أعلن المحافظ في نوفمبر حربه الشعواء ضد الفساد المالي والإداري، الذي ينخر مؤسسات الدولة بشبوة.
أصدار بن عديو أمراً بتوقيف مدير فرع شركة النفط بتهمة اختلاس أموال.
منتصف الأسبوع خاض المحافظ مواجهة مع تجار يتولون بيع المساعدات الإغاثية.

قال محافظ شبوة -الجديد بعد تعيينه-: "إنه من الخطأ الاعتقاد أن الفساد قدر لابد من القبول به والتعايش معه، بل هو حبل غليظ يخنق حاضرنا ويهدد مستقبلنا ويقضي على أحلام أبنائنا إن نحن تركناه، وأما إن حاصرناه بسلاح القانون، فهو أوهن من خيوط العنكبوت.
تحت هذا الاعتقاد، ابتدأ محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، عقب تعيينه، أواخر شهر نوفمبر من العام المنصرم، حربه الشعواء والمتسارعة ضد الفساد المالي والإداري الذي ينخر إدارات ومؤسسات الدولة في المحافظة.
تعهد المحافظ بن عديو، في الأيام الأولى من توليه منصبه، وفي لقاءاته مع مسؤولي الأجهزة التنفيذية والمعنيين في المحافظة، ‏بإصلاح الخلل في الجانب الإداري والمالي والأمني، مؤكداً أن ذلك يعتبر مهمة ذات أولوية في هذه المرحلة وعبر بوضوح عن الخط الذي يعتزم السير عليه، بالتأكيد على أنه " لا يمكن أن تحدث تنمية حقيقية في ظل إهدار الموارد خارج إطار القانون".
ترجم محافظ شبوة، المعين في نهاية شهر نوفمبر الماضي، إعلانه محاربة الفساد إلى واقع عملي بإيقاف عدد من المسؤولين التنفيذيين في المحافظة وإحالتهم للتحقيق، في خطوة تعد جريئة في ظل الفساد الذي يقوم به مسؤولون كبار في المحافظة.
أهم هذه القرارات كان إصدار المحافظ بن عديو، أمراً بتوقيف مدير فرع شركة النفط بالمحافظة صالح علي بافياض، بتهمة اختلاس أموال، مستنداً إلى مذكرة وكيل نيابة الأموال العامة التي تتضمن أمر إحضار قهري وإيقاف عن العمل لمدير فرع شركة النفط، كونه مطلوب للتحقيق في واقعة اختلاس مال عام، وغش في تحصيل الرسوم.
كما أحال المحافظ بن عديو، ثلاثة من موظفي شركة النفط بالمحافظة بينهم نائب المدير العام وأحالهم إلى نيابة الأموال العامة، وجرى إحضارهم قهرياً بعد رفضهم الاستجابة لقرار التحقيق معهم.
وألغى محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، قراراً غير قانوني صدر في عهد المحافظ السابق، والذي كان يقضي بإضافة مبلغ على كل مبيعات النفط لصالح المحافظ.
وأمر المحافظ، بتوقيف مدير عام الصناعة والتجارة بالمحافظة، ومدير إدارة السجل التجاري والصناعي والأسماء التجارية بالمكتب، مؤقتاً، وإحالتهم للتحقيق بعد بلاغ قدمه أحد المستثمرين عن قيام المذكورين بعرقلة إصدار سجل تجاري، وطلب رشاوي ومبالغ غير قانونية.

كانت شبوة عنوان الفساد والإرهاب
يقول الناشط السياسي محمود العمري: إن شبوة عانت سنوات من الضياع، وكانت عنواناً لحالة الفوضى والتقطع والإرهاب، حيث عاشت المحافظة خلالها اللادولة، و كان آخرها في عهد المحافظ السابق الذي أنهى ما تبقى من عمل مؤسسي في شبوة، ما يعني أن تركة ثقيلة ورثها المحافظ الجديد.
وعن الوضع الأمني يرى العمري، أن محاولة بعض الجهات العسكرية أو المدنية تنفيذ أعمال خارج إطار السلطة المحلية وتوجهاتها التنموية يعتبر محاولة لإعاقة الدولة عن القيام بواجبها، وتخريباً لا يخدم المصلحة العامة للمحافظة، ويجعل أصابع الاتهام تتجه إليهم.
يتابع العمري: توجد قوات أمنية تتبع الشرعية وأخرى قوات النخبة الممولة من قبل الإمارات، من الواجب دمجها ضمن قوات نظامية في إطار الدولة وتوحيد قيادتهم وفقاً لتوجهات السلطة المحلية بالمحافظة، محذراً من أن تأخير ذلك سيخلق مزيداً من الصراع والتصادم الذي سيؤثر على كافة الأصعدة داخل المحافظة.

المتاجرة بالمساعدات الاغاثية
كانت آخر محطة للمحافظ منتصف الأسبوع الجاري، خاض مواجهة مع تجار يتولون بيع المساعدات الإغاثية التي يتم سرقتها من الكميات التي تقدمها المنظمات الدولية لتوزيعها على المتضررين من الحرب في محافظة شبوة ومحافظات أخرى مجاورة لها؛ حيث وجه بتوقيف تجار تم ضبطهم وهم يشترون شحنات من مواد الإغاثة المنهوبة.
الناشط صالح بامخشب، يرى أن المحافظ بن عديو، لديه الخبرة الكافية لإدارة المحافظة كونه تقلد عدة مناصب في المحافظة، آخرها وكيل أول المحافظة، ما يعني معرفته الجيدة بأسرار المحافظة ومسؤوليها.
يؤكد بامخشب -في حديثه للمصدر أونلاين- أن المحافظ اجتاز الكثير من التحديات أبرزها رفض المحافظ السابق تسليم مبنى المحافظة إلا بتسليمه مبالغ مبالية، حيث عمل بن عديو على نصب خيمة في حوش المبنى وقرر بدء عمله منها قبل أن يجد المحافظ السابق علي بن راشد الحارثي نفسه مجبراً، تحت ضغط الإحراج، على تسليم المبنى.. إضافة لإقالة مدير شركة النفط بالمحافظة الذي مضى عليه في منصبه أكثر من عشرين عاماً، وعدد من كبار الفاسدين في المحافظة.
وعن تعامله مع التحدي الأمني، يقول بامخشب: إن المحافظ يمتلك علاقة جيدة بقائد النخبة الشبوانية؛ حيث ينتمي لنفس قبيلته، مشيراً إلى أنه عقد قبل أيام لقاء بقيادات في النخبة، متوقعاً أن يجتاز هذا التحدي بفضل توازنه وعلاقته الجيدة بهم.

تحديات أمنية متمثلة بالنخبة الموالية للإمارات
يرى الناشط محمود العمري، أن المحافظ حيث يملك عدة فرص ستساعده في عملية التنمية والبناء في شبوة وأولها إيرادات المحافظة التي شكلت أرقاماً مشجعة خلال هذه الفترة القصيرة، إضافة لعودة تشغيل المشاريع النفطية بإنتاجها الطبيعي، وتشغيل مشروع الغاز المسال الذي سيشكل رافداً اقتصادياً مهماً للمحافظة.
حصة شبوة من مبيعات النفط ستحقق كل وعود المحافظ التنموية والخدمية، يقول بامخشب: إن مبلغ المليار الريال الذي اعتمده الرئيس هادي لمحافظة شبوة سيدفع بعجلة التنمية في المحافظة.
وفيما يبدي نشطاء شبوة اهتماماً وإعجاباً كبيرين بأداء المحافظ الجديد، ويظهر المتابعون تفاؤلاً كبيراً بخطوات محافظ شبوة ضد الفساد، غير أن التحديات الأمنية التي ظهرت الفترة الماضية من خلال سيطرة قوات النخبة الشبوانية على مرافئ تصدير النفط، وعملية مرخة الأيام الماضية بين قوات النخبة المدعومة إماراتياً وقبائل المحضار، تنبئ عن تحدٍ كبير سيواجهه المحافظ إذا ما قررت الإمارات تفعيل تلك الاضطرابات.