عملاق السياسة ورجل السلام والحوار/ محمد قحطان..

أربع سنوات من الاختطاف والإخفاء قسراً في سجون أقزام إيران

2019-04-06 04:47:57 أخبار اليوم/معاذ العبدالله


اختطفت المليشيات الحوثية القيادي الإصلاحي في الرابع من أبريل عام 2015م
قاومت المليشيات الضغوط الدولية ومنعت المبعوثين من لقائه وترفض الإفصاح لعائلته عن مكانه
ولد الشيخ يؤكد أن عبدالملك يتحكم بمصيره شخصياً والمخلافي يؤكد الرواية
زعيل: قحطان ورفاقه الأربعة ورقة للمزايدة السياسية وابتزاز الرئيس والإصلاح
نجل قحطان يفضح المنظمات وابنته تناشدهم وزيد يسخر من قرار إفراجهم عنه «كذبة أبريل»

تتساءل فاطمة- إبنة محمد قحط- عن حال والدها المخفي في سجون الحوثيين منذ أربع سنوات، ويتساءل معها الكثير من اليمنيين، عن مصير الرجل الذي لا يقود مليشيات ولا جماعات مسلحة، سلاحه الوحيد الحوار والسلام والتوافق والمنطق، وفن الإقناع واستنباط الحلول من بين تفاصيل الخلافات وعمق المشاكل.
في ليلة الخامس من أبريل/نيسان 2015، داهمت مجاميع مسلحة تابعة لمليشيات الحوثي، منزل القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح/ محمد قحطان في العاصمة صنعاء، وأخذوه بالقوة من بين عائلته وقذفوه في قلب الغياب التام.. كانت المليشيات تحاصر منزله منذ فبراير، وتفرض عليه الإقامة الجبرية، بعد اعتقاله في محافظة إب وهو متوجه إلى عدن دون أن يتخفى أو يخاف من الاعتقال.
ويدلف- اليوم السبت- قحطان، العام الخامس، من الإخفاء القسري.. وعلى مدى السنوات الماضية ترفض المليشيات الحوثية الكشف عن مصيره، أو حتى الاعتراف بوجوده حياً لديها، كما دأبت على تسريب أخبار وفاته وآخرين من قيادات الدولة (شقيق الرئيس ووزير الدفاع وفيصل رجب) في قصف للطيران.
وتمنع المليشيات، عائلة قحطان وجميع محبيه من زيارته، والاطمئنان عليه، أو الاتصال به، أو حتى معرفة مكان اختطافه وهذا ما أكده أفراد أسرته، التي تعاني الأمرين في رحلة البحث عن مكان اختطافه.
لا شيء تغير
يقول نجله زيد «في كل سنة- ولمدة أربع سنوات- لا شيء تغير»، مشيراً إلى رفض المليشيات الإجابة على سؤالهم عن والده «يرفضون الحديث عنه».
واتهم المليشيات بالتناقض «هم يناقضون أنفسهم، يتحدثون عن الصمود، عن التحدي.. يقولون «لا نخاف من التحالف ولا نخاف الشرعية.. لكننا نخاف أن نخبركم أين أبوكم، نخاف أن يكلمكم، نخاف أن تقول له زوجته المحتسبة الصابرة اشتقت لك، نخاف أن يقول لأبنائه أحبكم».
وتشير أبنته فاطمة إلى عدم تغير «شيء خلال السنوات التي مرت يوماً بعد يوم سوى مزيد من الصبر ومزيد من الصمود ومزيد من البحث ومزيداً من الألم»، وتضيف «أربع سنوات ونحن نتحدث ونبحث ونصرح ونعمل حملات إعلامية وكأننا لو خاطبنا حجراً لحن للهفتنا وشوقنا الذي يقطر دماً، ورغم الأربع السنوات التي مرت».
هل قحطان ما زال حياً؟
وتضيف ابنته «لا ولن ولم نجد خبراً يُثلج صدورنا ولكن كلها أخبار تمشي كسراب، لم نلامس به الحقيقة ولم نصل بعد إلى نهاية هذه الصحراء التي نمشي فيها خالية من الإحساس، ولكننا- وإن طال الطريق- سنجاهد ولن نكل أو نمل حتى تشرق الشمس التي نرقب وتعلن بها الحرية لأبي».
هل والدي ما زال حياً؟
يؤكد نجل قحطان، عبدالرحمن، أنهم يعيشون في حالة نفسية صعبة في انتظار الإفراج عن والدهم أو التعرف على مكان احتجازه وحالته الصحية.
ويضيف: «نكاد نفقد الأمل، لكن نريد أن نعرف أين هو؟ هل لا زال حيا؟.. أربع سنوات قاصمة لضهرنا.. أربع سنوات من الظلم».

ويتساءل الصحفي/ فتحي أبو النصر، عن عدم اعتراف المليشيات الحوثية بمصير قحطان، مشيراً إلى إمعان المليشيات في قهر عائلته ومحبيه، مضيفاً «سلام عليك يا قحطان حياً أو ميتاً».. ورأى الزميل/ عدنان الراجحي- في إخفائه خوفاً من الرجل، وهو ما دفعه كغيره من النشطاء لتوجيه أسئلتهم بصيغ مختلفة للمليشيات « لمَ تخافون من رجل مدني لا يقود مليشيات؟ ما الذي يرعبكم ؟».
غياب الدور الأممي
منذ اختطافه من منزله، أحاطت المليشيات مصير القيادي قحطان بالكثير من السرية والكتمان، وقاومت ضغوطاً دولية كبيرة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، حيث ينص القرار الأممي رقم 2216 على مطالبة الحوثيين بالإفراج العاجل عن وزير الدفاع اليمني اللواء/ محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين وعلى رأسهم القيادي في حزب الإصلاح/ محمد قحطان والأشخاص الموجودين تحت الإقامة الجبرية والموقوفين تعسفياً.
ورفضت المليشيات، السماح للمبعوثين الأمميين المتعاقبين على اليمن، باللقاء بقحطان، أو معرفة صميره.
ويقول عبدالرحمن- نجل قحطان- إن دور منظمة الصليب الأحمر الدولي، اقتصر على الوعود بالمحاولات فقط، وكل ما فعلته لنا القول «أوصلنا مذكرة لوزير الداخلية (تابع للمليشيات) ولم نتلق رداً».
وعن دور مبعوثي الأمم المتحدة ولد الشيخ وخلفه غريفيت، قال «التقينا أكثر من مرة بالمبعوث الأممي السابق ولد الشيخ، لكن لا نتيجة»، قلنا له «مؤتمر الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة ووالدي أحد أعضاء رئاسة الحوار، فتتحمل الأمم جزءا كبيرا من المسؤولية، حيث اختطف ومازال مؤتمر الحوار فاعلا وتحت رعايتهم وحمايتهم» لكن لا جديد.
وأما غريفيت لم تتمكن عائلة قحطان من لقائه- بحسب إفادة عبدالرحمن- التي نقلتها الصحوة نت، مشيرا «إلى تعامل غريفيت مع ملف المختطفين في مشاورات السويد وكيف أصبحت حبراً على ورق، وعدم جدية الأمم المتحد في إنهاء هذا الملف الإنساني».
لا أحد يعرف مصيره


واعترف إسماعيل ولد الشيخ أحمد- إبان عمله مبعوثاً أممياً في اليمن، خلال لقائه بقيادات حزبية، أكد– وفق إفادة نقلها المصدر اونلاين عن أحدهم - بأنه توصل إلى قناعة «بأن مصير قحطان ليس إلا بيد عبد الملك الحوثي فقط».
أكد هذه الرواية الدكتور/عبدالملك المخلافي- نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق- والذي ترأس وفد الحكومة التفاوضي في جولات المشاورات عاما 2015و2016.
يقول المخلافي إنه ورفاقه في الفريق الحكومي حاولوا الضغط ومقاطعة الجلسات التحضيرية لمشاورات «بييل بسويسرا» في 15 ديسمبر 2015، حتى يتم كشف مصير القيادات الأربعة المخفيين قسراً، ووضع ملفهم والمخطوفين الآخرين كأولوية في التفاوض.
وأضاف المخلافي «تهرب الحوثيون كثيراً عن الجواب ثم قام محمد عبد السلام- رئيس وفد الحوثي- بالانتحاء بي جانباً، وقال لي إن محمود الصبيحي موجود، وهو بخير، وكذا فيصل رجب، أما بالنسبة لشقيق الرئيس هادي، اللواء ناصر منصور (السبعيني)، - لم يكن معروفاً مصيره حتى ذلك الوقت- فقد قال لي عنه: «هو بخير ويتناول أدويته باستمرار، وأريدك أن تُطمئِن الرئيس هادي بذلك».
وأوضح «بقي مصير الرجل المدني/ محمد قحطان، حيث قال محمد عبد السلام إنه لا يعرف مصيره، وحاولتُ أن أعرف هل لا يعرف مصيره أم هو غير مخوَّل بأن يكشف عن مصيره؟ تناقض الرجل ثم أصرَّ بالنهاية على أنه لا يعرف عنه شيئاً، وأن مَن يعرف عنه واحد أو اثنان (محمد عبدالسلام) ليس منهما».
ورقة ضغط على الإصلاح والرئيس
وأكد عضو الوفد الحكومي المفاوض في مشاورات السويد -6-13 ديسمبر 2018- عسكر زعيل، أن المليشيات تعتبر القيادي محمد قحطان وبقية الأربعة المخطوفين، «ورقة ضغط لتمرير صفقة سياسية بعيدا عن الجانب الإنساني».
وأشار إلى أن الحديث عن مصير قحطان «يعتبرونه موضوعا بالغ الأهمية، يختص به بدرجة أساسية عبدالملك الحوثي، لا يمكن الفصل به إلا عن طريقه شخصياً»، وأوضح زعيل أن إصرار المليشيات على إخفاء قحطان «هي رسالة واضحة لا يمكن الحديث عنه إلا في ظل الحل الشامل وليس الجزئي».
وتابع إن مصير القيادات الأربعة المخطوفة «ورقة ضغط يحاول الحوثيون استخدامها على القيادة السياسية بشكل عام والإصلاح بشكل خاص، وقد بذلوا محاولات سابقة لإطلاق اللواء/ناصر منصور هادي- شقيق فخامة الرئيس هادي- إلا أن الرد كان صادماً من الرئيس: (أخي مواطن مثله مثل البقية يكون خروجه بخروج الكل)».
اعتراف حوثي متأخر ولا تنفيذ
في الخامس من فبراير/شباط الماضي، وجهت النيابة الجزائية المتخصصة، مذكرة لوكيل الأمن السياسي، أبلغته فيها أن القيادي محمد قحطان المتهم في القضية (67) لسنة 2015 جرائم جسيمة، بأن لا وجه بإقامة الدعوى ضده، وعليه يتم الإفراج عن قحطان.
مثلت المذكرة- المذيلة بتوقيع عبدالله الكميم، وكيل النيابة الجزائية (موالي للحوثيين)- أول اعتراف من جماعة الحوثيين باختطاف وإخفاء القيادي محمد قحطان.
سلمت مذكرة الإفراج عن قحطان إلى الأمن السياسي، ووقع القيادي أبو عقيل المعين من المليشيات مسؤولاً عن الجهاز، استلاماً لصورة المذكرة الأصل.
تحدث رئيس هيئة الدفاع عن المختطفين والمخفيين قسرا، المحامي/ عبد الباسط غازي –حينها- بتفاؤل، معبراً عن أمله أن يتم الإفراج عن قحطان بناء على المذكرة.
وتوقعت مصادر أن تفرج المليشيات الحوثية عن قحطان، إبداء لحسن النوايا، خصوصا مع المفاوضات حول ملف الأسرى والتي كانت مستمرة في ذلك الحين بالأردن.
كانت المؤشرات تؤكد توجه الجماعة نحو إطلاقه، خصوصا بعد أن تم إطلاق الأسير السعودي، لكن كل الأماني والتوقعات تبخرت.
وكما هو الحال- منذ أربع سنوت وحتى اليوم- لم تبلغ المليشيات عائلة قحطان بمصيره وصحته، ومكان اعتقاله.
غرد أنس أمين-تربطه بقحطان مصاهرة- «شهران كاملان منذ صدور قرار النيابة الجزائية المتخصصة للإفراج عن الأستاذ/ محمد قحط، ولم نجد أي جواب أو رد من الحوثيين أو الأمن السياسي».
وتساءل قائلاً «اذا لم يكن هذا القرار للتلاعب بمشاعر أسرته ومحبيه فماذا يكون ?». واعتبر نجل قحطان زيد، مذكرة الحوثيين بالإفراج عن والده كذبت أبريل مبكرة.

كان من المفترض أن يتم إطلاق كل المخطوفين والأسرى بحلول 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وفق قاعدة (الكل مقابل الكل) حسب ما نص عليه الاتفاق المتعلق في مدينة ستوكهولم بالسويد، بما فيهم قحطان.. إلا أنه- ورغم مرور قرابة أربعة أشهر ونصف، على نهاية المشاورات- لم يحرز أي تقدم في تنفيذ الاتفاقات بما فيها اتفاق الأسرى والمخطوفين.
الذكرى الرابعة تحولت إلى مطالبات ومناشدات ودعوات لكل المعنيين، إلى الصليب الأحمر الذي أطلق عدة وعود لعائلة قحطان بترتيب زيارته، إلى مارتن غريفيث الذي يحابي الحوثيين ويتحدث عن تعاونهم في تطبيق اتفاق السويد بما فيه تبادل الأسرى، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، إلى أعضاء مجلس الأمن، إلى دول الخليج والتحالف إلى الشرعية والجيش والمقاومة إلى كل العالم والأحرار.
إلى متى ينتظر قحطان ورفاقه المخطوفين في غياهب السجون ومعتقلات الإخفاء والتعذيب؟ مؤكد أن المليشيات بلا قلب ولا مشاعر ولا ضمير ولا إنسانية... ماذا عنكم؟

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد