الرئيس يطل متأخراً على المسرح الملتهب
ياسين التميمي
ياسين التميمي
أخيرا أطل الرئيس هادي بعد سبات طويل، حدثت خلاله تطورات خطيرة أثارت مخاوف من يرقبون المشهد اليمني بقلق كبير على مصير هذا البلد الذي تتنازعه إرادات خارجية سيئة للغاية وتشترك في تمزيقه قوى محليةٌ مسكونة بالأحقاد الطائفية والمناطقية وثارات الماضي الأيديولوجية.
قام الرئيس بزيارة إلى مقر القيادة المشتركة في وزارة الدفاع السعودية وهناك استقبله الأمير فهد بن تركي، على نحو أظهر الزيارة وكأنها ميدانية ومرتبطة بالأحدث والتطورات العسكرية في الميدان المضطرب والملتهب في الآن نفسه والمحيط بمدينة مأرب.
وعلى الرغم من أن هذه الزيارة أحيت بعض الأمل بأن الرئيس لا يزال على صلة بما يجري في الدولة التي يحكم بعضاً منها عن بعد، إلا أنني أتساءل عما إذا كان صاحبا القرار السياسي والعسكري في المملكة، مهتمان بالفعل بزيارة رئيس الدولة المجاورة إلى المبنى ذاته الذي يقيمان فيه.
ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ونائبه وشقيقه الأصغر يفترض أنهما يتواجدان في نفس مبنى وزارة الدفاع التي زارها الرئيس، وكنت أتمنى أن يحرص الجانبان على اللقاء في هذه الظروف الملتبسة التي أعطت انطباعاً بأن السعودية تخطط للتصرف من خارج العلاقة القائمة مع السلطة الشرعية، بعد أن نجحت في إفراغها من مضمونها عبر زرع عناصر موتورة تعزز معها النهج غير الموفق للرئيس هادي وأسلوب قيادته التي تأتي في ظروف استثنائية وخطيرة تمر بها البلاد.
سأظل أنظر إلى ما يجري في جبهات شرق صنعاء والجوف ومأرب على أنه تطور سلبي مقصود الهدف منه هو تحييد أكثر الأطراف التزاماً بصون الجمهورية واستعادة السيادة وحفظ كيان الدولة لكل اليمنيين. فهؤلاء يسكنون في قلب التضحيات التي يقدمها الجيش الوطني في الجبهات، ويتعرضون لأسوأ موجة كراهية من حلفائهم قبل أعدائهم، ويحاول الموترون من كل لون التضحية بهم في أول معركة خاسرة مع الحوثيين.
وفيما يطلق الرئيس إشارات إيجابية من الرياض حول مآل المعارك الدائرة بالقرب من مركز السلطة الشرعية في مأرب، تشهد هذه الأخيرة تطورات ذات طبيعة تأسيسية، عادت لاستدعاء أطراف منها القبائل، ضمن مخطط يهدف على ما يبدو إلى شق مسار جديد ومبتكر على مستوى خطوط المواجهة مع الحوثيين وأدوات هذه المواجهة.
ينشط قائد التحالف العربي في مأرب في الاتجاه نفسه، وسط حملة دعائية تربط الجيش الوطني بالإصلاح ثم تحمله وزر التراجعات التي حدثت في نهم. وحملة كهذه تريد أن تكرس الصورة السلبية التي تبرر لإقصاء طرف ما في الشرعية من ترتيبات المواجهة الجديدة مع الحوثيين، رغم الحاجة الماسة إلى دورهم الهام في المواجهة الميدانية.
أبرز تطور شهدته مأرب هو وصول تعزيزات عسكرية سعودية لقوات الجيش الوطني. التعزيزات وصلت متأخرة ولكن وصولها مهم.
كانت جبهة نهم في أمس الحاجة إلى هذه التعزيزات، وكانت أشد حاجة إلى الثقة بمقاتليها وإلى إعطائهم حقوقهم المعيشية الطبيعية لا أكثر.
والأهم من ذلك كانوا بحاجة إلى أن يتمكنوا من الحصول على الإمدادات القتالية، والأهم بصورة أكبر هو تحريرهم من الجمود القاتل الذي عانوا منه لمدة تزيد عن أربعة أعوام في هذه الجبهة وذلك بتحريك الجبهة باتجاه أهدافها النهائية المتمثلة في استعادة صنعاء ولكن ذلك لم يحدث.

في الأحد 02 فبراير-شباط 2020 01:14:00 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=83197