يريدون لليمن دول أم كنتونات
عوض كشميم
عوض كشميم


ما زالت أزمة الصراع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي تشهد مزيداً من التصعيد، رغم نوع من أجواء التهدئة بتدخل السعودية لمحاولة احتواء الموقف بعد سيطرة الانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن عسكريا منتصف أغسطس...
المبادرة السعودية دعت طرفي الصراع- كما تقول- إلى عقد مفاوضات لحل المشكلة غير أن الحكومة الشرعية اشترطت سحب قوات الانتقالي من المعسكرات وتسليمها لقوات تتبع لها ألوية الحماية الرئاسية قبل البدء في الحوار
وبعد وصول السعودية وقوات تتبع لها إلى عدن فجأة تفجّر الموقف- يوم أمس- في محافظة أبين جوار مدينة عدن شرقاً بتحرك قوات تتبع للانتقالي لتحاصر معسكر القوات الخاصة بعاصمة محافظة أبين مدينة زنجبار عسكرياً وتمكنت من السيطرة عليه بعد تدخل وساطات قبلية للتسليم المعسكر اليوم...
يقرأ هذا التطور على مسار الأحداث بأنه يمثل ورقة ضغط استخدمها الانتقالي والطرف الذي يدعمه على الشرعية بقبول الحوار دون شروط، رغم الموقف المتشدد للشرعية التي كانت تعتقد أن السعودية تشكل سياجا منيعا لحماية الشرعية كما تعتقد شرعية الرئيس هادي؟!
جوهر يرتكز أساسا بين دولة الإمارات وحزب الإصلاح على خلفيات توجس النظام الإماراتي من ثورات الربيع العربي التي ارتكز ثقل وقودها ومنطلقاتها بقاعدة جماهيرية لحركة الإخوان المسلمين ويمثل حزب الإصلاح أكبر فصيل سياسي منظم ولديه الإمكانيات للحركة والنشاط وأبرز هذا اللون السياسي في جميع البلدان التي اجتاحتها رياح ثورات الربيع منذ عام 2011م.
وكل المؤشرات تؤكد رغبة جامحة للنظام الإماراتي بضرورة إضعاف حزب الإصلاح وتفكيك منظومته السياسية والعسكرية وتعتقد أنه لن يتم إلا بإخراجه من السلطة وتفكيك بناءه التنظيمية وتجريده من كل وسائل القوة لشعورهم بانه يشكل خطر على وجودهم في المنطقة الإقليمية وأعتقد أن التيار الذي يقوده ولي العهد السعودي في المملكة العربية السعودية متفق مع النظام الإماراتي في خطواته ولكنه بشيء من التخفي نظراً لعلاقة الإصلاح بالشقيقة منذ الحرب الباردة بين معسكري الاشتراكي والرأسمالي.
يبدو أن اللعبة تمضي في إطار مخطط دولي أعتقد ليس غاياته الأولى التخلص من الحوثيين باعتبارهم طرفاً منقلباً على الحكومة الشرعية منذ سبتمبر 2014م الذي كان الهدف إقحام الإصلاح والحوثيين في معركة استنزاف غير أن الإصلاح فضّل مغادرة المشهد ويؤجل المعركة في إطار إقليمي.
اليوم يعاد تكرار السيناريو بتحالف الإمارات مع طرفي أشد خصومة ضد الإصلاح وهما ماتبقى من مؤتمر عفاش المنشق والمجلس الانتقالي الجنوبي الأخير استفاد إلى حد كبير من دعم الإمارات مادياً وعسكرياً واستطاع أن يؤسس بنية عسكرية بسلاح أماراتي ولديه مشروع سياسي يحمله منذ عام 2007م برافعة شعبية جنوبية لقوى الحراك السلمي الجنوبي المطالب باستعادة دولة الجنوب حيث تشكل قواه مزاج عام في الجنوب...
وبعد سيطرة الحوثي وقوات صالح عدن عام 2015م تمكنت المقاومة الجنوبية من طرد التواجد العسكري في عدن وجوارها بعدم التحالف وشكلت المقاومة الجنوبية النواة الأولى لما يسمى ألوية الحزام الأمني في محافظات "عدن ولحج وأبين والضالع" وامتد الحضور الأمني والعسكري الإماراتي من عدن حتى ساحل حضرموت وشبوة...
في محصلة نوازع التعارضات بين القوى المؤيدة للتحالف والشرعية تبرز نقايض بين الأطراف المدعومة إماراتيا والقوى اليمنية وتحديداً الإصلاح الطرف الرئيسي للشرعية ومع وجود التصعيد والحرب الإعلامية كل بوم تضيق الدائرة إلى أن انفجر العنف المسلح ليستهدف ألوية الحماية الرئاسية تتبع للشرعية وتطور الصراع إلى دائرة اشمل من استهداف الإصلاح كموقف من الشرعية عامة.
وحتى الآن لا ترى طرفي تحالف دعم الشرعية من دعمها لمجرد عودة الشرعية إلى صنعاء بل تجاوزت إلى ماهو ابعد في إطار استراتيجية بعيدة المدى من جوانب عسكرية وأمنية واقتصادية ورؤيته لنظام يمني تصر على تشكيله بدرجة رئيسية لا يحمل مصادر القوة لا عسكريا ولا اقتصاديا إما بدولتين أو بأكثر مؤسسة لاستمرار الصراع لنظامين مختلفين مثلما شكل وطبيعة نظامي ماقبل عام 1990م...

في حقيقة الأمر تبدي السعودية والإمارات مخاوف غير معلنة حقيقة من تنامي نظام مدني ديمقراطي في خاصرتها الجنوبية مستقل بقراره وبثقل سكاني متكئ على إرث حضاري وتأريخي بموقع استراتيجي دولي.
يحمل مقومات النهوض والتطور....
فمن الطبيعي أن تكون كل التيارات تجعل المشروع الوطني الكبير لليمن عرضة لمخالب أنظمة العوائل التقليدية في شبه الجزيرة والخليج والتأريخ يؤكد ذلك.
ما يردونه لليمن مشاريع كهنوتية ومليشيات مسلحة تعارض الثقافة الديمقراطية
وكان مشروع أخونة اليمن شمالاً قبل الوحدة إحدى أهم المشاريع الممولة ولا أحد ينكر وجودها.. فالصراع واضح ولن يتوقف حتى لو انتهت الحرب بتسويات...
وكأنما العقل العربي وتحديداً الخليجي عاجز عن ابتكار حلول في ثناياها لا ضرر ولا ضرار تحت مبدأ توافق على جوار منزوع السلاح من الطرفين، حفظ المجتمع الإقليمي تبادل المصالح باتفاقيات رسمية.
تجنب التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد.. وجود نظام توافقي قائم على الشراكة الوطنية.
وعدم تقديم الدعم لأي قوى تثير الفوضى والقلاقل في كل بلد.
احترام سيادة كل بلد وإشاعة حسن الجوار وانسياب علاقات المصالح والمنافع.
دعما لاستقرار المنطقة...
وكل دول الجوار الإقليمي مع بعضها في قطع أيادي تمتد للخارج لنشر الفوضى.
العروض الموجودة اليوم هي مزيج من عصبيات قبلية تحت مسمى قوات عسكرية وهي مليشيات شمالا وجنوبا.
تخفي وضعف وتراجع للقوى السياسية اليمنية ( الاحزاب)
مشروع طائفي سلالي تحت غطاء دولة معادٍ للمدنية والديمقراطية وحرية التعبير.
دعم حاضر للعوائل والمشيخات والتكتلات القبلية.
دولة تفتقد لقرارها وهيئاتها ومؤسساتها من أعلى الهرم إلى أسفله.
ختاماً إن الحرب لست عسكرية....
بل شاملة..
وكفى


في الأربعاء 21 أغسطس-آب 2019 12:08:11 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=82802