أعلام الإمارات ترفع وغياب شبه تام لأعلام اليمن..

حضرموت تحتفل اليوم بالذكرى الثالثة لتحرير ساحلها من القاعدة.. هل عادت للحكومة الشرعية؟

2019-04-24 09:03:31 أخبار اليوم/ خاص


تحتفل محافظة حضرموت- اليوم الأربعاء- بالذكرى الثالثة لتحرير مديريات الساحل من عناصر تنظيم القاعدة، بدعم ومساندة التحالف العربي، لكن الذكرى التي تعود للمرة الثالثة على أهل المحافظة، تحمل معها أسئلة كثيرة، وعلامات استفهام حول الجهة المتحكمة فعلياً بعاصمة المحافظة، وتدير أمورها، إضافة إلى التغيرات الكثيرة التي طرأت، ومحاولات تقسيم المحافظة الواحدة إلى يمين متطرف ويسار وطني، في مشروع التقسيم الكبير لليمن، فضلاً عن عسكرة المشهد المحلي بشكل لافت.
وتشهد المحافظة بهذه المناسبة، إقامة فعاليات تعكس افتخار واعتزاز حضرموت بأبنائها الذين نجحوا في تحرير مديريات الساحل في الـ 24 من أبريل عام 2016م، وقدّموا أرواحهم ودماءهم في سبيل العزة والكرامة وتحقيق الأمن والاستقرار في ربوع حضرموت، بدعم وإسناد التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، وراعي الاحتفالات رجل المحافظة الأول، قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن/فرج سالمين البحسني.
ويعتزم أن تشهد المكلا اليوم عرض عسكري مُهيب تشارك فيه وحدات مختلفة من ألوية قوات المنطقة العسكرية الثانية وأجهزة الأمن، إضافة إلى قوات النخبة الحضرمية الموالية للإمارات ومجلسها الانتقالي الانفصالي.
وعشية يوم التحرير، خرجت مسيرة حاشدة بالدراجات النارية، وجابت شوارع المدينة أمس الثلاثاء، لكن الأعلام- التي رفعت في المسيرة إلى جانب أعلام الإمارات- أعلام ليست للجمهورية اليمنية كدولة، والهتافات التي رددت تهاجم الدولة ورموزها وتعلن ميلاد دولة يحلم جزء صغير من سكان الجنوب، ويحاولون فرضها بالقوة المسلحة برعاية مباشرة وغير مباشرة من الإمارات العربية المتحدة التي يقول سكان حضرموت والجنوب عموماً أنها تتحكم بالمشهد السياسي والأمني والعسكري في كل المناطق المحررة، وتأييدهم في ذلك الأمم المتحدة وخبراءها المعنيين بالعقوبات ومعظم القوى السياسية.
وسمعت في التظاهرات –حسب تجار في المدينة تحدثوا لـ"أخبار اليوم"- هتافات ترفض الإرهاب والفكر الطائفي والعنف، لكنها تدعو لتحرير الجزء الأكبر من المحافظة ممن تصفهم بالدواعش والشماليين والشرعية المزعومة، في إشارة إلى وادي وصحراء حضرموت الخاضعة فعلياً للقوات الحكومية مع تواجد لافت لقوات سعودية فيها.
وبالمناسبة، قال محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن/ فرج سالمين البحسني، ‘ن الاحتفال بذكرى تحرير المكلا ومديريات ساحل حضرموت في الـ 24 من إبريل يحمل بكل مظاهر الاعتزاز والإكبار، دلالات لملحمة التحرير من أجل الحرية والاستقلال وبسط الأمن والاستقرار على تراب حضرموت، دون أن يوضح مقصده من الاستقلال، لكنه أشاد بتضحيات النخبة الحضرمية في المنطقة الثانية، شاكراً الإمارات والسعودية لمساندتهم في التحرير ودعم المحافظة.
ويدير البحسني حضرموت والمنطقة الثانية، بتوازن كبير؛ فبينما لا يعادي الرجل الإمارات ولا يعترض على بعض ممارساتها، يؤكد وقوفه مع الشرعية، وكان قبل أيام قليلة يشرف شخصياً على تحضير سيئون عاصمة الوادي، لاحتضان مجلس النواب اليمني، الذي ضاقت عليه كل المناطق المحررة بما فيها العاصمة المؤقتة عدن، واتسعت سيئون لهم بكل رحابة صدر.
تعود الذكرى الثالثة لتحرير حضرموت من القاعدة، وذاكرة أبنائها ما زالت رافضة للاستحداثات في عاصمتهم، على المستويات العسكرية والأمنية والسياسية، إضافة إلى الوضع الاقتصادي والخدمي الذي لم يتحسن في معظم جوانبه، باستثناء بسط الأمن نوعاً ما، رغم ما يشوبه من اعتقالات تعسفية واختطافات ومحاكمات ضد نشطاء وسياسيين طالت قيادات حزبية ومكونات مجتمعية.
كما أن الذكرى تعود على أبناء حضرموت الساحل، ومطارهم الوحيد ما زال مغلقاً من قبل القوات الإماراتية التي حولته إلى قاعدة عسكرية، وترفض منذ أشهر فتحه تحت ذرائع كثيرة لا تقتصر على الأمن وتطوير المطار.
ومن تلك الاستحداثات الناشزة في ساحل حضرموت، عسكرة الحياة المدنية، فقبل فمؤخراً كلف المحافظ البحسني.. مدير أمن ساحل حضرموت العميد التميمي بمعالجة أزمة الغاز المنزلي، ولم يكن كثير من المتابعين ليصدق هذا الخبر الذي يبدو غريباً، لولا أن صفحة أمن حضرموت على فيس بوك، لاتزال تتصدرها أخبار اجتماعات أزمة الغاز المنزلي، التي يترأسها رجل أمن يحمل رتبة "عميد"، ويغيب عنها ممثلو مكاتب الصناعة والتجارة، وغرفة صناعة وتجارة ساحل حضرموت.
وتعليقاً على ما جرى، قال الصحفي/ معتز النقيب- وهو أحد سكان مدينة المكلا- "ليست كل أزمة في المحافظة نكلف إدارة الأمن بحلها، هنالك مكاتب وزارات مختصة بمعالجة كل مشكلة ضمن نطاق اختصاصاتها" وأضاف ساخراً في منشور على صفحته في فيس بوك " ضانة (معزة) هربت من الحوش، اتصلوا بإدارة الأمن، خط النت ضعيف، بلغوا إدارة الأمن، صاحب مقهاية رفض يعمل شاي بالحليب، اشتكوا به في إدارة الأمن..".
وتكليف البحسني لرجل أمن بحل "أزمة الغاز"، ليست استثناء في المحافظة، فهناك حزمة شواهد على هذه الظاهرة، عرفتها المحافظة خلال عامين، في واحدة من أشد الأوقات حساسية.
وكان البحسني قد عين عميد ركن في الجيش يدعى/ عبدالله باكوبن قائمًا بأعمال مدير عام صندوق النظافة والتحسين بساحل حضرموت، على إثر أزمة تكدس القمامة في شوارع وأحياء مدينة المكلا في مايو 2018م، والتي تسببت آنذاك في اندلاع احتجاجات شعبية وقطع للطرقات، وهذا التعيين يكاد يكون أغرب قرار في تاريخ المحافظة.
ومهمة العميد "عبدالله باكوبن" لم تقتصر فقط في استدعائه كمنقذ لانتشال مدينة المكلا من نفاياتها، فهذا الأخير هو "السوبر مان" كما يحلو للبعض أن يطلق عليه، فإلى جانب تكليفه بإدارة صندوق النظافة فهو يرأس أيضا لجنة إزالة العشوائيات، ويبرز في كثير من الملفات والحوادث الحساسة.
وكان مشهد باكوبن وهو يحطم بسطات الباعة المتجولين في أحد شوارع منطقة الشرج وسط المكلا الأسبوع الماضي، بحجة "العشوائية" أشبه بفعل "بلطجي"، يكرس الصورة الذهنية لدى المواطن بتعزيز دور الجيش والأمن على حساب تفعيل مؤسسات الدولة، إذ أثارت الحادثة استنكار وغضب المارة، جراء التعامل غير المهني مع "بسطاء" يبحثون عن ريالات يسدون بها حاجتهم، حسب ما تحدث ناشطون على مواقع الواصل الاجتماعي.
في مساء ذات اليوم، نشر مواطن بلاغًا في صفحته على فيس بوك يتهم باكوبن بإيقاف العمل في مشروع استثماري، واعتقال اثنين من العاملين في سجن لا يتبع جهاز الأمن.
وفي سياق التدخلات العسكرية في العمل المدني، كان موظفو الهيئة العامة للأراضي بساحل حضرموت قد علقوا عملهم أواخر 2017م احتجاجا على تدخلات باكوبن، واعتقاله عدد من الموظفين ومنع آخرين من مزاولة عملهم بعيداً عن الطرق القانونية.
وعلى الرغم من تكرار الحوادث التي يتصدرها قادة عسكريون، إلا أن أكثر القضايا التي أثارت جدلاً خلال الأشهر القليلة الماضية هو تجاوز جهات أمنية وعسكرية الأحكام القضائية، الأمر الذي تجلى في قضية الأرض المتنازع عليها بين آل باحيدان من جهة وآل باداؤود من جهة ثانية، والتي تقع خلف منصة العروض في شارع الستين، والتي كان القضاء قد أصدر حكما يقضي بملكيتها لآل باحيدان، لكن التعامل العسكري ظهر مرة أخرى من خلال تجاوز الأحكام القضائية ومحاولة تمكين مستثمر من الأرض.
وشهدت القضية سجالات واسعة بين قيادة السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ، والسلطة القضائية ممثلة بمحكمة الاستئناف، حيث اتهمت الأخيرة المحافظ بالتدخل "السافر" في القضاء ومخالفة الدستور وقانون السلطة القضائية، مهددة إياه بالمساءلة القانونية. وبين شد وجذب عادت المياه إلى مجاريها بعد لقاء تصالحي بين الطرفين.
ومع أن محافظ حضرموت يمتلك طابورًا طويلًا من الوكلاء والمستشارين إلا أن أيا منهم لا يمتلك صلاحية كافية لممارسة مهامه على ما يبدو، وهذا ما يظهر واضحًا حال غياب المحافظ، إذ تنهار معظم الخدمات في مدينة المكلا، وهنا يبرز تساؤل مهم، هل هؤلاء المسؤولون ضعيفون لهذه الدرجة أم جردوا من صلاحياتهم، لصالح تمكين رجال الأمن والجيش.
وفضلاً عن حالات اعتقال واستدعاء لمسؤولين محليين، التي تتم بين حين وآخر بعيداً عن الطرق الرسمية، يبدو أن ظاهرة عسكرة الحياة المدينة في طريقها للتصاعد في ظل هشاشة الدولة وضعف الحكومة المركزية وأجهزة الرقابة والمحاسبة، الأمر الذي يعزز من نفوذ السلطات في المحافظات.
ويرى المتابعين والكثير من سكان حضرموت، أن تحرير عاصمة المحافظة من مليشيات القاعدة، لم يعيد الدولة التي أعلن التحالف العربي والإمارات خصوصاً بأنهاء جاءت إلى اليمن لمساندتها، فسلطات أبوظبي تحكم بشكل مباشر معظم مناطق الجنوب وحضرموت، أو بشكل غير مباشر عبر النخب الحضرمية والشبوانية والأحزمة الأمنية، وتسعى كما يبدوا إلى مد نفوذها إلى وادي وصحراء حضرموت، وهو ما ظهر جلياً خلال انعقاد البرلمان في سيئون والتهديدات التي وجهت للشرعية من اتباع الإمارات في ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وطالت السعودية قائد التحالف العربي، التي أجبرت بإرسال قوات مدرعة لحماية سيئون وتأمين حضرموت من المليشيات الموالية لإيران والموالية للإمارات على حداً سوأ.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد