اليمن والسعودية..النفخ في كير السلام

سيناريوهات الإذعان..والمناورة السياسية باليمن

2019-10-09 07:29:40 أخبار اليوم/ تقرير خاص

 

في أوج الصراعات تنبثق سيمفونيات السلام، من إيقاع الطبول التي تدق للحرب، ومن آلة القتل التي تهجر، ومن جذور أغصان الزيتون التي ترفع، ومن أصداء الرايات البيض التي ترفرف.

إستراتيجية متبعة لنسف التوازن في المخاوف الذي يتشاطره، أطراف الصراع، من خلال الاستعداد للحرب لاستقدام السلام، المحصور بين (العنف، والقبول بالذل والخضوع)، وهو سلام مزيف يؤذي أكثر من الحرب المعلنة، ويعيد إنتاج الصراع.. يقول البعض.

تتفشى بسرعة كبير تلك التسريبات التي تتحدث عن تقارب سعودي إيراني في الفترة الأخيرة من خلال فتح قنوات محادثات غير مباشرة تمهد الأرضية المناسبة للسلام، في محاولة للحد من التوترات التي دفعت الضفة الخليجية إلى حافة الحرب، بعد سنوات من العداء المتنامي والتنافس على النفوذ في المنطقة.

منطلقات ذلك التقارب بين الرياض وطهران تبدأ من اليمن التي يزداد فيه المشهد تعقيداً وتدخل فيه الحرب الأهلية، في غياهب حروب أهلية متعددة.

في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، شكّل إعلان جماعة الحوثي الانقلابية باليمن، وقف استهداف السعودية، تطوراً مفاجئاً لمسار الحرب، والتي يقودها التحالف العربي لدعم الشرعية.

إعلان الحوثي جاء على لسان مهدي المشاط- رئيس المجلس السياسي الأعلى- “سلطة الحوثيين في صنعاء”، بـ”وقف استهداف الأراضي السعودية بالطيران المُسير والصواريخ الباليستية والمُجنحة وكافة أشكال الاستهداف”، واستدرك ذلك باحتفاظه بـ”حق الرد”.

وأرجع القيادي الحوثي هذه الخطوة إلى إطلاق مبادرة سلام هدفها إتمام مصالحة وطنية شاملة.

التحول الملحوظ، في السياسة الإيرانية، تجاه المملكة جاء بعد أسابيع فقط على الهجمات على منشآت أرامكو النفطية في السعودية، التي حملت في الرياض مسؤولية الهجوم لطهران، نافية أن يكون لدى الحوثيين قدرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم، وقدمت أدلة مصورة لإثبات أن الطائرات التي نفذته قدمت من الشمال، وهو ما نفته طهران.

بحسب خبراء في الشأن اليمني فإن ما أقدم عليه المتمردون الحوثيون فجأة كان أشبه بوقف إطلاق نارٍ أحادي أو مبادرة مشروطة ومن جانب واحد، معتبرين تلك المبادرة الأحادية تجاه السعودية رسالة إيرانية بالوكالة عبر جماعة الحوثية.

ويرى الخبراء أن مبادرة الحوثيون الأحادية، تتناقض مع مأتم الإعلان عنة تمامًا في موقف الجماعة التي كانت تتخذ في موقع التحدي وهددوا في الأيام الأخيرة بشن هجمات جديدة على السعودية والإمارات، وإنها جاءت بالنيابة عن إيران.

* ضغط دولي

فريق آخر اعتبر، أن هناك محاولات سبقت الإشارات المتبادلة لتفادي الحرب بين الرياض وطهران، تمثلت في تسخين عملية السلام بين القطبين، وتحفيزها من خلال النفخ في كير تأجيج المعركة ضد المملكة، وزيادة وتيرة الاستفزاز الإيراني المباشر لها، واستغلال منظومة الحربها ضد المملكة باستثمار الورقة اليمنية، لاستهداف منشاتها الحيوية ومنابع الطاقة فيها، ومحاولة استنزافها عسكريا واقتصاديا، وإجبارها في النهاية إلى تنحية معركتها الحالية في اليمن جانبًا، والقبول بالتسوية مع سلطات الأمر الواقع.

ظهر ذلك جليا، نتيجة الانحراف الذي خلقة التحالف العربي في مسار أهدفه في اليمن، وعقب التقارب الإيراني الإماراتي، والخذلان الغربي للرياض، والضغط الأممية على المملكة، وتنامي الغطاء الدولي الغير المباشر لإيران وحلفائها، التي توفره لها بعض الدول الأوربية.

تكلالت تلك المحاولات الدولية بإعلان المتمردين الحوثيين، في 29 أغسطس الماضي بعرض الجماعة، للقطات قالت فيه إنه هجوم كبير قرب الحدود اليمنية مع منطقة نجران (جنوبي السعودية).

وبحسب الجماعة المدعومة من إيران فأن العملية المسماة "بنصر من الله"، أسفرت عن تحرير 350 كيلومترا مربعا في المرحلة الأولى من العملية، بما فيها من مواقع ومعسكرات، وسقوط ثلاثة ألوية بعددها وعتادها في محور نجران السعودية"، وسقوط نحو خمسمئة بين قتيل وجريح، وأسر أكثر من ألفي ضابط وجندي، بينهم سعوديون، والسيطرة على 3 معسكرات بما فيها مخازن أسلحة وعتاد، وتدمير والاستحوذت على أكثر من 120 مدرعة وآلية سعودية.

في خضم هذه التطورات يقول خبراء أن هناك ترتيبات دولية، تقف خلف التنامي الملحوظ لأدوات إيران تسعى إلى المساس بالسيادة السعودية وإسقاط هيبة حكم المملكة أمام الرأي العام السعودي، ومحاولة تحطيم قدراتها العسكرية وإشعارها بالخسارة في حرب اليمن، ومحاولة دفعها أكبر نحو فكرة الهروب للسلام والنجاة من دمار كبير أصبح يفرضه حلفاء إيران عليها من الجنوب اليمني، ومن الشمال العرقي، وإجبار صناع السياسية في المملكة على القبول بالتسوية مع الجماعة الانقلابية

* الإذعان السعودي

 

أثبتت الضربات الإيرانية ومعادلتها العسكرية في تغير قواعد الاشتباك، بنقل المعركة إلى العمق السعودي عبر وكلائها في المنطقة وخاصة باليمن، نجاعتها في تغير دوافع المملكة وحساباتها الإقليمية.

تقول مصادر صحفية، أن غصن الزيتون الذي رفعته الرياض موخرا، وإن كان صغيرا، يُظهر تغييرا في حساباتها الإقليمية، وربما إدراكا أن على المملكة تحديث تكتيكاتها لتحقيق أهدافها السياسية في البلد الذي مزقته الحرب.

وبحسب المصادر فأن اضطرار ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" للخيار الدبلوماسي لوضع حد للصراع مع إيران يدل على الفشل الذي انتهت إليه السياسات التي اعتمدها منذ توليه منصبه، في الحرب باليمن.

وقالت، إن الدبلوماسية باتت الخيار الوحيد المتاح أمام السعودية لمواجهة التحديات التي تمثلها إيران، مشدّدة على أن "بن سلمان" أدرك أن ضعف بلاده وعدم مقدرتها على مواجهة طهران عسكريا يقلصان من هامش المناورة أمامها.

التقليص السعودي بدأ من اليمن، الذي تقود فيه حرب ضد إيران ووكلائها الحوثيين، لإعادة الحكومة الشرعية، عقب شعورها بالعزلة الدولية من قبل حلفائها الغربيون، وتعمد إحراجها من قبل الإدارة الأمريكية التي شددت على أن السعودية ستكون مطالبة بدفع مقابل مالي، حال قدّمت واشنطن مساعدات لها في أي تحرك ضدّ إيران.

وعقب العجز السعودي في ضغطه على الإدارة الأمريكية بشن ضربة عسكرية على إيران والتقليل من تأثير هجمات وكلاء الأخير على قطاعها النفطي، تعين على الرياض التصرف بشكل أكثر واقعية في المسارح المختلفة التي تحارب فيها السعودية النفوذ الإيراني، دون أن تتواصل بشكل مباشر مع إيران.

ويتطلب هذا النوع من الدبلوماسية غير المباشرة قيام المملكة بتعديل بعض سياساتها في اليمن عبر تقليص عملياتها العسكرية في البلاد، والتفاوض مباشرة مع المتمردين الحوثيين للتخفيف من المخاطر الأمنية التي يشكلونها على المملكة.

مؤخراً نقلت وكالة "رويترز" عن توجُّه السعودية إلى الاتفاق مع الحوثيين على وقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب المستمرة بين الطرفين منذ نحو خمسة أعوام.

وقالت الوكالة، الجمعة 4 أكتوبر 2019، إن مصادر دبلوماسية لم تسمها ذكرت أن "السعودية تدرس بجديةٍ اقتراحاً للحوثيين لوقف إطلاق النار في اليمن"، مضيفة: إن "موافقة السعودية على وقف الغارات تعني فعلياً انتهاء الحرب".

وعرض الحوثيون في أواخر شهر أغسطس، التوقف عن شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية إذا فعل التحالف بقيادة الرياض الشيء ذاته، خطوة نحو ما وصفه زعيم الحوثيين "بالمصالحة الوطنية الشاملة".

من جانبه قال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، الخميس، على "تويتر"، إن المملكة تنظر إلى هدنة الحوثيين بإيجابية، مكررا تعليقات سابقة هذا الأسبوع لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقال ابن سلمان في مقابلة مع محطة "سي.بي.أس"، التلفزيونية، إن اقتراح الحوثيين يمثل خطوة إيجابية نحو حوار سياسي أكثر جدية مضيفا أن السعودية منفتحة على كل المبادرات من أجل حل سياسي في اليمن. وأضاف أن المملكة تأمل أن يحدث ذلك اليوم بدلا من الغد.

ونقلت رويترز عن مصدر عسكري كبير مقرب من الحوثيين إن السعودية "فتحت اتصالا" مع مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين عبر طرف ثالث لكن لم يتم التوصل لاتفاق.

وأضاف المصدر أن هذا العرض تضمن وقفا جزئيا لإطلاق النار في مناطق محددة. وقال مصدران دبلوماسيان والمصدر المطلع أيضا إن وقف إطلاق النار الجزئي مطروح على الطاولة.

وقال دبلوماسي أوروبي: "يريد الأمير محمد بن سلمان الخروج من اليمن، لذا علينا أن نجد سبيلا له للخروج مع حفظ ماء الوجه".

*دلالات التهدئة

حذر مراقبون من محاولة إيرانية وغربية تسعى إلى إخضاع السعودية في هذا التوقيت من خلال الدعوات ”الملغومة والمزخرفة” بدعوة السلام.

واعتبر المراقبون أن قبول أي تسوية في اليمن يعني التسليم التام من قبل المملكة، بالهيمنة والنفوذ الإيراني على المنطقة سواء كان الحوار مع جماعة الحوثي أو مع الطرف الإيراني مباشرة.

وشدد المراقبون أنه لا مصلحة سعودية مباشرة ستتحقق من كل هذا التوجه والذي سيعزز فكرة الهزيمة السعودية في تلك الحرب.

جهات سياسية وإعلامية عديدة ترى أن إعلان الحوثيين نيتهم إيقاف الهجمات على السعودية يندرج ضمن سياسات إيران الحالية التي تتجه نحو التهدئة، وحرف مسار الحرب في اليمن، من خلال الحوار بين الجماعة الحوثية وحكومة الرياض.

انحراف قد يحول مسار الحرب من حرب يمنية تسعى إلى إعادة الحكومة الشرعية وإقصاء الانقلاب الحوثي، إلى حرب إقليمية بين جماعة انقلابية والمملكة العربية السعودية.

ووصفت المصادر أن خروج الرياض من هذه الحرب تحت الضغط بهذا الشكل وفي هذا التوقيت تحديدًا يجعل السعودية في وضع أسوأ مما هي عليه الآن، يتمثل في الإقرار السعودي بشروط المتمردين الحوثيين وسيُقرأ باعتباره خضوعًا لإيران.

الترحيب بالحوار مع الحوثي يمثل اعترافا بسلطته على الأرض.

* قرابيل التقارب

تشير المعطيات على الأرض بأن هناك رغبة دولية وأممية في إعادة رسم خارطة التحالفات في اليمن، تكون فيها الرياض هي محور هذا التحالف الذي يكون تكون البديل عن الشرعية اليمنية.

يأتي ذلك في التزامن مع محاولة جماعة الحوثي الانقلابية تأسيس دولة موازية في الشمال اليمني، بدعم من إيران، من خلال الاستفادة من انقلاب موازين الصراع الحالية في اليمن، والضغوط الدولية على الرياض، ومؤشرات التقارب مع السعودية، بحسب صحيفة الليموند الفرنسية.

تسريبات إعلامية كشفت في وقت سابق أن نخب التقارب السعودي الإيراني في اليمن، أفضت إلى إزاحة الحكومة اليمنية من المشهد السياسي والعسكري، في بعض المناطق المحررة والقبول بالتفاهمات الإماراتية الإيرانية بإعادة صياغة المشهد الجنوبي بما يستوعب تفاهمات الطرفين التي يرها الطرفين ساحة تخادم مشترك، وشرعنة، والتطبيع معه من خلال الضغط على الحكومة الشرعية بالجلوس على طاولة الحوار في جدة السعودية.

إشارات التقارب السعودي الإيراني في اليمن، أسفرات عن إنشاء منطقة أمنة بين الحدود اليمنية السعودية، في أقصى الشمال.

بحسب التسريبات فأن العملية التي تبنتها جماعة الحوثي الانقلابية الأخيرة "نصر من الله" في كتاف صعدة والتي تزامنت مع القصف الإماراتي على قوات الجيش الوطني في عدن وأبين في 25 أغسطس الماضي، كانت احد قرابيل التقارب بين طهران والرياض، دون إدراك الأخير بأن تلك المشاهد التي أظهرت الآليات المدمرة ومئات الأسرى من مقاتلين يمنيين يعملون لحساب وزارة الدفاع السعودية قد كرست صورة السعودية المتضعضعة أمام قوة الضربات التي يوجهها الحوثيون لقواتها ومنشآتها.

* نتائج مغايرة

وعن مدى إمكانية أن تفضي هذه المبادرات إلى مشاورات مباشرة بين الحوثيين والسعودية، بعيداً عن الحكومة الشرعية.

لاتستبعد مصادر سياسية، من انخراط السعودية في مشاورات بحث الحل السياسي في الملف اليمني مع الحوثيين إذا ما حصلت على ضمانات دولية بعدم تهديد أمنها المباشر.

وتتوقع المصادر أن ألاّ تتم تلك المشاورات بشكل معلن إلى أن يتم التوصل إلى نتيجة مرضية بالنسبة للسعودية، وحينذاك ستقوم بالضغط على الحكومة الشرعية اليمنية للقبول بما تم التوصل إليه.

وتشير إلى رغبة حوثية سعودية للتفاوض بشكل مباشر، دون اعتبار للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.

يقول الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، إن التوجه نحو تدشين حوار بين السعودية والحوثيين هو بداية الطريق نحو التسليم بنتائج مغايرة للحرب الدائرة في اليمن وللتدخل العسكري للسعودية.

ويشير التميمي في حديثه، إلى أن الحرب كان من المقرر لها أن تفضي إلى هزيمة الحوثيين ودحر انقلابهم وإنهاء النفوذ الإيراني على الساحة اليمنية، لكن ما حدث كان عكس ذلك.

ويضيف": "انحصار الحوار بين السعودية والحوثيين سيمثل انتصاراً كبيراً للحوثيين، لأنه سيجعلهم في مواجهة دولة معتدية على اليمن لطالما وصمها الحوثيون بدولة العُدوان، ولم يقروا لها بتدخلها العسكري".

ويشير إلى أن المسوغ الوحيد للتدخل السعودي في اليمن "هو أنه تم بطلب من الرئيس هادي، وحينما تذهب السعودية للحوار مع الحوثيين، فإن ذلك من شأنه أن يقضي تماماً على ما تبقى من كيان معنوي لهذه السلطة بعد أن واجهت انقلابَين دفعا بها إلى خارج البلاد وحال دون عودتها إلى مناطق سيطرتها".

وتابع: إذا كانت الشرعية ليست محل اهتمام الرياض، فإن أسوأ ما ينتظر هذه الأخيرة إذا ما ذهبت إلى حوار متكافئ ومنفرد مع الحوثيين؛ هو إعادة توصيفها كعدو عدو خارجي يتعين عليه الإذعان لمطالب طرف يمني لصيق بالأجندة الإيرانية، لم يقر لها بالحق في التدخل العسكري، بل اعتبرها عدوا منذ اللحظة الأولى لبدء القصف الجوي للتحالف على أهداف عسكرية يسيطر عليها الانقلابيون.

وتساءل: كيف ستتعامل السعودية مع الوقائع التي تكرست في الساحة اليمنية ويشكل الحوثيون أحد أهم تجلياتها، إلى جانب أن السلطة الشرعية وأنصارها لم يفقدوا الأمل في استعادة دولتهم، بالنظر إلى نفوذهم الراسخ في أجزاء مهمة من البلاد، بالإضافة على ما بات يعرف بنتائج انقلاب العاشر من آب/ أغسطس؛ الذي فتح الباب واسعاً للإمارات لاستقطاع الجنوب بدعوى استعادة الدولة الجنوبية عبر أدوات جنوبية طيعة تم اختيارها بعناية.

من جانبه يجزم الباحث والكاتب نبيل البكيري أن المخرج الوحيد للمملكة هو إعادة ترتيب أوراقها والتي ينبغي أن ترتكز على الأساس الذي تدخلت فيه باليمن، وهو استعادة الشرعية.

وبحسب البكيري فأن “وحده هذا الباب والعنوان من سينقذ المملكة من مصير مجهول ينتظرها في حال قبلت بالحوار مع إيران وأذرعها”

ولفت إلى أن ذلك يعني الهزيمة مما سيفتح أبوابا كبيرة من الأزمات داخل الأسرة الحاكمة وداخل الجغرافيا السعودية.

 قال، إن الترحيب السعودي بمبادرة الحوثي، يأتي نتاج ارتباك سعودي واضح، وفقدان لزمام المبادرة في كل ملفات المنطقة، وليس اليمن فحسب.

وتابع: "الحرب في اليمن وصلت إلى طريق مسدود نتيجة الممارسات العبثية التي مارستها السعودية، والإمارات في اليمن، لكن الترحيب بالحوار والسلام مع الحوثي هو اعتراف به كسلطة أمر واقع موجودة في صنعاء، ويمثل هزيمة لسياسات السعودية أمام مليشيا بحجم جماعة الحوثي"، بحسب قوله.

وحذر من أن يؤدي ذلك إلى انفجار أزمة “ابتزاز” الأقليات الشيعية المنادية بحكم نفسها بنفسها، والذي قد يتطور لحركات تمرد ضد الحكومة السعودية المركزية.

* الخلاصة

تستجيب السعودية أكثر من أي وقت مضى، على ما يبدو، لضغط دولي لم يتوقف يدعوها للحوار مع الحوثيين، من خلال رفع مؤشر المخاطر الأمنية الذي يطوق جغرافيتها من الشمال والجنوب، وهي صفة بحسب الكاتب "التميمي" تدفع بالشرعية اليمنية التي تحارب السعودية باسمها في اليمن، إلى خارج المشهد تماماً.

في المقابل ليس بجديد أن تذهب السعودية للحوار مع إيران في اليمن عبر وكلائها الحوثيين، لتخفيف الضغوط الدولية والهجمات الحوثية والإيرانية التي تتعرض لها، فقد سبق أن حدثت مشاورات بين الطرفين دون رعاية أمريكية فيما عُرف بمشاورات "ظهران الجنوب" (2016) والتي أدت إلى هدنة على الحدود لم تستمر طويلاً.

لذلك قد تذهب الرياض إلى المفاوضات مع الحوثيين من أجل تخفيف الضغط، الدولية عليها الذي لايهتم بمصالح حلفائها ومساندتهم بل بتحقيق انتصار سياسي لإجبار إيران على الجلوس في طاولة مفاوضات جديدة بشأن الاتفاق النووي الذي جرى إلغاءه من قِبل واشنطن عام 2018.

ومن هذا المنطلق تندفع واشنطن وبعض الدول الكبرى لصياغة واقع جديد بإدارة طاولة مفاوضات بين الحوثيين والسعوديين، يقول مركز أبعاد للدراسات والبحوث.

ويضيف المركز أن المعطيات تشير إلى أن إيران محتاجه لاستقرار اقتصادي، لكن لن تسمح لحليفها الحوثي عمل هدنة مع السعودية دون استفادتها منها وعودة تصدير نفطها، ولذلك حتى لو حصلت الهدنة مع الحوثيين، فطهران ستبحث في المرحلة الثانية من الفوضى في المنطقة آلية نقل المعركة إلى عمق الخليج

وفيما يتعلق بالشرعية اليمنية، يقول تقرير مركز أبعاد أن الحكومة الشرعية صاحبة الحق في التفاوض وليس الرياض، وأن حديث ولي العهد السعودي عن إمكانية التفاوض مع إيران ووكلائها في اليمن بعد أن كان يرفضها، يجعل من مبرر تدخل الحرب في مهب الريح وسيضاعف التزامات الرياض الخارجية. فأي حلّول خارج أُطر المرجعيات الثلاث يجعل من الحرب مؤجلة بثمن أكبر على الرغم من أن المأساة الإنسانية الحالية في البلاد أسوأ أزمة إنسانية عرفتها البلاد منذ عقود وعرفها العالم في العصر الحديث.

من جانبه يرى المحلل السياسي اليمني محمد الغابري، أنها الحكومة الشرعية "تمتلك سلطة الدولة اليمنية القانونية"، ورغم أن ذلك قد يؤدي إلى مزيد من ضعافها، مشيرا إلى أنه بإمكانها "البحث بالمقابل عن تحالفات مع دول أخرى، وأن تُحصّن منطقة داخل البلاد، لتكون منطلقها في معركتها الطويلة لاستعادة الدولة".

ويضيف: "الشرعية اليمنية لا يمكن أن يُقرِّر مصيرَها الأطرافُ الخارجية حتى المملكة، ومن المستبعد الإقرار للحوثيين بالشمال إلا من دون مضيق باب المندب والمخا، وإشراف دولي على الحديدة".

ويشاركه في الرأي ياسين التميمي، الذي قال إن قضية استعادة الدولة ستكون "استحقاقاً لا يمكن التنازل عنه، وقد تتحد القوى الوطنية في مواجهة الواقع الجديد".

وأضاف الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية السيادة باليمن: إن ذلك "لن يجعل من الحوار المرتقب مدخلاً لتحقيق السلام في البلاد، بقدر ما سيُفضي إلى تطورات خطيرة وجولة عنف من الصعوبة توقُّع تداعياتها".

على صعيد متصل يرى مركز ستراتفور، أنه من المحتمل أن تعارض الولايات المتحدة أيضا التهدئة الحادة من السعودية تجاه إيران. وفي الواقع، قد يكون دق إسفين بين واشنطن والرياض هو أحد الأهداف الخفية للهجمات الأخيرة.  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد