ربيب القاعدة وعرّاب الإغتيالات طليق اليد في تعز

من يعيق تحرير تعز؟

2019-06-16 05:56:37 أخبار اليوم/ خاص


في دوامة التناقضات التي اكتنفت المشهد الميداني بمحافظة تعز، ولاسيما خلال الفترة الأخيرة، وما رافقها من التباسات تركت أكثر من علامة استفهام لدى المراقبين حول جدية التحالف في التعاطي مع الهدف المعلن حول نية تحريرها بالكامل وانهاء حصار المفروض عليها من الجماعة الانقلابية.
سيرورة المعركة في محافظة تعز تشير معطياتها الحالية إلى أنها تتجه نحو تشظٍ بائنٍ في طبيعة الأهداف والأجندات بين مكونات التحالف، وهو ما يرسّخ تلك الانطباعات المتشككة حول جدية تحريرها، أو على الأقل التلكؤ في ذلك، من جانب التحالف، الذي يبدو أنه تعمد منذ أكثر من عامين الابقاء على الوضع العسكري كما هو بمحافظة تعز، وأقرب الاحتمالات إلى اليقين يعود إلى قلق أحد أطراف التحالف وعلى وجه التحديد الامارات العربية المتحدة التي تخشى من تصدُّر فصيل معين للمشهد في المحافظة في حال تم تحريرها بالكامل.
تحرك انتقائي للتحالف


اللافت أنه في أعقاب التحرك البري للتحالف لتحرير مديرية المخا الساحلية المطلة على البحر الأحمر، وهي اكبر مديريات محافظة تعز من حيث المساحة، كانت توقعات المراقبين تتجه إلى أن التحالف عازمٌ على المضي في استكمال تحرير ما تبقى من محافظة تعز، بيد أن الامارات التي كانت تقود العمليات البرية لتحرير المخا اتجهت شمالاً نحو عل امتداد الساحل الغربي نحو مديرية الخوخة، وعملت على انشاء قاعدة عسكرية خاصة بها في المخا ناهيك عن منع الصيادين من مزاولة أعمالهم وتهجير أكثر سكان المخا البالغ عددهم قرابة 15 ألف نسمة وفقا لإحصائيات شبه رسمية.
سلوك أبوظبي كشف عن التوجه المضمر للعملية التي كانت مهمتها تتخلص في انتزاع السيطرة على منقطة المخا وذو باب المطلة على باب المندب الذي يمر منه حوالي 80% من نفط المنطقة، وانها أي تهديد للحوثيين على المضيق الحيوي، وقد نجحت في ذلك بما يتفق مع رغبة الولايات المتحدة الأميركية التي كانت قلقة في بقاء سيطرة جماعة الحوثيين الحليفة لإيران على الممر الملاحي الأكثر نشاطا وحساسية في المنطقة، في حين أن مسألة تحرير تعز بالكامل لا يبدو أنه ضمن ألويات السعودية التي تقود التحالف العربية التي أصبحت اكثر تماهيا مع الإمارات صاحبة البادرة في رسم ملامح المعركة على الأرض.
تغذية الانقسام
وبالعودة قليلاً في الجدول الزمني للأحداث في تعز، نجد أن التحالف تخلّى عن حماسه تدريجيًا بالتوازي مع دعم فصائل بعينها كرست لها الدعم المالي والتسليح على حساب أخرى لاعتبارات سياسية تتعلق بمعادلة الولاء والنفوذ داخل المدينة، وصرف النظر عن الهدف الحقيقي وهو مواجهة الانقلابيين الحوثيين، والمفارقة أن خلق مراكز قوى في الهامش الموارب، حمل الوضع إلى دائرة الصدام في أحيان كثيرة مع قوات الجيش الوطني التي تدين بالولاء للقيادة الشرعية التي تمثل البلاد، مثل دعم كتاب أبي العباس وبعض الأطراف الأخرى، وهذا ما يتناقض كليا مع الهدف المعلن الذي تُكذِّبه الواقع على الأرض.
أما من حيث واقعية المخاوف الإماراتية المشار إليها آنفا، فهي لا تتعدى كونها إحدى القفزات غير المبررة على الأهداف التي وضعها التحالف لنفسه في بداية انطلاق العمليات العسكرية في اليمن، لكن ما يعني الامارات من هذا كله هو ترسيخ نفوذ وكلائها المحليين في تعز رغم علمها أنهم لا يمثلون مكونًا وازنًا بالمقارنة مع المكونات المؤيدة للشرعية والمنخرطة في الجيش الوطني الذي يؤمن بسيادة الدولة على المؤسسات الحكومية، حزب الإصلاح مثلا الذي تعتبره أبوظبي خصمًا لدودًا رغم ليونته المبالغ في التعاطي مع تعنت الأطراف التي ترعاها أبوظبي.
"أبو العباس" طليق اليد في تعز


جدير بالإيضاح أن ما يعرف إعلامياً بـ "كتائب أبي العباس" هي عبارة عن تشكيلات مسلحة تم استيعابها ضمن اللواء 35 مدرع التابع للشرعية، يرأس الكتائب القائد السلفي عبده فارع المكنى أبو العباس، الرجل الذي أدرجته وزارة الخزانة الأميركية في قوائم الإرهاب لديها في 25 أكتوبر من العام قبل الماضي، لانخراطه في العمل مع تنظيمات تم توصيفها بـ"الإرهابية"، وارتباطه بأنشطة تمويلية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، بحسب بيان الخزانة الأميركية، كما ارتبط اسم الرجل في عمليات الاغتيالات التي طالت شخصيات عسكرية وحزبية بمحافظة تعز أكثر من مرة، و تحظى المليشيا التي يقودها بدعم مباشر من أبوظبي.
وشكلت الكتائب طيلة الفترة الماضية مصدر تهديد حقيقي للمقاومة والمشروع الوطني في محافظة تعز، حيث تحولت إلى مظلة للتصفيات التي راح ضحيتها المئات رجال الجيش الوطني والمقاومة والناشطين.
ولهذا السبب أطلقت قيادة محور تعز قبل أشهر عملية أمنية ضد كتائب أبي العباس، بعد تكرارها الاعتداءات، واستنزاف جنود المقاومة في عمليات إعدام واغتيالات، وساهمت في الحيلولة دون تطبيع الأوضاع في المدينة وثبطت الهدف الجامع المتمثل في تحرير ما تبقى من المحافظة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين.
الناصري "على خطى أبي العباس"
ولا يختلف الحال كثيرًا مع الحزب الناصري الذي بدا ظهيرًا منسجمًا مع جماعة أبي العباس، في إقلاق ومحاولة اجهاض المشروع الوطني داخل تعز، متكئًا على ذاكرة الأحقاد الحزبية كما بدا ذلك واضحا من مواقفه التي لا تتطابق مع مواقفه إبان اجتياح مليشيا الحوثي لصنعاء حين ظهر أمين عام الحزب في التلفزيون اليمني وابدى كثيرا من الانشراح والتشفي تجاه ما قامت الجماعة الانقلابية، التي بارك انقلابها الذي رأى فيه تحقيقا لأحلام الحركات القومية في اليمن، متجاوزًا حقيقة أن الانقلاب الحوثي كان على الدولة والجمهورية وليس على فصيل معين، وبعيد الاحداث الأخيرة في تعز يتجلى ان "الناصري" ما يزال يفكر في المساحة نفسها، كونه يدرك حقيقة هشاشة قاعدته الشعبية التي تمكنه من مناطحة من يعتبرهم خصومًا سياسيين أكثر صلابة.
وبالطبع، وفق المعطيات الحالية فلن يستطيع أي من هذه الأطراف التي تعمل على تقويض المشروع الوطني في تعز اجهاضه بالكلية، إلا أنها في كل الأحوال ساهمت بشكل كبير _ولا زالت_ في معاوقة تحرير تعز وتبديد الطاقات التي كان من الأجدر بها أن توجه نحو الهدف الجامع الماثل في التصدي للجماعة الانقلابية التي تحاصر المحافظة منذ قرابة 5 أعوام.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد