عمال إغاثة أمميون يغتنون من أموال المساعدات لليمن:

تحقيق أميركي يكشف فساد منظمات أممية وتلاعب وكسب غير مشروع

2019-08-06 07:24:39 أخبار اليوم/ متابعات


كشف تحقيق الوكالة الأميركية "أسوشييتد برس"، أن أكثر من عشرة عمال إغاثة تابعين للأمم المتحدة، تم توظيفهم للتعامل مع الأزمة الإنسانية الناجمة عن خمس سنوات من الحرب الأهلية في اليمن؛ متهمون بالكسب غير المشروع، والتعاون مع المتحاربين من جميع الأطراف لإثراء أنفسهم من الموادّ الغذائية والأدوية والوقود والأموال المتبرع بها دولياً.
وذكرت الوكالة أن مسلحي مليشيا الحوثيين منعوا محققين تابعين للأمم المتحدة من مغادرة صنعاء وبحوزتهم أجهزة كمبيوتر محمولة ومحركات أقراص خارجية تدين موظفي الأمم المتحدة وقيادات حوثية بالفساد والتلاعب بالمساعدات الإنسانية في اليمن، وقاموا بمصادرتها.
وحصلت الوكالة الأميركية على وثائق التحقيق الداخلية للأمم المتحدة، وقابلت ثمانية عمال إغاثة ومسؤولين حكوميين سابقين..
مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية تجري تحقيقاً في المزاعم بأن أشخاصاً غير مؤهلين قد تم توظيفهم في وظائف ذات رواتب عالية، وتم إيداع مئات الآلاف من الدولارات في حسابات مصرفية شخصية للعاملين، والموافقة على إبرام عشرات العقود المشبوهة دون توفر المستندات المناسبة، وفقدان أطنان الأدوية والوقود المتبرع بها.
وتحدث الأشخاص إلى الوكالة عن التحقيقات، شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفاً من الانتقام.
ويقول منتقدون إن هذا الفساد يهدد شريان الحياة الدولي، الذي تعتمد عليه غالبية سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة.
يأتي هذا، فيما أعلن الحوثيون والأمم المتحدة، اتفاقاً من أجل استئناف المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات مع برنامج الأغذية العالمي.
فساد الصحة العالمية
وجاء الإعلان العلني الوحيد عن التحقيق في جملة مدفونة في 37 صفحة من التقرير السنوي للمدقق الداخلي، لعام 2018 للأنشطة في جميع أنحاء العالم. ولم يذكر التقرير زاغاريا بالاسم. ووجد التقرير الصادر في الأول من مايو الماضي أن الضوابط المالية والإدارية في مكتب اليمن كانت "غير مرضية" - وهو أدنى تصنيف لها..
وأشار إلى وجود مخالفات في التوظيف وعقود تم إبرامها دون منافسة ونقص في الرقابة على المشتريات.
وأكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، تاريك جاساريفيتش لـ"أسوشييتد برس"، أن التحقيق جارٍ".
وأضاف إن زاغاريا تقاعد في سبتمبر 2018، لكنه لم يؤكد أو ينفي أن زاغاريا كان بالتحديد قيد التحقيق.
وقال: "مكتب خدمات الرقابة الداخلية يحقق حالياً في جميع المخاوف التي أثيرت.. يتعين علينا احترام سرّية هذه العملية، ولا يمكننا الخوض في تفاصيل مخاوف بعينها".
وذكر أربعة موظفين حاليين وسابقين، أن مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن - تحت قيادة زاغاريا - يعجّ بالفساد والمحسوبية. وذكر ثلاثة منهم أن زاغاريا استعان بموظفين مبتدئين - عملوا معه في الفيليبين - ورقاهم إلى وظائف ذات رواتب مرتفعة، رغم أنهم غير مؤهلين.
وقال مسؤول إغاثي سابق، إن "الموظفين غير المؤهلين الذين يتقاضون رواتب مرتفعة يقوّضون نوعية العمل ومراقبة المشروعات، ويخلقون ثغرات كثيرة من أجل الفساد، مضيفاً إنه "اعتمد زاغاريا أيضاً عقوداً مشبوهة دون توفير عطاءات تنافسية أو تقديم وثائق إنفاق".
رشوة في عدن


ووفقاً للوثائق الداخلية، تم الاتفاق مع شركات محلية لتقديم خدمات في مكتب عدن التابع لمنظمة الصحة العالمية، تبين أنها تضم أصدقاء وأفراد عائلات موظفي منظمة الصحة العالمية وبتكلفة إضافية مقابل الخدمات.
وشوهد صاحب شركة يسلم نقوداً لأحد الموظفين، وفقاً لما تظهره الوثائق، وهي رشوة واضحة. وفي عهد زاغاريا، استخدمت أموال المساعدات المخصصة للإنفاق خلال حالات الطوارئ مع القليل من المساءلة أو المراقبة، وفقاً للوثائق الداخلية.
تحويل اموال
وبموجب قواعد منظمة الصحة العالمية، يمكن تحويل أموال المساعدات مباشرة إلى حسابات الموظفين، وهو إجراء يهدف إلى تسريع شراء السلع والخدمات وسط الأزمة.
وتقول المنظمة إن "هذا الإجراء ضروري لمواصلة العمليات في المناطق النائية، لأن القطاع المصرفي في اليمن لا يعمل بشكل كامل.
ونظراً لأنه من المفترض أن تكون هذه العملية مقصورة على حالات الطوارئ، فليس هناك شرط بأن يتم تحديد الإنفاق على هذه التحويلات المباشرة".
ووافق زاغاريا على التحويل المباشر للأموال، بقيمة إجماليها مليون دولار لبعض الموظفين، كما نصت الوثائق، لكن في كثير من الحالات، لم يتضح كيف أنفق هؤلاء الموظفون المال.
ولم يرد زاغاريا على تساؤلات طرحتها عليه "أسوشييتد برس" عبر البريد الإلكتروني.
وتنظر اليونيسف، وهي وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة تعمل في اليمن، في مزاعم ارتكاب موظفيها مخالفات في اليمن.
ووفقاً للعديد من الأشخاص الذين تحدثوا إلى الوكالة الأميركية، فإن هناك علاقات وثيقة بين موظفي الأمم المتحدة والمسؤولين المحليين في كلا طرفي الصراع.
تقرير سري
وذكر تقرير سرّي للجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية باليمن، الذي حصلت عليه "أسوشييتد برس"، أن سلطات الحوثي تضغط باستمرار على وكالات الإغاثة، لإجبارها على توظيف موالين لهم، وإرهابهم بالتهديد بإلغاء التأشيرات بهدف السيطرة على تحركاتهم وتنفيذ مشروعات بعينها.
وقال مسؤول أن عدم قدرة الأمم المتحدة أو عدم رغبتها في معالجة الفساد المزعوم في برامج مساعداتها، يضرّ بجهود الوكالة لمساعدة اليمنيين المتضررين من الحرب.
وأضاف مسؤول الإغاثة: "هذه فضيحة لأيّ وكالة وتدمير حيادية الأمم المتحدة".
وقال نشطاء يمنيون إن الإجراءات التي اتخذتها وكالات الأمم المتحدة مرحب بها ، لكنها لا ترقى إلى مستوى التحقيقات اللازمة لتتبع ملايين الدولارات من الإمدادات والأموال من برامج المساعدات التي فقدت أو تم تحويلها إلى خزائن المسؤولين المحليين على جانبي الصراع منذ بداية الحرب الأهلية.
خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كان النشطاء يطالبون بتحقيق شفاف حول المساعدات في حملة بعنوان "أين هي أموال المساعدات؟" ويطالبون الأمم المتحدة والوكالات الدولية بتقديم تقارير مالية حول كيفية تدفق مئات الملايين من الدولارات على اليمن منذ عام 2015 تم إنفاقها.
وفي العام الماضي، قالت الأمم المتحدة إن المانحين الدوليين تعهدوا بتقديم ملياري دولار إلى الجهود الإنسانية في اليمن. ويتركز تحقيق منظمة الصحة العالمية في عملياتها في اليمن على نيفيو زاغاريا، وهو طبيب إيطالي كان يشغل منصب رئيس مكتب المنظمة في صنعاء من 2016 حتى سبتمبر/ أيلول 2018، طبقاً لثلاثة أفراد لديهم معرفة مباشرة بالتحقيق.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد