سبق لـ"أخبار اليوم" أن حذّرت منها، وسط تجاهل لعواقبها:

عبس.. تأخر حسم تحريرها ينذر بكارثة إنسانية كبرى، والكرة بيد التحالف لتجنبها..

2019-07-09 08:22:05 أخبار اليوم/ تقرير خاص


أكثر من ستة أشهر مضت منذ أن تمكنت قوات الشرعية والتحالف العربي من السيطرة على بني حسن شمال مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة، توقفت رحى الحرب فيها مع ميليشيات الحوثي دون أي تقدم يذكر، رغم أن كل الظروف مهيأة لحسم معركتها واستكمال تحريرها.
إطالة أمد الحرب والمواجهات في المنطقة ينذر بكارثة إنسانية كبيرة، كون المديرية تضم ما يقارب من مائتي ألف نسمة من سكانها والنازحون فيها من مديريات أخرى، وسط مخاوف من أن تتحول المنطقة لساحة حرب مفتوحة تكراراً لما حدث في حرض وميدي.
"أخبار اليوم" تناولت في هذا التقرير أبعاد إطالة المواجهات في عبس وإمكانية حسم معركتها وتحريرها، والمآلات المترتبة على تأخر السيطرة عليها من قبل الشرعية والتحالف، وتأثير ذلك على الانقلابيين في مركز حجة والحديدة.... إلى التفاصيل:
السكان والمساحة 


تضم مديرية عبس الواقعة- شمال غرب محافظة حجة- قرابة "١٥٠ ألف نسمة " على مساحة تقدر بـ "ألف و٥١٧ كم٢"، ومع نزوح سكان المديريات الشمالية إليها تضاعف أعداد السكان فيها إلى أكثر من مائتي ألف نسمة، يعيشون جميعهم أوضاعاً معيشية غاية في الصعوبة.
ومع وصول المواجهات بين قوات الشرعية وميليشيات الحوثي إلى أطراف المديرية شمالاً زادت معاناة السكان وتضاعفت همومهم، وبدأت موجات النزوح في التحرك إلى المجهول.
سيناريو حرض
مجريات الحرب والمواجهات التي تشهدها عبس تكاد تكون شبيهة بما حصل في مديريات حرض وميدي مع بداية الحرب ٢٠١٥م، من حيث مستوى التقدم لقوات الشرعية والتحالف، اللذين يسيران في اتجاه إطالة المواجهات فيها، ما يهدد بموجة نزوح كبيرة وما يرافقها من معاناة إنسانية.
بعكس ما جرى في مديرية حيران التي تجنب سكانها مضاعفات إطالة المواجهات، من خلال اقتحامها بشكل سريع وفرض السيطرة عليها من قوات الجيش الوطني، ما يعني إمكانية اتخاذ مثل هذه الإجراءات وتجنيب السكان ويلات النزوح والتشرد.
ظروف مهيأة
وبالنظر إلى واقع المديرية " عبس" ومستوى قوة الطرفين فيها، فلا وجه للمقارنة بين ما تمتلكه الشرعية والتحالف من جهة والميليشيات من جهة أخرى من حيث العدة والعتاد، خاصة وأن الحوثيين يعيشون وضعاً مفككاً وضعفاً في المقاتلين، الذين استنزفتهم في حروبها طيلة السنوات الماضية إلى جانب إحجام غالبية المواطنين عن الدفع بمزيد من المقاتلين إلى صفوفهم.
بالإضافة إلى ذلك الطبيعية الجغرافية للمنطقة التي يصعب على الميليشيات التخفي فيها، كونها مفتوحة، ما يجعل السيطرة عليها من قبل التحالف والشرعية سهلاً جداً ويمكن تقليل كلفته إذا ما وجدت توجهات جادة لذلك.
انسحاب المنظمات/
ومع اقتراب الحرب من مدينة عبس بادرت المنظمات الإنسانية العاملة في المحافظة بسحب موظفيها وإغلاق مكاتبها فيها التي كانت قريبة من مخيمات النازحين، الأمر الذي أدى إلى تضاعف معاناة النازحين، نتيجة تولي الميليشيات الحوثية مهمة تسليم المساعدات لهم، والذين بدورهم يقومون بنهب جزء كبير منها لصالح عناصرهم.
وكشف ناشطون بالمديرية- خلال الأسابيع القليلة الماضية- عن انقطاع المياه عن النازحين ونقص كبير في المواد الأساسية، كما تعرضت مخيمات النازحين في عبس للتلف جراء هطول الأمطار ليجدوا انفسهم في العراء ولم تتخذ سلطات الأمر الواقع أي إجراء للتخفيف من معاناتهم، وتأتي تلك المعاناة نتيجة دخول المواجهات إلى أجزاء من المديرية دون اتخاذ قرار بحسمها لتخفيف الكلفة.
حشد حوثي
ومع إطالة أمد المواجهات تتاح الفرصة امام الميليشيات الانقلابية لترتيب صفوفها وحشد المزيد من المقاتلين ووضع العديد من الخطط والعراقيل التي يمكن أن تؤخر اي تقدم للجيش الوطني، وهو ما يحصل بالفعل، حيث تتركز عمليات التحشيد الحوثية إلى منطقة عبس لما لها من اهمية في حماية المحافظة من السقوط، إلى جانب ما تمثله من اهمية في إبقاء مدينة وميناء الحديدة تحت سيطرتهم خاصة وانهم لم يعد أمامهم من منفذ فيها سوى المنفذ الشمالي الممتد إلى عبس.
موجة نزوح أولية
ومع دخول المواجهات إلى أطراف عبس في منطقة بني حسن، فقد شهدت المنطقة- خلال يونيو الماضي- أول موجة نزوح لأبناء المديرية والذين تجاوز عددهم أكثر من عشرين ألف مواطن، وسط توقعات بارتفاع معدل موجات النزوح في حال استمرت المواجهات بشكل متقطع.
نزوح نازحين 
تقدم المواجهات نحو مدينة عبس، أدى بدوره إلى نزوح مئات الأسر من مخيمات النازحين الذين سبق أن فروا من جحيم الحرب في مديريات حرض وميدي، لتلاحقهم آلة القتل مرة أخرى، غير أن معاناتهم ستكون مضاعفة.
فيما تتهيأ باقي أسر النازحين للتشرد كلما سنحت لهم الظروف بالانتقال، والأهم من ذلك أن هذه الموجات من النزوح تأتي وسط غياب لأي دور إنساني للمنظمات التي تقف الميليشيات الانقلابية حاجزاً دون تنفيذ مهامها الإنسانية للتخفيف من معاناة السكان المدنيين الذين هم من الأطفال والنساء والمسنين.
كارثة.. على وشك
وبهذا المشهد الإنساني القاتم يكاد سيناريو حرض وميدي يتكرر مرة أخرى مع عبس وسكانها الذين تضاعفت أعدادهم مع توافد نازحي تلك المديريات إليها، لتتشكل بذلك ملامح كارثة إنسانية هي الأكبر من نوعها منذ بداية الحرب ضد ميليشيات الانقلاب الحوثية.
فبحسب تقديرات ناشطين في المجالات الإنسانية، فإن إطالة أمد الحرب في المنطقة سيعرّض قرابة مائتي ألف نسمة للنزوح، الذي بدوره يشكل أزمة إنسانية بالغة الخطورة وسط إجراءات الميليشيات التعسفية والعبثية مع المنظمات الانسانية التي لا تصل مساعداتها إليهم.
مخرج وحيد
ويبقى السؤال، لصالح من إطالة الحرب في عبس؟ ولماذا لا يتم حسم معركتها كما تم مع مديرية حيران؟ أم أن التوجه القائم للشرعية والتحالف معا -بحسب دراسات وتوقعات سياسية- ضم منطقة عبس إلى باقي مديريات الشمال بالمحافظة لتكون ساحة حرب مفتوحة ؟!. وهو ما يشكل خطورة بالغة على مئات الآلاف من البشر..
وأمام هكذا مشهد يبقى الحل الوحيد لتجنب تبعات ذلك هو "حسم معركة تحريرها عسكريا" وبشكل سريع، والإمكانات المادية والبشرية لدى الشرعية والتحالف تكاد متوفرة ولا يوجد أي مبرر للتباطؤ أو التأخر في تحريرها، إلى جانب أن تحرير عبس سيعجل بانتهاء الانقلاب في كل من حجة و الحديدة.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد