بين كيد الإمارات وتنمُّر "الانتقالي".. هيبة الشرعية على المحك

2019-08-08 07:18:57 أخبار اليوم/ تقرير خاص

مجددًا يتعثر الرئيس هادي وحكومته المعترف بها دولياً في اجتراح الفعل السياسي الكفيل بإخراج البلاد من عنق الزجاجة، بعد أن أثبت _أكثر من أي وقتٍ مضى_ توعك شرعيته بمتلازمة الخواء الفصيح في احتواء المشهد العبثي الذي تديره الإمارات عبر بيادقها المحليين في عدن وبعض مدن جنوب اليمن منذ قرابة أسبوع ضد أبناء المحافظات الشمالية من تنكيل وحشي بجريرة انتمائهم المناطقي من قبل المليشيات المدعومة من الإمارات والمنضوية تحت إدارة "الانتقالي الجنوبي" الذي ما يزال مصرًا على محاولة إظهار ما يجري على أنه ردة فعل شعبية لا علاقة له بها، رغم كل البراهين التي تومئ إلى عرَّابها.
الوباء المناطقي الذي أطل من كُمِّ الوكلاء المحليين للإمارات في جنوب اليمن، أثار سخطًا واسعًا لدى اليمنيين من غياب الموقف القوي للقيادة الشرعية في وضع حد للانتهاكات غير المبررة التي ماجت بها عدن خلال الأيام الماضية، والتي قابلها استنكار وتعاطف واسع، وتحذيرات من السماح لـ"الانتقالي الجنوبي" ومليشياته في الاستمرار في تمزيق النسيج الاجتماعي للوطن الواحد، وانزلاق الوضع أكثر مما هو عليه.
حيثيات المشكلة


في ظاهر الأمر، تأتي هذه التطورات على خلفية سلسلة هجمات تعرضت لها القوات الموالية لأبوظبي، كان أشدها وطأة من حيث الخسائر الهجوم الحوثي الذي استهدف عرضًا عسكريا لقوات الحزام الأمني، ذراع الإمارات في عدن، في معسكر الجلاء بمنطقة البريقة، بصاروخ باليستي وطائرة مسيرة، أسفر عن مقتل وجرح العشرات، بينهم منير اليافعي المكنى بأبي اليمامة اليافعي، القيادي الأبرز في "الحزام الأمني" وأحد أهم رجالات أبوظبي في جنوب اليمن، الذي لقي حتفه غداة الهجوم الحوثي.
جدير بالإيضاح، أن اليافعي كان رأس حربة في المواجهات التي نشبت بين قوات الشرعية والقوات المدعومة إماراتيًا أكثر من مرة بالعاصمة المؤقتة، حيث إن الرئيس هادي أحاله إلى التحقيق بداية العام الفائت على خلفية ضلوعه في ارتكاب انتهاكات وخلق فوضى أمنية في مدينة عدن، كما ارتبط اسمه بعمليات قمع واعتقالات لنشطاء وشخصيات سياسية، ومداهمات ليلية لمنازل المواطنين، إلى جانب انتهاكات وتعذيب لمعتقلين ومخفيين قسرًا في السجون التي تشرف عليها الإمارات، علماً أن الرجل يدير سجناً سرياً في معسكر الجلاء الذي لقي فيه مصرعه.
إعادة تدوير الصدمة


اللافت أن الهجوم الذي استهداف معسكر الجلاء جاء متزامنًا مع هجوم بسيارة مفخخة استهدفت قسم شرطة عمر المختار بمنطقة الشيخ عثمان في أثناء تنظيم أفرادها الطابور الصباحي اليومي، أسفرت عن 3 قتلى و30 جريحًا من عناصر "الحزام الأمني"، غير بعيد من هذه الحادثة شن مسلحون يعتقد أنهم ينتمون لتنظيم القاعدة هجومًا آخر، استهدف معسكرًا لقوات "الحزام الأمني" بمنطقة "الخيالة" التابعة لمحافظة أبين، أسفر عن مصرع 19 جنديًا من تلك القوات، وسيطرة المسلحين على مقر المعسكر، قبل أن يتمكن "الحزام الأمني" من استعادته بعد عدة ساعات بمساعدة من طيران التحالف.
هذه الأحداث الصادمة التي جاءت بشكل مفاجئ ومتزامن، منحت "الانتقالي الجنوبي" المجال لإعادة تدويرها واخراجها في سيناريو جديد يقدمه خطوة في مشوار الدولة الشطرية، مستغلاً انفعال بعض "الجنوبيين" الذين وقعوا ضحية التحريض والدعاية التي يكرسها الانتقالي في شيطنة الأطراف التي يرى أنها تعيق انفصام عروة الوحدة، لتبدأ على إثرها حملة مسعورة _ما زالت حتى اللحظة_ في ملاحقة المقيمين والعمال الشماليين ومصادرة ممتلكاتهم وتشريدهم.
عنف متصاعد
في الحقيقة، حتى الآن لا توجد إحصائية دقيقة عن حجم الخسائر التي طالت مواطني الشمال في موجة العنف المناطقي بالعاصمة المؤقتة، عدا ما ورد في بلاغ صحفي صادر عن "شباب عدن للحقوق والحريات" يوم أمس الأول، سرد جملة من الاحصائيات عن حكم الانتهاكات التي قام بها مسلحو "الانتقالي الجنوبي" ضد المواطنين من المناطق الشمالية بعدن، قال إنها تمت بناءً على عملية رصد ميداني، قام به فريق ميداني متخصص يضم مجموعة من شباب وبنات عدن الناشطين في مجال الحريات وحقوق الإنسان، مؤكدًا مسؤولية الأذرع الأمنية الإماراتية بمحافظة عدن ويدينها في الانتهاكات الأخيرة، بناءً على إثباتات مادية من صور ومقاطع فيديو وشهادات ضحايا.
وبحسب المعلومات الواردة فإن ضحايا التحريض والفوضى التي أحدثتها الأذرع الأمنية للإمارات بعدن ضد مواطنين ومقيمين من المناطق الشمالية، تسببت _حتى يوم أمس الأول_ في مقتل 16 شخصاً بينهم أطفال، وجرح أكثر من 450 شخصاً، منهم من تعرّض للضرب والسحل والإهانات، بما فيهم النساء والأطفال، وتشريد أكثر من ألف أسرة وترحيل أكثر من 2400 شخصاً بشكل قسري.
إلى جانب نهب ومصادرة عشرات الملايين من الريالات، إغلاق أكثر من 1700 محل تجاري، وتدمير 14 مطعمًا و42 بوفية، واحراق أو اتلاف 1200 بسطة، في حين تعدى الأمر في بعض الحالات إلى مصادرة أجهزة الجوال المحمولة والمقتنيات الشخصية للمواطنين الشماليين الذي جرى ترحيلهم.
موقف هزيل للشرعية
في مقابل ذلك اقتصر موقف القيادة الشرعية على إدانة الأحداث دون اتخاذ أي بادرة من شأنها أن توقف مظاهر الإرهاب المناطقي الذي تمارسه بيادق الإمارات في عدن، ولاسيما في ظل التحريض المعلن لقيادات بارزة في "الانتقالي الجنوبي" على العنف والفرز المناطقي، وهذا يضع الشرعية أمام الامتحان الأصعب الذي لم تنجح على غرار الأحداث التي سبقته، مع العلم أن غياب الشرعية منذ البداية عن التطورات في الساحة اليمنية كان أهم البواعث التي ساهمت في إيصال الأمور إلى ما هي عليه اليوم، وربما إلى أسوأ من ذلك في حال استمر المسار السياسي للبلاد بلا مرجعية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد