناريو آخر يتمثل بضم تعز لسيناريو استعادة دولة الجنوب لتكتمل المؤامرة على استعادة الشرعية وتسليم السلطة للوكيل الحصري لمنظومة النظام السابق ليحفظ مصالح وأطماع الإمارات ومن هم خلف الإمارات من استخبارات دولية واحتكارات اقتصادية وأطماع سياسية.
البلد ينهار، والمواطن يموت جوعاً وعطشاً ووباءً واغتيالاً وتصفية حسابات وقتل عمد وغير عمد في الشارع العام.. المواطن مرعوب من المداهمات والسجون السرية والنهب والسطو والانتهاكات والخطف وإسكات الأفواه عن قول كلمة حق، ولا نسمع غير" نحن مسيطرون على الأرض".. عن أي أرض يتحدثون والمرافق السيادية والإرادية- بكل إيراداتها تحت سلطة الإمارات وميلشياتها؟ وهم مسيطرون على الأراضي التي نهبوها والمؤسسات التي سطو عليها وما استولوا عليه، فللهم ومساكنهم ومعسكراتهم ومنهوباتهم، وأمن المواطن وأمانه وحياته وكرامته هي في مجال الانفلات واللامبالاة.
إلى هنا وكفى.. نكون أو لا نكون، إما أن نكون قادرين على حماية حياتنا وحاضرنا ومستقبلنا، وسيادة وطننا وعزته وشرفه، أو نموت خير لنا من حياة الذل والهوان، ووطننا يسلب ويستباح وينهار أمام أعيننا.. لأن فينا من يريد أن ينتقم من خصومة التاريخيين، ويشفي غليله في إهانتهم وكسر إرادتهم ويفرط بوطن؟
واليمن مقبرة الغزاة والطامعين


في الإثنين 25 مارس - آذار 2019 07:55:50 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=82236