عودة غريفت - منازعة الشرعية في القرار السياسي

2019-06-13 01:31:22 أخبار اليوم/ خاص

تراجعت الرئاسة اليمنية عن موقفها الرافض لعودة المبعوث الأممي غريفت..
وقالت الرئاسة اليمنية إنها تلقت ضمانات دولية من الأمين العام للأمم المتحدة، بعد محادثات أجراها الرئيس هادي مع مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة التي تشغل منصب مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية/ روزماري ديكارلو، بحضور نائب الرئيس الفريق/ علي محسن، ورئيس الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار.. وأعقب هذا الاجتماع إعلان الرئاسة موافقتها استمرار المبعوث الأممي غريفت في مهمته التي كانت قد اتهمته بالخروج عن مسار مهمته وانحيازه لصالح ميليشيات الانقلاب الحوثي..
ويأتي تغيير موقف الرئاسة اليمنية بعد تصعيد إجماع رافض لعودة المبعوث الدولي من قبل البرلمان اليمني والحكومة والأحزاب اليمنية..
ويعتقد مسؤولون يمنيون أن تراجع الرئاسة عن موقفها تجاه المبعوث الدولي غريفت يأتي استجابة للضغوطات التي تمارسها الحكومة السعودية التي كانت أحد أبرز مهندسي اتفاق استكهولم، بالشراكة مع الحكومة البريطانية، وينظر المسؤولون اليمنيون للموقف السعودي بأنه لا ينسجم مع ما تقتضيه المصالح المشتركة بين الحكومة اليمنية الشرعية وحكومة المملكة، وفقا لما يقتضيه التحالف المشترك لمحاربة النفوذ الإيراني وإنهاء الانقلاب..
ويبدي في هذا السياق، الكثير من المسئولين اليمنيين، مخاوفهم من تخلّي المملكة عن تحقيق أهداف التحالف العربي والذهاب إلى إقامة تفاهمات سياسية دولية، بعيداً عن الرئاسة والحكومة اليمنية الشرعية..
وتزداد مخاوف الحكومة اليمنية بعد تبني مجلس الأمن في جلسته الأخيرة مشروع بيان بريطاني، مشروع بيان رئاسي تقدمت به لدعم مواطنها مارتن غريفيث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لليمن، والذي تتهمه الحكومة اليمنية بالانحياز للحوثيين وإجراءاتهم الشكلية في موانئ الحديدة.
واعتبر بيان مجلس الأمن- الذي حصل على موافقة جميع الأعضاء- إعادة انتشار الحوثيين الأحادية من موانئ الحديدة، والتي ترفضها الحكومة وتصفها بالمسرحية الهزيلة، "تقدماً إيجابياً هو الأول نحو تنفيذ اتفاق الحديدة، مطالباً بالانتقال للخطوات التالية، والتعاون مع المبعوث الأممي من أجل الوصول إلى مشاورات تمهد لسلام دائم في اليمن. وهو بذلك يزيد من مخاوف الحكومة اليمنية من أن تكون المملكة قد تخلت عن سياستها الداعمة لمواقف الحكومة الشرعية..
ويعتقد سياسيون يمنيون في التحالف الوطني المعلن، عن تأسيسه مؤخراً في الرياض، أن التحالف العربي بقيادة المملكة قد انحرف بشكل كبير عن تحقيق أهدافه المعلنة وهي أنها الانقلاب الحوثي وإعادة الشرعية والقضاء على النفوذ الإيراني.
وأكد السياسيون أن انحراف التحالف عن تحقيق الأهداف المعلنة، إلى تحقيق أهداف تتجه نحو تقويض سلطة الشرعية، كما هو حاصل في الجنوب، وإيقاف الجبهات في جميع محاور القتال المحيطة بصنعاء، بعد أن أصبح التحالف هو صاحب القرار في إدارة جميع العمليات العسكرية، بأنه يقود المنطقة وأمنها القومي في مغامرة خطيرة سيكون لإيران وحلفائها الغلبة..
وأكد السياسيون بأن القرار العسكري أصبح في يد التحالف بقيادة المملكة، وأن القرار السياسي يتم الآن منازعة الرئاسة والحكومة الشرعية في استقلاليته من خلال محاصرة الرئاسة بمواقف إقليمية ودولية مغايرة لأهداف الرئاسة والحكومة الشرعية، معتبراً أن موافقة الرئيس على عودة المبعوث الدولي غريفت لممارسة مهامه في اليمن وخاصة الحديدة، كان نتاج تخاذل الأشقاء في الرياض وأبوظبي في دعم الموقف اليمني والذهاب للاصطفاف مع الموقف البريطاني..
قالت مجموعة الأزمات الدولية، إن المسؤولين السعوديين والإماراتيين، تعاملوا بإيجابية وعلى نطاق واسع، مع إعادة الانتشار الأحادية التي أعلنتها الأمم المتحدة والحوثيين.
وأضافت المجموعة- في تقريرها الأخير، وفقاً لما نشره موقع المصدر أونلاين- إن مواقف السعودية والإمارات من الانسحاب الأحادي للحوثيين، إيجابي، على عكس الحكومة اليمنية التي رفضت الخطوة، ووصفتها بالمسرحية.
وأشار التقرير إلى تصريحات المسؤولين السعوديين والإماراتيين، والذين اقتصر في منتصف مايو الماضي، على التحذير من تصاعد الهجمات الحوثية على الحدود السعودية، واعتبار ذلك التصعيد يقوض محاولات تنفيذ اتفاق ستوكهولم، في إشارة إلى إعادة الانتشار الأحادية التي تزامنت مع هجمات حوثية استهدفت منشآت نفطية وخطوط نقل النفط في السعودية.
ولم يتضمن مؤتمر صحفي عقده ناطق التحالف العربي/ تركي المالكي- بعد أيام من إعلان الحوثيين والأمم المتحدة الأحادي في الموانئ- جمل صريحة برفض إعادة الانتشار الأحادية، واقتصر حديثه على اتهام الحوثيين بالمماطلة وعدم الجدية في تنفيذ اتفاق الحديدة، واستمرار ارتكاب الخروقات للتهدئة.. وطالب المالكي –حينها- الأمم المتحدة بالمزيد من الضغوط لتنفيذ اتفاق السويد.
ووفقاً لهذه المستجدات فإن الحكومة الشرعية باتت ساحة المناورة بالنسبة لها شبه معدومة، مالم تسارع إلى اتخاذ مواقف متشددة تجاه المسار الذي تقوده بريطانيا من خلال مواطنها غريفت لفرض واقع سياسي جديد يتجاوز قرارات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني..
ويمثل التعاطي الإماراتي السعودي الغير رافض لمسرحية الحوثيين في الموانئ، والموقف السلبي من أزمة الحكومة الشرعية، مع الأمم المتحدة، (أزمة غريفيث)، موقفاً مخيباً للآمال، على المستوى الشعبي على الأقل..
وبالنسبة لرأي قيادة الحكومة التي باتت تشعر بالقلق، فليس من الوارد أن يصدر عن مسؤوليها في الوقت الراهن، أي انتقادات أو تصريحات معلنة، لا تتوافق مع توجه الدولتين اللتين تقودان تحالفاً عسكرياً منذ أربع سنوات في اليمن، لكن تلك الأهداف، التي انطلق التحالف من أجلها، تتراجع لصالح مشاريع مستقبلية وأجندة خاصة باتت مصدر قلق شعبي ومؤشراً لصراعات قد يطول أمدها وإن تغيرت تسمياتها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد