حولت المليشيات اليمن من ممر إلى مستهدف

صنعاء وصعدة ترانزيت لتهريب الموت نحو الخليج

2019-05-15 09:29:35 أخبار اليوم/تقرير خاص


في أزقة صنعاء تتفشى تجارة الموت، وتتحول إحيائها إلى ساحة حرب تجارية «غير شريفة»، بين مروجي الموت، في حالة شاذة وتطور كبيرا ومتسارع تشهده المدينة وأسواقها الغارقة في عمليات تهريب وتجارة المخدرات، هكذا تصف احد نساء صنعاء التي عانت من تفشي ظاهر تعاطي المواد المخدرة من مادة الحشيش والكوكايين في أوساط الفئة الشبابية، والتي كان احد أبنائها ضحية لهذه الظاهرة الدخيلة.

تقول أم عماد والحرقة تكوي فوائدها، " احد أبنائي ضاع مني، نتيجة إدمانه على تناول مادة الحشيش، كانت تشير بـ أناملها في ذلك الوقت إلى احد النوادي الشبابية في حي شميلة بصنعاء".

تضيف الأم أنها اكتشفت أن نجلها الذي اشتعل رأسه شيبا ولم يتجاوز الثلاثين من عمرة، كان يتعاطى مادة الحشيش، ويبتاعها من قبل احد المروجين المشهورين الذي خرج من السجن المركزي قبل فترة وجيزة وتحول إلى وحد من أهم المشرفين التابعين لجماعة الحوثي الانقلابية في الحي.

نشاط غير مسبوق لشبكات تهريب المخدرات والحشيش في المناطق القابعة تحت سوط الانقلابيين،خلال العامين الماضين نتيجة تسهيلات أمنية وعسكرية تقدمها جماعة الحوثي الانقلابية للمهربين وتجار المخدرات، تكشفها تقارير إعلامية.
.

وبحسب التقارير فأن هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع اليمني ظهرت عقب انهيار الدولة اليمنية باجتياح المتمردين الحوثيين للعاصمة اليمنية صنعاء، في سبتمبر/ أيلول 2014، الذي انتهى معه عصر الرقابة بشكل كلي على إدخال المهربات.

وتعزوا التقارير إلى أن تفشي ظاهر تهريب مادة المخدرات والحشيش خاصة في تلك الجغرافيا الخاضعة لسلطات المتمردين الحوثيين وسهولة وصولها من الخارج إلى صنعاء يأتي ضمن التعاون القائم بين الجماعة المتمردة وعصابات التهريب، العابرة لحدود الدول، المرتبطة بـ «حزب الله» اللبناني، في محاولة من الجماعة باستنساخ تجربة الحزب اللبناني في عالم الجريمة المنظمة، الذي يجني ثلث ثروته تقريباً من المخدرات.
ولجأت الجماعة إلى تجنيد المهربين وتجار المخدرات صفوف مقاتليها وأغرتهم بالأموال وحفزتهم بإمكانية إدخال المخدرات وتهريبها مقابل استحقاقات مالية للجماعة وإستراتيجية قائمة على استخدام شبكات التهريب في الداخل من جهة، وكسلاح موجه إلى إغراق الأسواق السعودية في الخارج الجغرافي، من جهة أخرى.

إغراق الأسواق
بحسب المراقبين فأن الجماعة المتمردة تنتهج إغراق الأسواق اليمنية بهذه المواد السامة وتصديرها نحو الجوار الإقليمي لما توفر هذه المواد من عائدات ضخمة للجماعة لتمويل عملياتها العسكرية وحروبها العبثية.

إلى ذلك كشفت مصادر مطلعة أن الجماعة الانقلابية تستهدف فئة الشباب للسيطرة على عقولهم وتسهيل استقطابهم والتغرير بهم والدفع بمن يتم استدراجه إلی جبهات القتال لما يمثله الشباب من قوة عسكرية كبيرة في جسد الجماعة المتمردة.

‫وفي هذا الصدد أكدت مصادر طبية يمنية إن ميليشيا الحوثي تقوم بإعطاء مادة مخدرة للشباب فور استدراجهم بداية إلی دورات ثقافية ودون علمهم بأنها مخدرات عبر خلطها بمسحوق للتبع يسمی في اليمن (الشمة).‬

‫المصادر قالت إن المادة المخدرة التي يستخدمها الحوثيون تسمی "الكبتاجون" (captagon) واسمها التجاري "فينثيلين" (Fenethylline)، موضحة إن هذه المادة هي مركب مثيل للأمفيتامين (amphetamine) وهي مواد منشطة من المخدرات التصنيعية وهي محظورة عالميا.‬‬

‫وأفادت تلك المصادر إن هذه المادة تسبب الإدمان لمتعاطيها مثل بقية أصناف المخدرات.‬

طرق التجارة


ما لم يتوقعه الكثيرون هو أن تحرير مديريتي "بيحان" و "عسيلان" في محافظة شبوه، شكل ضربة قوية لتجارة المخدرات التي تديرها شبكات إيرانية وباكستانية من شواطئ اليمن على المحيط إلى قلب المملكة العربية السعودية.

ومع سقوط بيحان وعسيلان، نقلت اغلب عمليات التهريب إلى الخطوط الصحراوية في صحراء الربع الخالي مرورا من مأرب والجوف قبل الوصول إلی صنعاء عبر محافظة البيضاء، ثم عبورا إلى المعقل الأساسي للحوثين في صعدة.

تقارير مسربة كشفت موخرا أن المتمردين الحوثيين حوّل محافظة صعدة «معقل الجماعة» إلى حاضنة للتهريب السلاح وتجارة المخدرات، وباتت المحافظة تُستخدم كمركز آمن ومنطلقاً للتهريب، ومحطة عبور لعصابات وشبكات المخدرات التي يديرها تنظيم «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني، نحو مناطق الخليج.

‫وكشفت التقارير أن “صعده” هي أنشط المحافظات اليمنية علاقة بشبكات التهريب الدولية، التي تمالك قيادات التهريب بارزة من اليمن اغلبها من محافظة صعده، وفي مقدمتهم تاجر السلاح الدولي فارس مناع والقيادي الحوثي دغسان أحمد دغسان، والقيادي الحوثي صالح عجلان.‬
حرب أبناء العموم
وكشف الصراع الأخير والمواجهات التي اندلعت في أكتوبر العام الماضي بين عناصر مليشيات الحوثي المدعومة من إيران والتي يتزعمها عبدالملك الحوثي، وعناصر موالية لمحمد عبدالعظيم الحوثي في مديرية مجز بمحافظة صعدة عن حجم تجارة المخدرات الذي باتت تعتمد عليها المليشيات الحوثية، لتمويل حربها ضد الشعب اليمني.
وأشارت المصادر حينها أن العناصر التابعة لزعيم التمرد هاجمت "آل القمادي"، بمختلف أنواع الأسلحة، بما في ذلك الدبابات والمدفعية، وفجرت عدد من المنازل التابعة للموالين لزعيم المليشيات المنافسة محمد عبد العظيم الحوثي، أن الاشتباكات اسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من الطرفين، على خلفية نزاع على ملكية شحنة ضخمة من المخدرات.
وأكدت مصادر في محافظة صعدة أن زعيم الميليشيا الانقلابية كان وجه بإرسال حملة من مسلحيه بعد أن استولى مسلحون موالون لعبدالعظيم على شحنة ضخمة من المخدرات كانت الجماعة سمحت بمرورها بغرض تهريبها إلى دول الجوار.
ويعتمد عدد من كبار قيادة ميليشيا الحوثي الانقلابية على تجارة المخدرات وتهريبها، لتوفير ملايين الدولارات سنوياً، وهي التجربة المستنسخة من حزب الله في لبنان، حيث استفاد الحوثيون من الخبرات التي تقدمها عناصر الحزب التابع لإيران، والتي تتواجد في اليمن كخبراء تدريب وصناعة متفجرات، كما يوجد خبراء تجارة مخدرات.
وهذا ما أكده المتحدث باسم التحالف العربي في اليمن العقيد ركن تركي المالكي، الذي قال إن المليشيات الحوثية تتعاون مع مسلحي حزب الله في تجارة المخدرات، فيما كشفت مجلة المنبر اليمني أن تجارة الحشيش باتت مزدهرة في المناطق والمحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون.

ولم يعد خافياً سعي المليشيات الحوثية منذ حروبها الأولى في محافظة صعدة لتدمير البلاد في سبيل تنفيذ مخططات إيران الإقليمية، وصولاً إلى قيامها بالانقلاب على الدولة وتدمير مؤسساتها العسكرية والمدنية، ونهب الثروات، في ممارسات ممنهجة لتدمير الوطني، إلا أن وصولها إلى أعمال تدميرية تلحق الضرر البالغ بالمجتمع دق ناقوس الخطر في اليمن، وفي الدول المجاورة التي تستهدفها هذه التجارة المحظورة، فبعد احتكار الأغذية والوقود في السوق السوداء لتدر دخلاً لمليشيات التمرد، أصبحت المتاجرة بالمخدرات والحشيش مصدر إيراد آخر، ووسيلة لتدمير المجتمع اليمني.
ويقول مراقبون أن المخدرات التي تهربها إيران تحتل المقدمة في ترتيب مصادر تمويل ميليشيا الحوثي التي تجني ملايين الدولارات من التهريب والتجارة بها في اليمن، وأوصلت قادة الميليشيات الحوثية، إلى الثراء الفاحش والسريع على حساب اقتصاد اليمن، الذي دمرته، وأوصلت أبناء الشعب اليمني إلى المجاعة المحققة.
وتحدثت تقارير صحفية كثيرة عن تجارة الحشيش والمواد المخدرة التي ازدهرت في عهد الانقلاب الحوثي، والتي أخذت تتدفق بإشراف مباشر من قيادات حوثية كبيرة، وزاد في المقابل نشاط التهريب والتسويق، وزاد تبعاً لذلك عدد المتعاطين.
وكشف معتقلون محررون من سجون مليشيات الحوثي، عن قيام قيادات كبيرة في الجماعة بسجن إحدى الخلايا الخاصة بها والمتخصصة في تهريب وتجارة المخدرات لصالح المليشيات، وذلك بعد خلاف على تقاسم أرباح كبيرة جداً، استأثر بها أفراد هذه الخلية لأنفسهم، فيما أصرت قيادة الجماعة على تسليم كافة العائدات من هذه التجارة.
وأكد المعتقلون المحررون أنهم شاهدوا أعضاء خلية تجارة المخدرات الحوثية في احتياطي الثورة بصنعاء محتجزون، ولديهم كميات من المواد المخدرة التي كانت بحوزتهم ومبالغ نقدية كبيرة، وكانوا ينفقون ببذخ، وانه تم اطلاقهم بعد أيام قليلة بعد التوصل إلى حل مع قيادة الحوثي، وعادوا إلى مناطقهم في صعدة.

‫اليمن .. من دولة ممر إلی مستهدفة‬‬


‫وكان اليمن يصنف من قبل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة دولة عبور للمخدرات إلى دول الجوار الغنية الی عام 2005 حيث كانت أشبه بترانزيت بين دول الإنتاج للمخدرات وخصوصا باكستان وأفغانستان وايران ودول الاستهلاك في الخليج.‬‬

‫ومنذ العام 2006 إي بعد عامين من بدء فتنة التمرد الحوثية في صعدة وإشعال حروب صعدة، بدأت المخدرات في اليمن تأخذ طابع الظاهرة إذ لم تعد اليمن مجرد دولة عبور حسبما أكد مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات مطلع 2006م بان : "اليمن كانت دولة عبور وأخيرا أصبحت مستهدفة بالمخدرات".‬

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد