طلاسم الخمول السياسي

أحزاب التحالف الوطني.. حجر الزاوية في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب

2019-07-27 07:39:35 أخبار اليوم/ تقرير خاص


مع اختلاط أحجار كيان الدولة اليمنية، عقب الانقلاب الأسود في أيلول سبتمبر 2014، باجتياح جماعة الحوثي الانقلابية للعاصمة صنعاء، تحاول جميع أطراف الصراع المتحكمة في مفاصل الحرب الاستحواذ على حجر الزاوية الرئيسية في الدولة اليمنية. 
"العمل السياسي"، حجر الزاوية في منظومة الدولة اليمنية، التي تتأثر عكسيا بمنسوبها ويعكس توجهاتها باستعادة الدولة، وتحقيق التكامل المجتمعـي، وإحلال السلام ويسعى إلى إنهاء الانقلاب الحوثي في اليمن. 
عقب الانقلاب الحوثي وبعد انطلاق عمليات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن في 25 مارس2015، تلاشى العمل السياسي في اليمن وهمش دور الأحزاب السياسية الفاعلة فيها وانحسار هامش الحياة السياسية، نتيجة عوامل عدة من أبرزها، "انقسام الرؤية الموحدة للأحزاب اليمنية، ومحاولة اختراقها من قبل الجوار الإقليمي، والاستقطاب الدولي الحاد لبعض الأحزاب اليمنية، وعدم وجود برنامج سياسي لمساندة الحكومة الشرعية، وتوقف البرلمان بشكل كلي، كل ذلك اثر سلباً على جهود الحكومة الشرعية في معركتها الوجودية مع الانقلابيين الحوثيين لاستعادة الدولة. 
يرى مراقبون يمنيون أن جماعة الحوثي الانقلابية استفادت من خمول الحياة السياسية والحزبية باليمن عقب انقلابها وما تلا عاصفة الحزم، استمدت قوتها من خلافات المكونات الوطنية وسعت جاهدة إلى تأجيجها، وهي عبارة عن تراكمات من المنافسة والصدام، خصوصاً بين أكبر حزبين في البلد، المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، ومن بعدهما بقية الأحزاب. 
ولعبت الخلافات دوراً رئيساً في إطالة المعركة وإبطاء عملية التحرير، من خلال تشتت جبهة الأحزاب السياسية المؤيدة للشرعية، ضد جبهة جماعة الحوثي الانقلابية الموحدة. 
في المقابل سعت بعض التكتلات السياسية إلى إنعاش الحياة السياسية اليمنية الراكدة ورص الصفوف المساندة للحكومة الشرعية، انطلاقاً من منطق الضرورة الوطنية، واستجابة لحاجة الساحة السياسية اليمني، بهدف: دعم مسار استعادة الدولة، وإحلال السلام وإنهاء الانقلاب، واستعادة العملية السياسية السلمية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وبناء الدولة الاتحادية". 
أبجديات التحالف 
التحركات السياسية من بعض الأحزاب اليمنية اصطدمت بأبجديات الإستراتيجية السياسية والعسكرية في منظومة التحالف العربي لإعادة الشرعية، التي تتهم من قبل خبراء بالشأن اليمني بعزل الأحزاب اليمنية المؤيدة للشرعية عن المجتمع من جهة، وعن دورها الرقابي على الممارسات الحكومية في جهودها الهادفة نحو الخلاص من الحرب وإرثها المعقد واستعادة الدولة المنهوبة من قبضة المتمردين الحوثيين من جهة أخرى. 
ويتهم الخبراء بعض الدول المشاركة في التحالف العربي بتهميش دور الأحزاب اليمنية، وإنعاش العملية السياسية في البلاد. 
ويضيف الخبراء: من الملاحظ هو أن الإستراتيجية في التحالف العربي وخاصة دولة الإمارات، تمارس دورا مدروسا بدقة، وسيلته تعميق الخلافات وثقافة الكراهية بين المكونات السياسية، من خلال دعم بعض الأطراف ودفعها إلى استعداء أطراف أخرى، والهدف هو بعثرة المجتمع اليمني إلى شظايا متناثرة، ثم إعادة تجميعها بشكل مدروس، بحيث يؤدي ذلك إلى القضاء على المطالب الشعبية الرافض لمشروعها التوسعي في جنوب اليمن. 
فلسفة حكام أبوظبي سعت بكل الجهود السياسية والعسكرية على التأثير في عملية تحديث الحياة السياسـية في الأحزاب اليمنية، في المقابل عملت على إنشاء كيانات موازية للحكومة الشرعية، تعمل على فصل الحدود السياسية بين الأحزاب والمجتمع اليمني من جهة والأحزاب والحكومة الشرعية من جهة أخرى. 
متغيرات عدة أصابت الحياة السياسية والحزبية في مقتل، لكن انقلاب جماعة الحوثي على حليفها في الانقلاب على الحكومة الشرعية والمقرب من دوائر السياسية الإماراتية "علي عبدالله صالح" قلب المعادلة السياسية والعسكرية في البلاد، وحرك جمود الحياة السياسية. 
تحريك الجمود السياسي 
فتح مصرع الرئيس السابق "علي صالح" وتبعثر حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يقوده الرجل بابا جديدا في الإستراتيجية السياسية للتحالف العربي تجاه الأحزاب السياسية فقاد ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" مسار تحول في العلاقات بين حكومة أبوظبي وحزب التجمع اليمني للإصلاح أكبر الأحزاب اليمن. 
تقارب شكلي بين أمراء أبوظبي وحزب الإصلاح أتاح للأخير بحكم ثقله السياسي والعسكري بقيادة العملية السياسية وتحريك الجمود السياسي في البلاد. 
في 14 أبريل, 2019 أعلن 18 مكونا سياسيا، إشهار تكتل سياسي وطني جديد داعم للشرعية برئاسة الدكتور القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام "رشاد العليمي". 
ويضم التحالف الوطني للقوى السياسية أحزاب المؤتمر والإصلاح والاشتراكي والناصري والحراك الجنوبي السلمي والعدالة والرشاد والنهضة والتضامن. 
ويشمل التحالف الذي أعلن ضمن جلسة البرلمان المنعقدة في سيئون أحزاب الوحدوي اليمني والبعث الاشتراكي والبعث القومي والسلم والجمهوري والشعب وجبهة التحرير والاتحاد الجمهوري. 
وقال بيان إشهار التحالف إن التكتل يأتي استشعارا من الأحزاب والقوى السياسية اليمنية لمسؤوليتها الوطنية، وتعزيزا لدورها السياسي فيدعم استعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب وإعادة بناء مؤسسات الدولة وبسط سلطاتها على كامل التراب اليمني، وقياماً بالواجب الوطني لإنقاذ البلاد وانتشالها من الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية الصعبة. 
ولفت البيان إلى أن الإشهار جاء عقب سلسلة من اللقاءات والاجتماعات المتواصلة للأحزاب السياسية، والتي كرست لمناقشة مختلف القضايا السياسية المتعلقة بالوضع الراهن في البلاد، ومراجعة أداء مختلف الأطراف الوطنية، وبالأخص منها دور الأحزاب والتنظيمات السياسية ومدى أهمية استعادتها لمكانتها في الشراكة كجزء أصيل من الشرعية الدستورية والتوافقية في هذه اللحظة التاريخية الحرجة والمفصلية. 
وأكد التحالف تمسكه بخيار السلام الذي يأتي من التزامه المبدأي بالمرجعيات الثلاث، والذي يضمن إنهاء الانقلاب وما ترتب عليه. 
وأشار البيان إلى حرص الأحزاب والمكونات المشكلة لهذا التحالف على فتح الباب أمام كافة القوى السياسية ومكونات الحراك الجنوبي السلمي وثورة الشباب السلمية للمشاركة في التحالف على قاعدة الشراكة الوطنية واستعادة العملية السياسية. 
قائمة بأحزاب التكتل الوطني: 
1. المؤتمر الشعبي العام 
2. التجمع اليمني للإصلاح 
3. الحزب الاشتراكي اليمني 
4. التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري 
5. الحراك الجنوبي السلمي 
6. حزب العدالة والبناء 
7. اتحاد الرشاد اليمني 
8. حركة النهضة للتغيير السلمي 
9. حزب التضامن الوطني 
10. اتحاد القوى الشعبية 
11. التجمع الوحدوي اليمني 
12. حزب البعث العربي الاشتراكي 
13. حزب السلم والتنمية 
14. الحزب الجمهوري 
15. حزب الشعب الديمقراطي 
16. حزب البعث العربي الاشتراكي القومي 
17. جبهة التحرير 
18. الاتحاد الجمهوري 
*الهدف من التكتل 
تتفق جهات سياسية عدة، على أن إشهار التحالف الوطني للقوى السياسية يأتي استجابة لحاجة الساحة السياسية إلى إطار جامع لمختلف المكونات والقوى السياسية، وذلك بهدف دعم مسار استعادة الدولة ودعم السلام وإنهاء الانقلاب وبناء الدولة الاتحادية. 
على مستوى الصراع مع جماعة الحوثي الانقلابية فإن التحالف الوطني الجديد بين الأحزاب، من شانه أن يضع الجماعة في عزلة ويشكل حصاراً اجتماعياً وسياسيا عليها، والتي استفادة في الماضي من الخلافات والانقسامات التي كان لها دور رئيسي في سيطرة الجماعة المتمردة على الدولة ومؤسساتها. 
وعلى المستوى البيت الداخلي للحكومة الشرعية فيعتقد الخبراء، أن العمل المشترك للأحزاب مع المؤسسات الرسمية "سيقوي صف الشرعية، ويسهم في استعادة دورها الذي أصبح باهتا في الفترة الماضية"، وسيسهم في إنجاز مراجعة شاملة لمؤسسات الشرعية، ويحفزها على تفعيل المؤسسات والقوانين، ومنها قوانين الخدمة المدنية والالتزام بها، وكذلك الاهتمام بعدن وتهيئتها لتكون نموذجا إيجابيا للمناطق الخاضعة للشرعية، إضافة إلى التركيز على إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية، وسحب السلاح من القوى، وإدماج المقاومة في الجيش والشرطة. 
وفي السياق يسعى تيار في حزب المؤتمر الشعبي العام، من خلال مشاركتها القوية في هذا التحالف إلى التنسيق فيما بينها ومحاصرة الخلافات الداخلية، التي بعثرت الحزب في أكثر من قطر عربي. 
حسابات سياسية 
مع دخول الحرب اليمنية منعطفات معقدة، في ظل غياب أفق الخلاص منها، يبدو أن واقع الحسابات الميدانية على الأرض من تشكيل التحالف الوطني تكبح تحركاته الهادفة لإنعاش الحياة السياسية اليمنية الراكدة. 
فخلال أكثر من 100 يوم من تاريخ تأسيس لا يزال الجمود السياسي يحكم نسق تحركات التحالف الداعم للشرعية، بسبب الحسابات السياسية للدول المشاركة في التحالف العربي (السعودية_ الإمارات) من جانب وحسابات الرئاسة اليمنية من جوانب أخرى تجاه التحالف الجديد. 
المعلومات الواردة من الرئاسة اليمنية تفيد أن فكرة تأسيس هذا الائتلاف الوطني كانت طرحت منذ وقت مبكر، لكن الرئيس اليمني/ عبد ربه منصور هادي، ظل يقاوم الفكرة لفترة طويلة. 
الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول انعكاس دور هذا التكتل في إحياء العملية السياسية، على دعم مسار استعادة الدولة الشرعية، وإدارة الدولة في المناطق المحررة، وتأثيرها على الجانب العسكري والميداني على الأرض، في ظل التحفظ الرئاسي. 
في المقابل تباينات وجهات النظر السعودية مع نظيرتها الإماراتية تجاه التحالف الجديد، فبحسب الكاتب والمحلل السياسي "ياسين التميمي"، فإن حسابات الرياض وأبو ظبي تقضي بحسم الموقف في اليمن عسكريا وسياسياً من خارج المنظومة السياسية، التي تشكّل أحد معالم الدولة الديمقراطية التي يسعى الجميع لاستعادتها بعد دحر انقلاب الحوثيين. 
الحسابات الإماراتية 
استطاعت الرياض قلب الطاولة على الحليف الثاني في التحالف حكومة أبوظبي، من خلال إحياء فكرة التحالف وإشهاره بالتزامن مع عقد اجتماع مجلس النواب في سيئون، ما يمثل حالة افتراق في وجهات النظر بين الرياض وأبو ظبي بسبب أن الأخيرة لا يزال موقفها متشددا من حزب الإصلاح، ولا يقبل بأي دور سياسي له، سواء ضمن تحالف القوى السياسية أو في الميدان. 
صناع السياسية الخارجية للإمارات يرون في الخطوة السعودية المساندة لأحزاب التحالف الوطني والساعية إلى إنعاش العمل السياسي ونقل برنامجه السياسية على ميدان الواقع يهدد تطلعاتها التوسعية في المستقبل ويستبعد حلفاءها المحليين في اليمن من المعادلة السياسية، (الانتقالي الجنوبي وحزب المؤتمر المؤيد لسياستها بزعامة نجل صالح "أحمد علي" و"طارق محمد صالح")، الذي يربطهم خيط عدم الاعتراف بالشرعية والمرجعيات الثالث. 
في خضم هذه التطورات على الساحة السياسية اليمنية، تحاول أبوظبي فرض معادلة سياسية خاصة بها من خلال ميليشياتها المسلحة في الجنوب بعرقلة جهود أحزاب التحالف الوطني، ومنع تحريك المياه الراكدة والفراغ والجمود السياسي في المناطق المحررة جنوب وشرقي اليمن. 
الخلاصة 
ليس خفياً على الشارع اليمني أن هناك مساعي دولية للقضاء على الفكر السياسي ومحاولة اختراقه، وتبني مشروع التيارات الراديكالية المتطرفة التي لا تؤمن بمشروع الدولة اليمنية. 
تهدف هذه المساعي إلى الحيلولة من خلق جبهة وطنية جامعة تضم كل الأطراف، تدعم مسار استعادة الدولة، وإحلال السلام وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العملية السياسية السلمية، التي تقوض مشروعها التوسعي في اليمن. 
في الأخير: 
يعد مشروع أحزاب التحالف الوطني الدعم للشرعية، خطوة أولى في مسار الخروج من الأزمة، وبمثابة إحياء للمنظومة السياسية التعددية، ولكن هذا المشروع الهداف إلى إحياء العملية السياسية في اليمن، عاجزة عن الفعل المؤثر والمؤدي للتغيير الإيجابي في المحيط المُرتَهن في ظل استمرار بقاء عمل تلك الأحزاب خارج الجغرافيا اليمنية..


‏‫‬

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد