اتفاق الرياض.. إعدام الشرعية اليمنية بالحقن الإنفصالية

2019-11-09 06:32:47 أخبار اليوم/ تقرير خاص

 

 

 

عقب الفشل في تطبيق الحكم الابتدائي باغتيال الشرعية اليمنية في أيلول سبتمبر 2014، قضت عدالة جلادها باستئناف مشروعها في استباحة الجغرافيا اليمنية، من خلال سرداب الوصاية التامة على البلاد، عبر فالج الشرعية بمعنى إصابتها بشلل نصفي يعيق تحركاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية..

 

في العاشر من أغسطس وفي عبثية الأجندات الاستعمارية، حاولت بعض الدول في منظومة «التحالف العربي»، استئصال ماتبقى من كيان مُهْتَرِئٌ للشرعية اليمنية، من خارطة النفوذ السياسي والعسكري في الجنوب اليمني، وأحالت وجودها إلى العدم وأزهق روحها، بفرض «سياسية أمر واقع» مصبوغة بنكهة انفصالية وتشطيرية، كقرابين للتقارب الإماراتي وإيراني الأخير في المنطقة.

معادلة أفضت إلى فرض سلطتين للأمر الواقع في جنوب وشمال اليمن بما يخدم تقارب أبوظبي وطهران في مرحلتها الأولى، يعقبها مرحلة ثانية تهدف إلى تسخين الصراع عبر رفع وتيرة التصعيد العسكري في الضفة الخليجية المتوترة، لجلب السلام بين السعودية وإيران ابتداء من اليمن.

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019، أصدر الحكم النهائي بإعدام ماتبقى من الشرعية اليمنية، غير قابل للطعن من خلال بروتوكول قانونية يعرف «باتفاق الرياض»، صاغته المملكة العربية السعودية وأشرفت على إخراجه دولة الإمارات، بين الحكومة الشرعية ومايعرف بالمجلس الانتقالي.

قضى الحكم القطعيّ والنهائيّ بإعدام الحكومة اليمنية عبر «اتفاق الرياض»، بالحقن بالجماعات ومليشيات انفصالية موالية لدول إقليمية لاتؤمن بوحدة التراب اليمني، وتكفر بالحكومة الشرعية ومرجعياتها السياسية.

الاغتيال الرحيم الذي فرضه اتفاق الرياض يقول خبراء، إنه مجرد تبادل للهيمنة والوصاية بين الإمارات والسعودية، ويعمل على انتزاع عناصر جوهرية للسيادة اليمنية من الحكومة الشرعية، على أصعدة سياسية وإدارية وعسكرية وأمنية.

وهذا يعني من حيث المبدأ رفع الغطاء الإماراتي عن المجلس الانتقالي وفي الوقت ذاته إجبار الحكومة الشرعية على التعاطي مع الانفصاليين، تحت اشتراطات السقف السعودي.

محللون، ومسؤولون، وخبراء، يمنيون اعتبروا «اتفاق الرياض» مقدمة لتقسيم البلاد، ومحاصصة جهوية، في الجنوب والطائفية في الشمال ، لإبعاد البلاد عن مشروع الدولة الاتحادية.

 

* بنود الاتفاق

وسط خلافات سياسية حادّة وترحيل معظم الملفات الساخنة، وقّعت حكومة الرئيس اليمني عبدربّه منصور هادي، ومايعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، في 5 نوفمبر 2019 ، «اتفاق الرياض» الذي أعطى بموجبه السعودية حق التحكم بإدارة اليمن.

يعد اتفاق الرياض وثيقة تمنح دول التحالف حق الوصاية الكاملة على المحافظات الجنوبية، وتنتزع معظم صلاحيات الرئيس «عبدربه منصور هادي» وحكومته على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني.

 ويشعر اليمنيون بسخط كبير من اتفاق جاء بين طرفين كانا جزءاً من جسد الشرعية التي تقاتل المتمردين الحوثيين، وتحولا إلى طرفين متقاتلين، في ظل استمرار سيطرة الجماعة الانقلابية على صنعاء ومدن أخرى.

ويرى مراقبون، أن تجارب اليمنيين مع الاتفاقيات مريرة، فبعد كل اتفاق توقعه الأطراف المختلفة في البلاد، سرعان ما ينهار، وتندلع الحرب، ولعل أبرزها «اتفاق السلم والشراكة»، الذي وقعته حكومة هادي مع الحوثيين بعد اجتياحهم للعاصمة صنعاء، خريف العام 2014.

وبحسب المراقبون، فإن هذا الاتفاق جاء تتويجاً، للاستدارة الإماراتية نحو إيران، وللجهود التي تقودها بعض الأقطاب الدولية لتسخين عملية السلام بين الرياض وطهران، وتحفيزها.

يشمل الاتفاق على بنود رئيسية، إضافة إلى ملحق للترتيبات السياسية والاقتصادية، وملحق للترتيبات العسكرية وآخر للترتيبات الأمنية بين الطرفين التي شهدت قواتهما خلال الفترة الماضية نزاعاً عسكرياً وتبادلا للسيطرة على عدة مدن جنوبية خاصة عدن.

 

*وينص على:

- تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى (24) وزيراً يعين الرئيس أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية

- عودة جميع القوات - التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية شهر أغسطس 2019 م - إلى مواقعها السابقة بكامل أفرادها وأسلحتها وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية      في كل محافظة خلال 15 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق

- توحيد قوات عسكرية، وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، خلال ستين يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق

- إعادة تنظيم القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب في محافظة عدن واختيار العناصر الجديدة فيها من قوات الشرعية والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي، والعمل على تدريبها، وتعيين قائد لها، وترقم كقوات أمنية تابعة لوزارة الداخلية.

 

* إمكانيات التنفيذ

تشير نصوص الاتفاق المكوّن من أربع صفحات إلى منح كل من (السعودية والإمارات) صلاحيات غير مسبوقة كانا يسعيان إليها خلال سنوات الحرب في اليمن.

مصادر سياسية مطلعة ترى أن الاتفاق تمت الموافقة عليه إرضاء للسعودية وللإمارات، مشيرة إلى أن الشرعية والمجلس الانتقالي لا يملكان من أمرهما شيئاً.

من جانبه يقول تقرير سابق لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تطرق فيه إلى إمكانيات تطبيق بنود اتفاق الرياض على ارض الوقع، بين الحكومة اليمنية ومايعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، أن الاتفاق سيحقق مكاسب سياسية، لكن تنفيذه أقل تأكيدا، معتبرا أن العقبة الأكثر إثارة للقلق هي الافتقار التام للثقة بين الطرفين.

ومن الجوانب الإيجابية، يقول المعهد، إذا تم تنفيذ الاتفاق بشكل جزئي، فلديه القدرة على تهيئة ظروف أفضل لـ»مبعوث الأمم المتحدة الخاص» مارتن غريفيث، كما أن أي محادثات سلام شاملة ينجح في إقامتها ستشمل الآن أطرافاً كانت قد تعمل كعناصر مفسدة أو معرقلة. على سبيل المثال، يمكن لوفد هادي في مثل هذه المحادثات أن يضم ممثلين من «حزب الإصلاح» (على افتراض أنهم سيحتفظون ببعض المناصب الوزارية) والمجلس الانتقالي الجنوبي»، بينما سيواصل الوفد الحوثي ضم ممثلين عن «حزب المؤتمر الشعبي العام».

وعلى صيعد متصل، مثلت الترحيبات الدولية والعربية والأممية، حافزاً اضافياً لاتفاق الرياض، بأن يكون الاتفاق مقدمة للمساهمة في حلّ سياسي أشمل يمكن أن يضع حداً للحرب المستمرة منذ أكثر من 4 سنوات، خصوصاً بعد إعلان سعودي رسمي بالتواصل مع جماعة الحوثي الانقلابية.

مثل الاتفاق وبالنسبة لحكومة هادي اعترافاً صريحاً من قبل المجلس الانتقالي بدوره كرئيسٍ للحكومة الشرعية الوحيدة المعترف بها دولياً في اليمن.

وأكد الاتفاق ضرورة اعتراف الانتقالي بوحدة التراب اليمني، لكن يمكن أن يكون هذا الموقف من قبل المجلس الانتقالي مجرد «سياسة مرحلية» لا تتعارض مع الهدف الرئيسي للمجلس في إقامة دولة في الجنوب «مستقلة» عن الشمال.

في المقابل فإن الاتفاق بين الحكومة اليمنية ومايعرف بالمجلس الانتقالي مايزال مجرد اتفاق حبر على ورق ما لم تتبعها عزيمة قوية وإرادة شجاعة في تنفيذها من أجل مصلحة الوطن»، بحسب مدير مكتب الرئاسة اليمنية، عبد الله العليمي

 

* معوقات التنفيذ

يسود الشارع اليمني حالة من التشاؤم، من إمكانية تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض في ضل الثغرات الكبير الذي يحتويها، ونتيجة التعقيدات الكبيرة في المشهد اليمنية، والحسابات السياسة والعسكرية لكل من الحكومة اليمنية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات ولذراعها، على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والأمنية.

بالإضافة إلى ظهور مكونات جنوبية أخرى ترفض الاتفاق،وتذويب الجنوب في فصيل سياسي بعينه، وبعض بنود الاتفاق في الجانب العسكري والأمني وملف نزع سلاحها، وتنامي الأصوات الشعبية والتي تحولت في الفترة السابقة إلى تيارات ترفض الوصاية السعودية، وترفض بنود الاتفاق الذي تتهم الرياض بمحاولة انتزاع السيادة اليمنية.

وفي السياق، بالنسبة للمعوقات أمام تنفيذ اتفاق الرياض،ترى جهات سياسية مطلعة، أن اتفاق الرياض مجرد استراحة محارب لإعادة ترتيب الأوراق، وأن تفاصيل الاتفاق ستفرز صراع جديد بين الشرعية اليمنية وذراع الإمارات (الانتقالي الجنوبي).

وبحسب ترتيب بنود اتفاق الرياض فأن هناك معوقات سياسية في المحلق الأول، و معوقات في محلقة الثاني، وأمنية في الملحق الثالث.

 

* الملحق السياسي

من أهم المعوقات السياسية في اتفاق الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، أنه أجاز الخروج على أهم وثيقة سياسية وهى مخرجات الحوار الوطني فى معالجة القضية الجنوبية والوحدة اليمنية، والتي تعد أهم مرجعيات الحكومة الشرعية، بما يسمح بفتح الباب مستقبلا لمناقشة القضية على أسس تختلف مع كل القرارات الدولية.

يرى خبراء في الشأن اليمني، أن الاتفاق يؤسس لمرحلة الانقضاض على الشرعية اليمنية من خلال إشارة الاتفاق على أن الشرعية اليمنية منقسمة بين طرفين هما الرئيس هادي وحكومته، والانتقالي الجنوبي.

ويتوقع الخبراء، بانهيار الاتفاق، نتيجة عدم التزام الإطراف الموقعة والتمتراس خلف الحسابات الضيفة.

ومن ابرز معوقات اتفاق الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، في ملحقه الأول، أنه ينص أن يعيّن هادي في الأيام الثلاثين القادمة حكومة تكنوقراط جديدة تضم ما يصل إلى 24 وزيراً. ويجب أن يكون نصفهم من الجنوب، لكن الاتفاق لا ينص صراحةً على وجوب توافق هؤلاء الوزراء مع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، ولا يوضح من سيشغل أهم المناصب مثل رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع. ونظراً لأن أي خطأ في هذه التعيينات قد يقوّض الاتفاق بأكمله، فمن المرجح أن تكون المفاوضات بشأن هذه التفاصيل جارية حالياً أو سبق وأن تم الاتفاق عليها.

ووفقاً لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن مما يضيف إلى الارتباك، هو عدم وضوح تسلسل المكوّنات المختلفة ويُعتقد على نطاق واسع أنه أحد العوامل وراء تأجيل التوصل إلى اتفاق، إلى جانب المخاوف بشأن التعيينات الوزارية الرئيسية. ولا يستطيع المرء إلّا أن يأمل بأن السعوديين كانوا قد بدؤوا بالفعل بالتفاوض حول مثل هذه القرارات التكتيكية من وراء الكواليس قبل هذا الأسبوع بفترة طويلة.

ويضيف، أن وثيقة الاتفاق تشير إلى أن الأفراد المشاركين في القتال في عدن منذ شهر آب/أغسطس ليسوا مؤهلين للتعيينات الوزارية. وعلى الرغم من أن القصد من هذا البند كان بمثابة تدبير لبناء الثقة بين الطرفين، إلا أنه استبعد بعض الشخصيات النافذة ومن الممكن أن يخلّف وقعاً غير مقصود وهو انحراف هذه الشخصيات نحو مسارٍ مفسد في المستقبل.

وفي موازاة ذلك يعد اتفاق تقاسم السلطة في حقيقته، اعترافاً ضمنياً بنوع من «الشرعية» للمجلس الانتقالي الذي لاتزال الأمم المتحدة المشرفة على عملية السلام بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي ترفض مشاركة ممثليه في جميع الاتفاقيات بين الطرفين.

ويمكن أن يؤدي اقتسام السلطة وفق «اتفاق الرياض» إلى تعزيز قدرات المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال الصلاحيات الإضافية داخل الحكومة والتي قد تفضي إلى منح المجلس سلطة «حكم ذاتي» في جنوب اليمن يمكن له على المدى البعيد أن يؤدي مستقبلا إلى إقامة دولة مستقلة عن الشمال، وهو الهدف الذي يسعى إليه المجلس الانتقالي وتدعمه الإمارات.

ولا توجد قيود واقعية تضمن أن يحد الاتفاق من قدرات قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على إمكانية فرض الأمر الواقع باستخدام القوة في مراحل لاحقة، ويعتمد ذلك على استمرار قدرة السعودية على ديمومة التوافق السياسي بين الطرفين، المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية.

هذا ويعطي ويمكّن الاتفاق الذي رعته المملكة دولة الإمارات بعض الامتيازات عبر الانتقالي الجنوبي، فقد وردت الكثير من الفقرات التي لم تُحمل الانتقالي أي شيء بل أعطته الكثير من الامتيازات والحقوق والحقائب والمشاركة في الحكم وصناعة القرار ليس في عدن أو المناطق الجنوبية بل في كل المناطق المحررة مع عدم التزام الانتقالي بأي بند سياسي أو أمني أو حقوقي، الأمر الذي سيمنح دولة الإمارات الغطاء الحكومي في الاستمرار بالانتهاكات الإنسانية، والاعتقالات والتعذيب والتغييب، ومواصلة سلسلة عمليات الاغتيال السياسي التي تمارسها في الجنوب اليمني.

 بمعنى آخر، الاتفاق أعاد تثبيت وتعزيز وتقوية دور الإمارات سواء بشكل مباشر عبر رعايتها المستمرة للاتفاق، أو بشكل غير مباشر عبر أدواتها من المجلس الانتقالي وكذا الحفاظ على كامل سلاحها العسكري.

 

* الملحق العسكري

تمثل بنود المحلق الثاني (العسكري) في اتفاق الرياض، الإعدام الممنهج من قبل السعودية والإمارات للدولة اليمنية عبر حقنها، بالجماعات والمليشيات الانفصالية والمناطقية.

وساعدت عمليات الإعدام هذه في إقحام تلك الجماعات الانشطارية في حكومة شراكة وطنية مع الحكومة الشرعية ودمج مليشياتها في الجيش الوطني ووزارة الذفاع.

ويدعو الاتفاق إلى وضع جميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة في مستودعات عسكرية تحت إشراف التحالف في عدن في غضون خمسة عشر يوماً، لكن من غير الواضح كيف ستجمع الحكومة أو «المجلس الانتقالي الجنوبي» هذه الأسلحة، خاصة من تلك الأطراف التي تشعر بالاستبعاد.

وفي أحد بنوده الأخطر يضع الاتفاق كلا من الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً على قدم المساواة من حيث تجميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، بما في ذلك الدبابات والمدرعات والمدفعية والصواريخ الحرارية، ونقلها إلى معسكرات في عدن بإشراف قوات التحالف.

الاتفاق لم يضع حداً نهائياً للتمرد على الشرعية، ولم يتضمن دمج كل القوات التي جندتها الإمارات خارج إطار الشرعية ضمن قوات الجيش الوطني وتوزيعها على معسكرات الجيش».

أبرز الأمثلة على ذلك قوات طارق صالح المدعومة إماراتياً لم يذكرها الاتفاق، وليس هناك أي ضمانات بأن هذه القوات بمساندة القوات التي نفذت انقلاب عدن لن تتمرد على الشرعية مجدداً، خاصة أن موقف الإمارات الداعم الرئيسي لهذه القوات أصبح واضحاً ضد الشرعية ووصل بها الأمر إلى قصف قوات الجيش الوطني واتهامه بالإرهاب».

الاتفاق أعطى القوات الموالية للإمارات المسوغ القانوني والشرعي في السيطرة على الأراضي، وتسهيل عملية انتشارها، من خلال دمج جميع تلك المليشيات ضمن القوات الحكومية.. وحول أبرز التحديات التي ستواجه هذا الاتفاق، في «الجانب العسكري، بند تسليم السلاح وإعادة تموضع القوات التابعة للمجلس الانتقالي».

مصادر يمنية تجزم بأن أذرع الإمارات ستعمل على المماطلة ورفض تنفيذ هذا البند المتعلق بتسليم السلاح، وإعادة سيناريو اتفاق السلام والشراكة مع المتمردين الحوثيين.

وفي سياق المعوقات العسكرية فإن الاتفاق، لم ينص في أي فقراته إلى لما روجت له أبواق التحالف من أن الاتفاق يستهدف الحوثيين ومحاربتهم.

الاتفاق فرض قيوداً على الحكومة الشرعية، فالنصوص تمنع الحكومة من الخروج لتفسير أي نقطة خلاف، خاصة في مايتعلق في إعادة هيكلة كل القوات الأمنية العسكرية التابعة للحكومة باعتبارها قوة غير رسمية.

التهميش المتعمد من قبل السعودية والإمارات للحكومة الشرعية ومحاولة تشريحها، كانت من ابرز بنود الاتفاق فقد نص الاتفاق على إجبار الحكومة والرئيس هادي على إقالة ابرز رجال دولته، والذين كان لهم دوراً بارزاً في مواجهة الانقلاب الإماراتي كوزير الداخلية «أحمد الميسري» ووزير النقل «صالح الجبواني».

وفي سابقة خطيرة تشرعن للانقلاب الإماراتي في الجنوب اليمني، وتمهد للانفصال بين الشمال والجنوب، نص الاتفاق على إرجاع القوات العسكرية اليمنية التي أتت إلى عدن وأبين وشبوة إلى أماكنها السابقة، في توصيف خطير بأن القوات الحكومية بأنها قوات احتلال.

في الأخير يرى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنه من الصعب تصوّر أي اختلاط ودي بين قوات هادي وقوات «المجلس الانتقالي» - ناهيك عن التعاون بفعالية لمواجهة الحوثيين- إذا لم يقُم قائدهما حتى بمصافحة الآخر.

 

* الملحق الأمني 

يقول تقرير معهد واشنطن إن الاتفاق فشل أيضاً في التعامل مع القضايا الأخرى التي ستبرز حتماً عند محاولة توحيد القوى المتخاصمة. على سبيل المثال، ينص الاتفاق، على أنه سيتم اختيار «قوات حماية المنشآت»، المسؤولة عن تأمين المنشآت الرئيسية مثل «البنك المركزي» والموانئ والمصافي، إمّا من صفوف عناصرها الحالية أو من قوات هادي أو من «المجلس الانتقالي الجنوبي». وهذا النوع من اللغة غير الدقيقة، التي تغطي كامل الاتفاقية، يمهد الطريق لاتخاذ قرارات تكتيكية صعبة في المرحلة القادمة، وهي مهلة أمدها ثلاثون يوماً فقط.

ويذكر تقرير المعهد أن الترتيبات المنصوص عليها في الوثيقة تهدف إلى وقف القتال ودمج القوى السياسية والأمنية والعسكرية لـ»المجلس الانتقالي الجنوبي» ضمن قيادة يمنية واحدة. ومع ذلك، تندرج هذه التدابير في إطار جداول زمنية ضيقة بشكل استثنائي كونها لا تتعدى الثلاثين أو الستين أو التسعين يوماً، وقد تمت صياغتها بلغة غامضة تعكس النقص نفسه في التعابير المحددة التي شابت اتفاق ستوكهولم المتعثر الذي وافق عليه هادي والحوثيون في كانون الأول/ديسمبر 2018.

 

 * الخلاصة

على الرغم من أن إعلان الطرفين أن اتفاق الرياض يُعَدّ انتصاراً وخطوة على طريق حلحلة الأزمة اليمنية متعددة الجوانب والأبعاد، يبدو أن الاتفاق صبّ بالأساس في مصلحة «الانفصاليين المدعومين من الإمارات» في الجنوب اليمني، والمتمردين الحوثيين في الشمال، بما لا يساعد على إيجاد حلّ نهائي للأزمة التي تعيشها اليمن منذ سنوات.

معادلة إماراتية إيرانية سبقت بروتوكولات التوقيع على الاتفاق بين الحكومة ومايعرف بالانتقالي الجنوبي، فقد منح الاتفاق المجلس الانتقالي الجنوبي شرعية دولية لم يكُن يتمنّاها وسلطة واقعية قد تؤسّس لأزمات أعمق في المستقبل القريب.

بالنسبة لوكلاء إيران (جماعة الحوثيين الانقلابية)، فقد تحققت شرعيتهم بشرعنة انقلاب عدن، واتفاق الرياض.

استفادة الجماعة الموالية لطهران تكمن في تلاشي أهداف التحالف العربي وعدم قدرات المشاركين في هذا التحالف من استدعاء الشرعية اليمنية.

في الأخير عملت السعودية ومن خلفها الإمارات، من خلال اتفاق الرياض على ترحيل المشكلات مؤقتاً، وهو ما يفتح باب الصراعات والقتال مرة أخرى، وسيساهم في زيادة إضعاف الحكومة اليمنية، من خلال حقنها بمليشيات مناطقية، انفصالية، والتي ستجد نفسها في الأخير محشورة بين انتقالي الإمارات، وحوثي إيران».

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد