كيف يرسم الاتحاد الأوربي خارطة التحالف في القضية الجنوبية..؟

2019-07-28 07:18:49 أخبار اليوم/ تقرير خاص


كانت تعتقد أنها تمسك جيداً بتقنيات ودِيناميكية الحرب في اليمن، ولكن فتَل خيوطها المعقدة بدأت بالانخراط من أصابعها رويدا، وخذلها القريب قبل البعيد، وتكالب عليها الحلفاء والأعداء، لتترك وحيده هناك تواجه سَوْءات إعمالها.
نتجه حتمية لانحراف بوصلة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية في اليمن، يقول البعض.
فعقب خمس سنوات من رحى الحرب الدامية في اليمن، زاد المشهد تعقيداً وفُرض واقع جديد مع كل يوم جديد، وتعدد اللاعبين الإقليمين في دائرة الصراع التي بدأت تتوسع وتأخذ منحى خطير، خاصة مع التوترات التي تشهدها الضفة الخليجية وشبح الحرب الذي يلوح بأفقه بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، والانسحاب الإماراتي المفاجئ من الحرب في اليمن والذي عقبة انسحاب جزئي للقوات السودانية، يضيف آخرون.
مالا يختلف عليه المراقبون أن هناك من أوقع السعودية، التي تقود التحالف العربي لإعادة الشرعية، في مستنقع الحرب باليمن، في ظل خريطة النفوذ المبهمة، التي أزاحت نسبياً الحكومة الشرعية من المشهد السياسي العسكري في الجغرافيا المحررة جنوب وشرق اليمن، ومكنت في الوقت نفسه من ترسيخ الوجود الحوثي في المناطق الشمالية التي مازالت تقبع تحت سلطها.
تزامن هذه الانسحابات المتتالية للقوات الإماراتية والسودانية مع وصول وانتشار قوات سعودية لليمن، وأحاديث وتصريحات متفرقة تتحدث عن فتح الإمارات قنوات تواصل مع إيران والحوثيين أيضا، وهو الأمر الذي يثير التساؤلات عن الدلالات الفعلية التي تقف خلف كل هذه التطورات، وما إن كان الانسحاب ممهدا لاتفاق سياسي وشيك بعد خمس سنوات من الحرب.
نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني/ نعيم قاسم، كشف- في وقت سابق- عن وجود قنوات تواصل سرية بين المتمردين الحوثيين ودولة الإمارات العربية المتحدة.
* ترتيبات دولية
بحسب خبراء سياسيين فإن هذه التطورات تصب في مجرى الترتيبات الدولية والإقليمية الساعية، إلى تمهيد الأرضية المناسبة للذهاب نحو حل سياسي شامل والتقارب مع المتمردين الحوثيين، وإعادة تشكيل خارطة النفوذ السياسي والعسكري في اليمن.
هذه الترتيبات تقودها كل من بريطانيا عبر مبعوث الأمم الذي يحمل جنسيتها "مارتن غريفيث"، ودول في الاتحاد الأوروبي الطامعة بالنفط الإيراني، وروسيا، ودولة الإمارات المتهمة بتجليد 90 إلف جندي خارج المؤسسة العسكرة للحكومة اليمنية.
هدف جميع هذه الدول إلى التقارب مع كل الفصائل السياسية والعسكرية التي لا تؤمن بالحكومة الشرعية، في جنوب البلاد (لانتقالي الجنوبي)، وبمشروع التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لكبح جموح إيران عبر اذرعها جماعة الحوثي الانقلابية في شمال اليمن.
للجهود الدولية البريطانية، والأوروبية التي تهدف إلى التقارب الأكثر مع إيران، ومن خلفها المساعي الروسية والاستراتيجية الإماراتية في جنوب اليمن، من خلال التستر بخطة للمبعوث ألأممي "غريفيث"، للسلام في اليمن تسعى إلى إيجاد موضع قدم له في اليمن يمكنها على المنظور القريب من لعب دور إقليمي في المنطقة الشرق أوسطية في ضل شبح الحرب الذي يلوح في أفق المياه الخليجية بين كل من إيران ووكلائها والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، وذلك لن يتم إلى بالاتي:
* إيجاد أرضية مناسبة لتفكيك المرجعيات الأساسية، (مؤتمر الحور الوطني، والمبادرة الخليجية، والقرار الأممي ٢٢١٦
*إعادة إنتاج الصراع، من خلال التقارب مع الجماعة المسلحة والمليشيات الخارجة عن سلطة الدولة اليمني
*إزاحة الحكومة اليمنية والمملكة العربية السعودية من المعادلة السياسية والعسكرية في جنوب وشمال اليمن
*إعادة تشطير اليمن إلى شمال، بقيادة جماعة الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، وجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الموالي لدولة الإمارات، وبعض فصائل الحراك الانفصالي.
*فصائل الجنوب في عمّان
في ظل تداخل خيوط اللعبة وتعقيدات المشهد اليمني، وتداخل الأدوار الإقليمية المتناسقة، استطاع المبعوث ألأممي/ مارتن غريفيث، من إعادة تركّب خارطة اليمن وتقسيم كعكة النفوذ بين القوى الإقليمية المشاركة في تكتل الرافض للحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة المملكة.
فعقب التقارب البريطاني مع جماعة الحوثي الانقلابية عبر المبعوث ألأممي غريفيث، التي أقصت لحكومة الشرعية من معادلة الحرب في الحديدة، واستكمال المشروع الإماراتي المناهض للحكومة الشرعية والتحالف العربي في جنوب اليمن، والقرار الأخير بسحب جزء من قواتها في اليمن، والذي أعقبة انسحاب جزئي أخر للقوات السودانية، ليأتي الدور على دول الاتحاد الأوروبي، الذي استغلت القرار الإماراتي بحسب قواتها، بمحاولة استثارة القضية الجنوبية، في ضل تزايد المطالبات الانفصالية عبر ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.
فقد احتضنت العاصمة الأردنية عمّان السبت، لقاءً موسعًا يجمع رؤساء جنوبيين سابقين وقادة في فصائل الحراك الجنوبي وقيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي، في خطوة يرعاها المعهد الأوروبي للسلام لمناقشة ملف القضية الجنوبية في إطار الصراع الدائر في البلاد.
اللقاء الذي ينظمه المعهد الأوروبي للسلام يناقش ملف القضية الجنوبية، عبر الجلوس مع عدد من القادة السابقين في جمهورية اليمن الديمقراطية سابقًا، من ضمنها الرئيس الجنوبي/ علي سالم البيض" و "أبوبكر العطاس" و رئيس الوزراء اليمني المقال "خالد بحاح" و نائب رئيس اليمن الجنوبي سابقا "عبدالرحمن الجعفري "، وممثلين عن فصائل وقوى في الحراك الجنوبي بغية بحث الوسائل الممكنة لإنجاز توافق بين المكونات الجنوبية والخروج برؤية موحدة لتمثيل ملف الجنوب في أي مفاوضات قادمة.
بحسب مصادر إعلامية فإن اللقاء سيناقش بدرجة رئيسية إمكانية تحقيق توافق بين القادة التقليديين في الجنوب للدفع نحو إحداث تأثير على القوى والفصائل المحلية بما يساهم في تكوين فريق واحد سيتولى لاحقًا ملف التمثيل للقضية الجنوبية.
* رسم تحالفات جديدة
محاول أوربية جديدة تسعى لإعادة رسم التحالفات بين القيادات الجنوبية التي تبعثر بين الولاء للدولة والحكومة الشرعية وبعض القيادات الدخيلة التي تدين بالولاء لأمراء أبوظبي، وإعادة إنتاج بقية القيادات لمهمشة التي تدين بالولاء للنظام الإيراني.
يرى مراقبون أن مساعي المعهد الأوروبي الذي يتبنى الإستراتيجية السياسية للاتحاد، تسعى إلى مقاربة وجهات النظر الإماراتي مع حليفها الغير معلن النظام الإيراني، في الملف اليمني من خلال:
1- زيادة أطراف الصراع المحلية جنوب اليمن وإفراز صراع جديد، بما يخدم مشاريعهما التوسعية.
2- تقويض التواجد السعودي في المناطق الجنوبي والذي يهدد الطموحات الإماراتية من جهة، ويساهم في إفشال مشروع التحالف العربي بقيادة السعودية عبر توحيد فصائل الحراك الانفصالي جنوب اليمن من جهة أخرى.
3- إزاحة الحكومة الشرعية من معادلة النفوذ جنوب اليمن.
4- تقسيم الجغرافيا اليمنية بين، قوى الحراك الجنوبي الانفصالي جنوب اليمن، بما يخدم الإستراتيجية الإماراتي، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران في شمال البلاد.
5- رفع منسوب التهديد العسكري على السعودية عبر توحيد فصائل الحراك في المناطق الجنوبية، بالتزامن مع التهديدات العسكرية لجماعة الحوثي في الحدود الشمالية لليمن.
في خضم تزايد التدخلات الخارجية، والتنافس الشديد بين القوى الجنوبية، السؤال الذي يطرح نفسه هل سيخرج اللقاء بين فصائل الحراك الجنوبي في عمان، بنتائج جيدة تحقق تفاهمات بين القادة الجنوبيين بالنظر إلى تعمق الخلافات بين القادة التاريخيين في الجنوب من جهة وبين قادة الفصائل المحلية في الجنوب من جهة أخرى التي تتنازع حول السيطرة والنفوذ؟
*الخلاصة
منعطف جديد في مسار القضية الجنوبية تسعى من خلاله دول الاتحاد الأوربي إعادة تموضعها في الجغرافيا اليمنية، ومياهها الإقليمية، عبر فصائل الحراك الجنوبي، من جهة والتقارب مع النظام الإيراني والإماراتي برسم ملامح تحالف جديد يضم أذرع طهران وأبوظبي تحت مظلة مظلومية القضية الجنوبية، التي تهدد مستقبل اليمن الاتحادي والمبادرة الخليجية والقرارات الأممية، وتهدد أيضاً المملكة العربية السعودية، يقول مراقبون.
ويضيف آخرون استطاعت إيران- خلال سنوات الحرب الدامية في اليمن- استغلال ثغرات التحالف العربي وانجراف بوصلة أهدافه من إقحام لاعبين جدد في المعادلة، الأمر الذي سمح لها- عبر هؤلاء اللاعبين- من التقارب مع أقرب المشاركين في التحالف (الإمارات) التي تجمعها مع وكلائها جماعة الحوثي الانقلابية، عدم الإيمان بالحكومة الشرعية، في مقابل خذلان حكومة أبوظبي لأكبر حليف استراتيجي وعربي لها.
وفي السياق فإن إرهاصات خمس سنوات من دِيناميكية الحرب باليمن، وضعت المملكة العربية السعودية داخل دائرة التهديد المحلي عبر المليشيات المدعومة إماراتياً والتي تحظى بدعم إقليمي ودولي، والتهديد الخارجي عبر التقاربات التي تقودها دول الاتحاد مع طهران لتجريد الرياض من أي نفوذ جنوبي اليمن.
في الأخير تتعقب أدوار نسيج التحالفات التي حاكها مبعوث الأمم "مارتن غريفيث" ابتداءً من بريطانيا التي تبحث عن طريق لعودتها إلى مستعمراتها القديمة، عبر مدينة الحديدة، والتقارب مع جماعة الحوثي الانقلابية ومحاولة فرضهم.
ومروراً بالانسحاب الإماراتي والسوداني نتيجة الضغوط البريطانية على أبوظبي.
وانتهاء بالمراوغات الأوربية التي تهدف إلى تقديم ملف القضية الجنوبي قرباناً للتقارب مع النظام الإيراني.
بانتظار المجهول بما سيقدمه السيناريو الروسي بشأن الملف اليمن..!؟

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد