القضية الجنوبية "الانقلاب على الاخلاق"

2019-08-07 06:48:08 أخبار اليوم/ المحرر السياسي

 

 

كانت القضية الجنوبية تشغل حيزاً واسعاً في الساحة اليمنية، وكان الجميع متعاطفاً معها ويرى بأنها تشكّل مظلومية لا ينبغي تجاهلها وأن من حق الجنوب أن يتخذ القرار الذي يريده، وأن التعاطف الأوسع في هذا الجانب كان في المحافظات الشمالية، لكن المتغير السياسي الذي اشتغلت عليه الإمارات بخلق ميليشيا خارج مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية وخلق مناخات الخصومة والعداء بأسلوب مناطقي والفوضى الذي تحدثها هذه الميليشيات، عكست نفسها على القضية الجنوبية سلبياً..

 فالترحيل والتهجير والإرهاب بالضرب والقتل وإغلاق المحلات التجارية والمطاعم الخاصة بالشماليين كانت لها ردات فعل واسعة الإرجاء محلياً وعربيا ودولياً، فالجميع شجب وأدان واستنكر الأفعال الخارجة عن القانون والتي تشكل تمرداً حقيقياً على الدولة وعلى القوانين النافذة وتستوجب محاكمة من قام بتلك الممارسات الشنيعة واعتباره خارجاً عن القانون وفي حكم المتمرد.

وهو أمر ينبغي على القيادة السياسية ممثلة في الرئيس/ عبد ربه منصور القيام، به واتخاذ الإجراءات التي تحقق الأمن والاستقرار وتكفل عدالة القضاء.

فالواقع ومآلاته لم يعد يحتمل هذه التصرفات الرعناء والتي أضرت بالحياة المدنية كما أحدثت ضرراً بالغاً في القضية الجنوبية التي عمل بتفاني عجيب المجلس الانتقالي على تشويهها وجعلها قضية إرهاب ومناطقية لا تعبر عن الجنوب وأهله قدر ما تعبر عن قوى مأزومة ارتهنت لأبو ظبي وعبّرت عنها في إشعال فتيل الفتن وترك الجنوب قابلا للاحتراق والاحتراب الداخلي ليسهل لها السيطرة والتمكن من الجغرافيا الجنوبية التي تشكل خطراً اقتصادياً على الإمارات في حالة استتب الأمن والاستقرار ونهضت الدولة اليمنية من معتركها الراهن الذي لعبت فيه سياسة الإمارات دوراً غير نزيه وخارج الدور المرسوم للتحالف وهو إعادة الشرعية الدستورية وتطبيق القرار الأممي ٢٢١٦وتسليم الميليشيات الحوثية للسلاح..

 وهو ما حدث العكس تماما فقد عمدت الإمارات إلى صناعة ميليشيا في الجنوب واشتغلت بها على الفوضى والتناحر كما عطلت القرار الأممي حين ذهبت في منحى آخر وهو عرقلة الحسم العسكري في إنهاء الانقلاب الحوثي، بما يعني ننا أمام تعاون إماراتي إيراني مثمر ولصالح الحوثيين..

 ولعل المباحثات الأخيرة بين ابو ظبي وطهران تكشف خبايا كثيرة من فعل المؤامرة على الوطن اليمني وحتى على الرياض.. وإذا لابد من صياغة أخرى للمعادلة السياسية على ضوء معطيات الواقع ووضع حد لميليشيات زرعتها طهران في الشمال وزرعتها ابو ظبي في الجنوب تتناغم بهدف جعل الوطن متشظياً يعيش صراعات مناطقية ومذهبية وعرقية وهو أمر ينبغي الوقوف أمامه بصلابة.. فمشروع المحتل الإماراتي صار أكثر سوءا وخطرا على مستقبل اليمن والدولة اليمنية.

وهنا يتأكد للمتابع ما يتعرض له أصحاب البسطات والمطاعم من الشماليين بأن إرهابهم وتهجيرهم قسوة ليس ظاهرة فردية وإنما فعل مدروس وبعناية يستهدف القضية الجنوبية وخلق ردات فعل سلبي حيالها وهو ما حدث مؤخرا.. وثانيا لخلق حرب أهلية في الجنوب لا تبقي ولا تذر، باعتبار أنها ستنتقل من تهجير الشماليين إلى تهجير أصحاب ٤٨ .. إلى تطاحن مذهبي سلفي إصلاحي إلى مناطقي أبيني ضالعي ....الخ.. هذه التداعيات التي تمت برمجتها إماراتيا عبر مرتزقتها في الحزام الأمني والنخب المهرية والشبوانية...الخ..

نحن إذن أمام مخطط إماراتي بأدوات جنوبية يشكل خطراً غير عادي على الوطن اليمني ومالم يكن هناك موقف فاعل ومؤثر وقوي ببسط نفوذ الدولة ممثلة في الشرعية الدستورية، فإن الآتي أعظم مأساة ولا سبيل للخروج منه إلا برؤية موحدة لكل القوى الوطنية ومجابهة الخارجين عن القانون ومحاكمتهم محاكمة عادلة والقضاء على الميليشيا واعتبارها متمردة وانقلابية وفقا لأحكام الدستور والقانون..

‏‫

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد