مرتزقة الإعلام الإماراتي.. الانتصارات المنهوبة في الحروب الهجينة

2019-06-15 04:29:13 أخبار اليوم/ تقرير خاص

"إذا أرادت الدول أن تحسّن من سمعتها، فعليها أن تحسّن من نفسها"، ولكن العلاقة طرية في الحالة اليمنية التي أسقطت أقنعة تمترس خلفها الكثير من مفتعليها، وقشعت الغيمة الضبابية التي حجبت العيون عن الحقيقة، وعرتهم الكثير من المتشدقين بأخلاقيات الحرب، هنا بانت التناقضات واختلط الغث بالثمين.
خمس سنين عجاف من الحرب الدامية في اليمن، أظهرت نوعاً من الحروب الهجينة، في الفناء الخلفي للميدان، حروب هدفها صناعة الرأي العام المحلي والدولي أحياناً وحرف مساره لفرض أمر واقع في أحيانٍ أخرى، حسب مقتضيات المرحلة.
الإمارات- الشريك الثاني في التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن- كانت المبادرة في إشعال فتيل هذه المعركة الهجينة، من خلال تسخير آلة إعلامية ضخمة تعمل على تزييف الحقائق على الأرض، بما يتوافق مع أجندتها التوسعية في اليمن، يقول مراقبون.
سياسة ناعمة صاغها أمراء أبوظبي في حربهم على اليمن، بنَسْجُ لوبي إعلامي في الداخل اليمني والعربي والعالمي، يهدف إلى تمجيد الأعمال الإماراتية في الظاهر، ويستهدف- في المقام الأول- الأهداف الرئيسية التي قام عليها التحالف العربي المشاركة فيه وتقوض دور الحكومة الشرعية بالمناطق المحررة في الباطن، بحسب المراقبين.
على المستوى المحلي تفيد معلومات مسربة، أن حكومة أبوظبي جندت شبكة مرتزقة إعلامية وبحثية هائلة في العاصمة المؤقتة عدن وعدد من المناطق الجنوبية، تعمل على تشويه صورة الحكومة الشرعية ورجالات المقاومة الشعبية التي كان لهم الفضل في تحرير المحافظات الجنوبية إبان الحرب الدائرة مع الانقلابيين مليشيا الحوثي وقوات الرئيس السابق "علي عبدالله صالح"، وتمجّد كلما يمت بصلة بالإمارات وكينونتها الموازية للدولة، وتبث الأفكار، والإشاعات، والمعلومات الخاطئة والمغلوطة وغير السويّة.
وتعمل هذه الشبكة الإعلامية على تغيير وجهات النظر في الداخل اليمني وتسييرها، بما يتوافق مع الأجندات الإماراتية، بالإضافة إلى التلاعب بالرأي المحلي، والوعي العام، ونشر الفوضى وإرباك المشهد في المناطق الخارجة تحت سيطرة المليشيا التابعة لها، في المناطق الجنوبية الشرقية.
ويدير هذه الشبكة مجموعة من الإعلاميين والصحفيين الموالين للمجلس الانتقالي الجنوبي التابع لـ أبوظبي، مكون من أكثر من عشرين موقعاً إلكترونياً وإذاعتين في العاصمة المؤقتة عدن، وثلاث صحف، وملايين من الحسابات الوهمية على منصات التواصل الاجتماعي، تعمل جميعها وفق جملة محددات تصيغها المخابرات الإماراتية.
محددات تشيطن كل معارض للسياسة الإماراتية في اليمن ويمت بصلة للحكومة الشرعية والجيش الوطني والمقاومة الشعبية، ويؤمن بالأهداف التي قام عليها التحالف العربي.
إلى ذلك يمجّد هذا اللوبي الإعلامي العبث الإماراتي الداعم للانفصال في جنوب اليمن، ومليشياته الموازية للدولة، وتكذب فضائح حكومة أبوظبي ابتداء من السجون السرية في عدن والمكلا، امتداد إلى عمليات الاغتيال التي تطال أئمة المساجد عبر مرتزقتها الأجانب بحسب موقع "بزفيد" الإخباري، وتحاول خلق نوع من الفوضى في بعض القبائل الجنوبية كما حدث مع قبائل مرخة شبوة، وتبرر المحاولات الانقلابية على الحكومة الشرعية في عدن، وتتستر على أطماعها الاقتصادية والسياسية في المهرة وجزيرة سقطرى.
شبكة يقول مختصون في الشأن اليمني إن لها دوراً محورياً في تأجيج الصراع في محافظة تعز ودعم العناصر الخارجة عن القانون، والجماعات الراديكالية مثل جماعة أبو العباس المصنفة في قوائم الإرهاب، بتشويه القيادة السياسية والعسكرية التابعة للحكومة الشرعية في المحافظة.
وانتهجت هذه الشبكة الإعلامية التي تفشت في المناطق الجنوبية سياسة تحريضية ومناطقية تهدف إلى إعادة إنتاج الصراع الداخلي في اليمن.
* المن الإماراتي


كشفت أحداث الرابع من مايو/آيار 2018، في محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية، الأطماع الحقيقية لدولة الإمارات في احتلال الجزيرة اليمنية الأكبر والأهم.. ولترميم جرائمها العسكرية وفضائحها السياسية، ذهبت شبكتها الإعلامية في الداخل اليمني وتلك التي تمولها خارج حدودها، بالتبجح بمشاريعها الإنسانية، في محاولة مكشوفة وفاشلة لتغطية جرائمها، في الجزيرة اليمنية.
وجندت هذه الشبكة ترسانتها الإعلامية في سبيل تلميع صورة الإمارات وإعمالها في تنمية الجزيرة.
في المقابل كذبت تحقيقات استقصائية لصحيفة الأندبندنت البريطانية تلك المزاعم، حيث إشارات إلى أن الإمارات في حقيقة الأمر، وعلى أرض الواقع "لم تقم بأي تنمية مستقبلية ذات نطاق واسع، أو أي خطط سياحية شاملة لسقطرى"، وأنها فقط "اعترفت في مايو 2018م، بأنها ترسل مجندين عسكريين إلى الجزيرة اليمنية لتعلم مهارات المعارك الضارية والتعامل مع السلاح، إضافة إلى الإسعافات الأولية، حيث انتهى المطاف بإرسال العديد من تلك القوات إلى جبهات القتال في البلاد بحسب وزير الدفاع الإماراتي".
المن الإماراتي التي يروّج له عبر شبكاتها الإعلامية تزامن مع حملة ممنهجة على منصات التواصل الاجتماعي باسم وهمية ومستعارة لترويج الأعمال التي يصنفها الإمارات في خانة الإنسانية.
* النصر المنهوب
مثل السابع والعشرين من شهر رمضان 2015، تاريخاً مفصلياً في تاريخ العاصمة المؤقتة عدن بشكل خاص واليمن بشكل عام، فقد انطلقت فيه عملية السهم الذهبي، وهي العملية العسكرية التي تمكن من خلالها أفراد المقاومة والجيش الوطني- بدعم من التحالف العربي- من استعادة العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة من قبضة ميلشيا الحوثيين والمخلوع صالح الانقلابية.
نصر لم يغيب التوظيف السياسي من قبل الترسانة الإعلامية التابعة للإمارات في الجغرافيا اليمنية وخارج الحدود نفسها، التي عملت على تهميش دور المقاومة الشعبية وتضحياتها في تحرير عدن ونسبها إلى دولة الإمارات فقط وبعض الموالين لها الذين بدءوا بحصد تضحيات غيرهم عقب تحرير قاعدة العند الجوية.
وتجاوزت الانتهازية التابع للإعلام الإماراتي إلى اللمز في دور المقاومة الشعبية، ليتكرر السيناريو في محافظة الضالع وشبوة الغنية بالنفط، وفي مناطق الساحل الغربي والمخا.
إلى ذلك مثل موت الحليف الثاني في الانقلاب على الشرعية والمهندس الأول لاقتحام العاصمة المؤقتة عدن الرئيس السابق " علي عبدالله صالح"، صدمة قوية لأمراء أبوظبي الذين عولوا عليه كورقة رابحة لتحرير صنعاء.
عقب مقتل صالح وفرار عائلته التي كان من ضمنهم ابن نجل شقيقة طارق إلى شبوة ثم إلى لحج وتمركزه في قاعدة العند الجوية، الذي جعل منها نقطة حشد ومنطلق لقواته ضد حليفة السابق جماعة الحوثي الانقلابية، سخرت هذا الإله الإعلامية نفسها في تلميع الرجل كقائد جديد يعول علية في تنفيذ أجندة الإمارات في شمال اليمن.
وفي ذات الاتجاه لم يتوقف الاستغلال الإعلامية من قبل الإمارات لحالة الركود العسكري في بعض الجبهات المحاذية لصنعاء لتثبيط قوات الجيش الوطني، والتي كان آخرها الترويج لجماعة الحوثي الانقلابية بالسيطرة على مديرية صروح بمأرب.
* تباين سعودي إماراتي
وفي الوقت الذي تحكم الإمارات قبضتها على جنوبي اليمن، يرى مراقبون أن السعودية لا تتفق كثيرا معها، متغيرات كبيرة طرت على المشهد وأفرزت صراع إعلامي بين الحلفاء في التحالف العربي، السعودية والإمارات، حيث شنه الموالون للإمارات في اليمن في شباط – فبراير من العام الحالي هجوم غير معتاد على السعودية، بعد ساعات من نشر قناة "العربية" خبرا عن خلاف نشب بين جماعة الحوثيين وحلفائها في الحراك الجنوبي المنادي بـانفصال جنوب اليمن عن شماله.
وتحدثت القناة عن استقالة ناصر باقزقوز- وزير السياحة في حكومة الحوثيين (غير معترف بها)- المنتمي للحراك الجنوبي، وعزت استقالته إلى تفكك عرى التحالف بين الحوثيين والحراك الجنوبي.
لكن الخبر أثار حفيظة الموالين لما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي أنشأته الإمارات والموالي لها، حيث يرى المجلس أنه يملك الحق الحصري في تمثيل الجنوبيين، وأن أي فصيل آخر لا يجب أن يتحدث باسم الجنوب.
وكانت أبرز الردود ما كتبه هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي -الذي يدين بالولاء المطلق للإمارات- حيث طالب السعودية بتدارك الأمر "أمام السعوديين، القلة من يملكون النفوذ في الإعلام".
واتفق معظم النشطاء السياسيين الموالين للإمارات على أن القناة تسعى إلى تنفيذ أجندة الإخوان المسلمين، وصرف النظر عن شرعية المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل وحيد للجنوبيين، وأن أي مكون آخر لا يتمتع بأي شرعية.
وفي خضم الهجوم، كان آخرون يدافعون عن سياسة السعودية، واتهموا الموالين للإمارات بالجحود والنكران، فالسعودية -حسب قولهم- كانت السبب الرئيسي في انسحاب الحوثيين من مدينة عدن منتصف 2015، ومعظم محافظات الجنوب.
وبحسب المعارضين للسياسة الإماراتية فإن من يهاجم السعودية "باع ضميره للشيطان" وأن تلك القيادات في إشارة إلى الإمارات، أساءت للشعب الجنوبي وقضيته وحراكه السلمي من أجل الوصول إلى السلطة بتمويل دولي يقوده المدعو هاني بن بريك.
وطالت اتهامات التخوين "الانتقالي الجنوبي" كون رئيسه عيدروس الزُبيدي، قال في تصريحات لصحيفة الطريق في سبتمبر/أيلول 2014 أنه تلقى دعما من طهران، وأنه "عندما تخلت عنّا كل الدول بحثنا عمن يدعم ثورتنا فوقفت إيران معنا".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد