اتفاق الرياض.. مقصلة التقارب بين السعودية والحوثيين على عنق الحكومة الشرعية!!

2019-11-16 05:21:57 أخبار اليوم/ تقرير

"لا تُلْدَغ سيادة الدول من الجُحْرٍ مرتين إلى ضربت عنقها"، قصة شرعية يمنية، تستمتع بسفك سيادتها وتستلذ بانتهاك حرماتها، وتبجل مشروع تشريحها وتفكيكها.

العهر السياسي والانحطاط الأخلاقي من قبل الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي، التي تتخذ من فنادق الرياض ملجأ لها، منحت صكوكاً لاستباحة الجغرافيا اليمنية، وفتح سراديب وصاية للمشاريع الاستعمارية. يقول بعض إن جينات وكروموسومات تلك الشرعية اليمنية، تحولت إلى لعنة تطارد اليمنيين، تضاعف من معاناتهم، وتؤسس لمرحلة حروب وصراعات جديدة، من خلال حرف مسار الحرب باليمن بما يوحي بتفشي حروب أهلية متعددة.

بداية أحالت الوجود الحكومي إلى العدم، يعود إلى أيلول سبتمبر 2014، بتطبيعها السياسي والعسكري مع الانقلاب (الحوثي _ صالح)، ولم يتوقف عند هذا الحد بل امتد إلى شرعنة الانقلاب الإماراتي، في العاشر من أغسطس 2019، والذي قضى بإصدار الحكم النهائي عبر "اتفاق الرياض" بإعدامها بالحقن الانفصالية في الخامس من نوفمبر من الشهر الحالي.

اتفاق اعتبره البعض محاولة من قبل دول التحالف (السعودية، الإمارات) لتقسيم البلاد، بين محاصصة جهوية، في الجنوب وطائفية في الشمال، لإبعاد البلاد عن مشروع الدولة الاتحادية.

صحيفة "أخبار اليوم" تناقش في هذه الورقة حقبة ما بعد "اتفاق الرياض"؟، وماهي مكاسب الإمارات واذرعها في الجنوب اليمني من الاتفاق؟.

وهل منح اتفاق الرياض الصك القانوني الذي يبعد الإمارات واذرعها في الجنوب " الانتقالي الجنوبي"، من الضغوط الدولية؟.

وماهي سيناريوهات التراخي من قبل الانتقالي الجنوبي في تنفيذ الاتفاق الذي رعاته المملكة بعد مرور عشرة أيام من التوقيع مع الحكومة الشرعية؟.

وهل انعكاسات الاتفاق ستمثل جسر عبور للسلام بين السعودية والمتمردين الحوثيين في الشمال اليمني؟.

* اتفاق الرياض

في الخامس من نوفمبر 2019م، وقت الحكومة اليمنية وما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية السعودية، وسط خلافات سياسية حادّة وترحيل معظم الملفات الساخنة، السياسية والعسكرية.

يعد إتفاق الرياض وثيقة تمنح دول التحالف حق الوصاية الكاملة على المحافظات الجنوبية، وتنتزع معظم صلاحيات الرئيس "عبدربه منصور هادي" وحكومته على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني. ويشعر اليمنيون بسخط كبير من اتفاق جاء بين طرفين كانا جزءاً من جسد الشرعية التي تقاتل المتمردين الحوثيين، وتحولا إلى طرفين متقاتلين، في ظل استمرار سيطرة الجماعة الانقلابية على صنعاء ومدن أخرى، وسط تساؤل عن مرحلة ما بعد التوقيع؟.

بحسب خبراء، فإن تجارب اليمنيين مع الاتفاقيات مريرة، فبعد كل اتفاق توقعها الأطراف المختلفة في البلاد، سرعان ما ينهار، وتندلع الحرب، ولعل أبرزها "اتفاق السلم والشراكة"، الذي وقعته حكومة هادي مع الحوثيين بعد اجتياحهم للعاصمة صنعاء، خريف العام 2014.

يشمل الاتفاق على بنود رئيسية، إضافة إلى ملحق للترتيبات السياسية والاقتصادية، وملحق للترتيبات العسكرية وآخر للترتيبات الأمنية بين الطرفين التي شهدت قواتهما خلال الفترة الماضية نزاعا عسكريا وتبادلا للسيطرة على عدة مدن جنوبية خاصة عدن.

* وبنص على

- تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى (24) وزيراً يعين الرئيس أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية.

- عودة جميع القوات - التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية شهر أغسطس 2019 م - إلى مواقعها السابقة بكامل أفرادها وأسلحتها وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية   في كل محافظة خلال 15 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق.

- توحيد قوات عسكرية، وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة، وتوزيعها وفق الخطط.

المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، خلال ستين يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق.

- إعادة تنظيم القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب في محافظة عدن واختيار العناصر الجديدة فيها من قوات..

الشرعية والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي، والعمل على تدريبها، وتعيين قائد لها، وترقم كقوات أمنية تابعة لوزارة الداخلية.

ما بعد الاتفاق؟

ما زال الوقت باكراً للحديث عن نجاح أو فشل اتفاق الرياض، لكن المعطيات الأولية تكشف مؤشرات قوية بأن هذا الاتفاق بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي سيذهب (أدراج الرياض)، كما كان مصير اتفاق استوكهولم بين الحكومة والحوثيين الذي ذهب (أدراج الرياح) العام الماضي”.

وتشير نصوص الاتفاق المكوّن من أربع صفحات إلى منح كلٍ من (السعودية الإمارات) صلاحيات غير مسبوقة كانا يسعيان إليها خلال سنوات الحرب في اليمن.

ويعد إنفاق الرياض وثيقة تمنح دول التحالف حق الوصاية الكاملة على المحافظات الجنوبية، وتنتزع معظم

صلاحيات الرئيس "عبدربه منصور هادي" وحكومته على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني.. إلى ذلك قالت مصادر سياسية، أنه لا توجد حتى الآن مؤشرات إيجابية تعزز القناعات بإمكانية تحقيق اتفاق الرياض على أرض الواقع، نظرا للكثير من المعوقات والعوامل السلبية التي قد تحول دون ذلك، ولم يتضمن الاتفاق أي حلول لها، و”رهن نجاح تطبيق الاتفاق بالإرادة السياسية السعودية فقط دون الاعتبار بأي عوامل محلية يمنية”.

تقرير سابق لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أشار، تطرق فيه إلى إمكانيات تطبيق بنود اتفاق الرياض، مضيفا أن الاتفاق سيحقق مكاسب سياسية، لكن تنفيذه أقل تأكيدا، معتبرا أن العقبة الأكثر إثارة للقلق هي الافتقار التام للثقة بين الطرفين.

مجموعة الأزمات الدولية استنتجت- في قراءة تحليلية موفقة قام بها أحدُ خبرائها لهذا الاتفاق- بأنه قد جرى من خلاله إعادة إنتاج الصيغ والصفقات الفاشلة السابقة التي شهدها مسار الأزمة السياسية والحرب طيلة ثمانية أعوام تقريباً.

على صعيد متصل، ترى جهات سياسية مطلعة، أن الاتفاق منح استراحة للقوات الحكومية ومليشيا الانتقالي الجنوبي لإعادة ترتيب الأوراق، فتفاصيل الاتفاق تفرز صراع بين الطرفين.

وأضافت إن الاتفاق يفتح الباب مستقبلا لمناقشة القضية على أسس تختلف مع كل القرارات الدولية، فقد أجاز الخروج على أهم وثيقة سياسية وهى مخرجات الحوار الوطني فى معالجة

فلم يضع الاتفاق حداً نهائياً للتمرد على الشرعية، ولم يتضمن دمج كل القوات التي جندتها الإمارات خارج إطار الشرعية ضمن قوات الجيش الوطني وتوزيعها على معسكرات الجيش"، بل منحها المسوغ القانوني والشرعي في السيطرة على الأراضي، وتسهيل عملية انتشارها تحت مبرر الدمج العسكري والأمني باستثناء بعض القوات التي لم يشملها، كقوات العميد طارق محمد صالح.

* ردود محلية

يقول القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام "ياسر اليماني" إن اتفاق الرياض جاء ليؤسس لصراعات وحروب مستقبلية في اليمن. وقال أن اتفاق الرياض أعطى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد السيطرة على الموانئ اليمنية وشرعنة تنفيذ مخططات الإمارات عبر المجلس الانتقالي.

وأوضح أن هذا الاتفاق يستهدف إضعاف الدولة اليمنية وتقسيم اليمن مناطقيا وعنصريا ولم يعتمد على ثوابته الوطنية ومخرجات الحوار الوطني.

الكاتب اليمني "عبد الغني الماوري" يرى، أن ما بعد توقيع اتفاق الرياض هو نفسه ما قبله، "سيتم التخفيف من الاشتباك العسكري بدرجة كبيرة.. لكن الانتقالي والشرعية عينهما على الحرب المقبلة".

وبحسب الماوري : "ليس غريبا أن يعقب كل اتفاق سياسي "حرب مدمرة" في اليمن، على غرار اتفاق العهد والاتفاق في الجنوب الذي تلته حرب صيف العام 1994 (اندلعت بين شريكي الوحدة، انتهت بهزيمة الجنوبيين الانفصاليين)، وكذا اتفاق السلم والشراكة عام 2014 (بين الحوثيين وحكومة هادي بصنعاء)، وما تبعه من حرب لا تزال قائمة حتى اليوم".

هذا وبدا الكاتب والمحلل السياسي اليمني "عادل دشيلة"‏ متشائماً من مرحلة ما بعد اتفاق الرياض، وقال إن هذا الاتفاق ولد ميتا، ولن يُكتب له النجاح، وفيه ثغرات كثيرة، ما يعني أنه لن يصمد كثيرا.

* مكاسب

منح اتفاق الرياض- الذي رعاته المملكة دولة الإمارات- بعض الامتيازات عبر الانتقالي الجنوبي، فقد وردت الكثير من الفقرات التي لم تحمل الانتقالي أي شيء بل تعطيه الكثير من الامتيازات والحقوق والحقائب والمشاركة في الحكم وصناعة القرار ليس في عدن أو المناطق الجنوبية بل في كل المناطق المحررة مع عدم التزام الانتقالي بأي بند سياسي أو أمني أو حقوقي، الأمر الذي سيمنح دولة الإمارات الغطاء الحكومي في الاستمرار بانتهاكات الإنسانية، والاعتقالات والتعذيب والتغييب، ومواصلة مسلسل الاغتيال السياسي الذي تمارسها في الجنوب اليمني.

بمعنى آخر الاتفاق أعاد تثبيت وتعزيز وتقوية دور الإمارات سواء بشكل مباشر عبر رعايتها المستمرة للاتفاق أو بشكل غير مباشر عبر أدواتها من المجلس الانتقالي وكذا الحفاظ على كامل سلاحها العسكري.

وفي موازاة ذلك يعد الاتفاق، اعترافا ضمنيا بنوع من "الشرعية" للمجلس الانتقالي الذي لا تزال الأمم المتحدة المشرفة على عملية السلام بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي ترفض مشاركة ممثليه في جميع الاتفاقيات بين الطرفين.

 

ولا توجد قيود واقعية تضمن أن يحد الاتفاق من قدرات قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على إمكانية فرض الأمر الواقع باستخدام القوة في مراحل لاحقة، فقد منح الاتفاق الانتقالي الجنوبي شرعية دولية لم يكُن يتمنّاها وسلطة واقعية قد تؤسّس لأزمات أعمق في المستقبل القريب.

ويمكن أن يؤدي اقتسام السلطة وفق "اتفاق الرياض" إلى تعزيز قدرات المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال الصلاحيات الإضافية داخل الحكومة والتي قد تفضي إلى منح المجلس سلطة "حكم ذاتي" في جنوبي اليمن يمكن له على المدى البعيد أن يؤدي مستقبلا إلى إقامة دولة مستقلة عن الشمال، وهو الهدف الذي يسعى إليه المجلس الانتقالي وتدعمه الإمارات.

يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني "ياسين التميمي" لا يبدو أن الإمارات ستفقد على الفور نفوذها كاملاً في جنوب اليمن، رغم هذا الإحلال المكثف للوجود العسكري السعودي محل النفوذ العسكري للإمارات، خصوصاً في العاصمة المؤقتة عدن، وليس لدي أدنى شك بأن أبوظبي ستتخلى بسهولة عن سياسة تخليق الفوضى المسيطر عليها في جنوب اليمن.

وذلك بالتحديد سيبقى متاحاً ما بقيت الأنشطة الاستخبارية وفرق القتل الميدانية المدعومة من هذه

الدولة، قيد العمل النشط، وما بقيت التشكيلات العسكرية التي أنشأتها في جنوب البلاد، متحررة من السيطرة المركزية للسلطة الشرعية، رغم أن هذه السلطة يُعاد إنتاجها وفقاً للمقاييس التي حددتها الرياض وأبوظبي في الاتفاق، والذي يوجد من بين مواده ما ينص على إقصاء صقور الشرعية المدافعين عن الدولة اليمنية الاتحادية من التشكيلة السلطوية المقبلة.

في الأخير عملت السعودية ومن خلفها الإمارات، من خلال اتفاق الرياض على ترحيل المشكلات مؤقتاً، وهو ما يفتح باب الصراعات والقتال مرة أخرى، وسيساهم في زيادة إضعاف الحكومة اليمنية، من خلال حقنها بمليشيات مناطقية، انفصالية، التي ستجد نفسها في الأخير محشورة بين انتقالي الإمارات، وحوثي إيران"، التي تأملان من هذا الاتفاق أن يكون جسر عبور للتقارب مع معهم في ظل التقارب مع ولي أمرهم في طهران.

*تملص الانتقالي

تواجه الرياض تحديات كبيرة في تنفيذ اتفاق الرياض، في ظل الغموض الذي يكتنف مسار أو كيفية تنفيذ بنوده على الارض, التزام الانتقالي بأي بند سياسي أو أمني أو عسكري، وهو ما استغل بشكل كبير من قبل أذرع الإمارات في التملص من التزاماتها في تنفيذ الاتفاق، وتفسير بنوده بحسب ما يتماشى مع أجنداتها.

وفي أول رفض من قبل الانتقالي الجنوبي بتنفيذ البند الأول بعودة الحكومة اليمنية إلى العاصمة المؤقتة عدن خلال الأسبوع الأول الذي يعقب يوم التوقيع، مفسرا البند في الاتفاق بأنه ينص على عودة محصورة فقط على معين عبدالملك، رئيس الحكومة، فيما قال نائب رئيس الوزراء/ سالم الخنبشي إن فريقاً وزارياً سيعود برفقة رئيس الحكومة إلى عدن، حسب تصريحات أدلى بها لصحيفة سعودية قبل أيام.

في موازاة ذلك قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية في ما يعرف بـ “المجلس الانتقالي”، منصور صالح محمد، إن التحالف منح الانتقالي ضمانات أبرزها منع نائب الجنرال علي محسن صالح، ووزراء الحكومة الحالية من العودة إلى مدينة عدن”، وأكد أيضا- في منشور له على حسابه في فيس بوك- أن “التحالف ضمن- أيضاً- سحب القوات الشمالية من أراضي الجنوب كافة، وعدم السماح للبرلمان اليمني بعقد أي جلسات في عدن، مشيرًا إلى أن أهداف المجلس الإستراتيجية ثابتة ولا تراجع عنها، بل إنه قطع شوطاً مهماً للغاية في سبيل الوصول إليها، ولا يوجد أي حديث عن مخرجات الحوار الوطني في إطار التزامات الطرفين.

وفي السياق يرفض قيادات ما يسمى ” الانتقالي الجنوبي“، التهدئة الإعلامية لإنجاح اتفاق الرياض الذي وقع الثلاثاء المنصرم، وينص على إيقاف الحملات الإعلامية المسيئة بكافة أنواعها بين الأطراف.

آخر تلك التصريحات، حديث عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي/ ناصر الخبجي، لوكالة ”سبوتنيك“ الروسية، والذي اتهم فيه قوات الشرعية بالفشل، وأكد فيه أن خططهم المستقبلية، ”تمضي نحو الاستقلال كما هو مخطط له وبمساندة من التحالف العربي“.

وقال ”الخبجي“ إن ”القضية الجنوبية لا تنهيها حكومة شراكة ولا تفاهمات مرحلية، لأنها قضية تتعلق بمصير شعب ووطن ونابعة من خطأ جسيم تم ارتكابه من خلال مشروع الوحدة اليمنية الفاشل والكارثي على الجميع وعلى المنطقة وأمنها واستقرارها"، حسب قوله.

وشدد على أن ”إعلان الاستقلال أمر لا جدال فيه، فنحن متمسكون بخيار شعبنا، لتحقيق هدف استعادة استقلال دولة الجنوب كاملة السيادة على تراب أرض الجنوب وحدودها المعروف عنها دوليا حتى العام 1990“.

على الصعيد العسكري كشفت مصادر عسكرية لـ "الموقع بوست" عن نقل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا السلاح الثقيل والمتوسط والذخائر من العاصمة المؤقتة عدن إلى مناطق متفرقة في محافظة الضالع التي ينتمي إليها معظم قيادات المجلس.

وقالت المصادر إن الانتقالي خلال الأسابيع الأخيرة يواصل نقل الأسلحة والذخائر إلى معسكر الزند في قرية "زُبيد"، وهو المعسكر الذي يتبع بشكل مباشر رئيس المجلس الانتقالي "عيدروس الزبيدي"، وإلى قرية " الجليلة" التي ينتمي إليها "شلال شايع" الذي ما يزال يمارس عمله كمدير لأمن عدن رغم إقالته في أغسطس الماضي، وكذا إلى "الشعيب" التي ينتمي إليها "محمد حسين"، مدير أمن مطار عدن.

وبحسب المصادر فإن نقل الأسلحة الثقيلة والذخائر ارتفعت وتيرتها خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد توقيع اتفاق الرياض.

وأشارت إلى أن منازل الزبيدي وشلال شايع ومحمد حسين، في الضالع أصبحت مخازن أفرغت فيها العديد من ناقلات الذخائر "سيارات دينا" التي تحتوي على ذخائر رشاشات الدوشكا والآلي "الكلاشنكوف"، وهي الأسلحة والذخائر التي تسلمها الانتقالي مؤخرا في عدن كدعم من الإمارات.

ويعد معسكر "الزند" في الضالع واحدا من المعسكرات التي يعود تدريب أفرادها إلى فترة ما قبل 2010م في الضاحية الجنوبية في لبنان، وذلك إبان فترة استعداد بعض فصائل الحراك الجنوبي للاستعداد لـ"الكفاح المسلح" من أجل الانفصال، واستوعب المعسكر خلال السنوات الأخيرة أفرادا من المجندين الجدد الموالين لرئيس المجلس الانتقالي في الضالع.

ويأتي نقل الانتقالي للأسلحة من عدن إلى الضالع، عقب توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية

والانتقالي، رعته المملكة وينص الاتفاق على عودة الحكومة إلى عدن وتسليم الأسلحة بعد دمج الوحدات العسكرية والأمنية تحت قيادة وزارتي الدفاع والداخلية.

وكانت مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي قد نقلت في وقت سابق مجموعة من الدبابات وعربة بي أم بي، لموقع جبل الُعر بمنطقة يافع، وذلك بعد أن استحوذت عليها خلال اقتحامها ونهبها لمُعسكرات ألوية الحماية الرئاسية بعدن.

مصادر سياسية مطلعة قرأت هذه التطورات من زاوية التملص للانتقالي الجنوبي، وأنه لا يتم بمعزل عن التفاهمات الإماراتية السعودية، وتماهي الأخير مع أجندات الأول، في التغاضي عن وكآلائه في الجنوب.

المصادر أشارت، إلى أن التهرب السعودي في الإيفاء بالتزاماته تجاه الحكومة اليمنية بتنفيذ اتفاق

الرياض وإجبار ما يعرف بالانتقالي الجنوبي، هي مجرد إستراتيجية قائمة على إبقاء الساحة اليمنية مفخخة بالمليشيات الخارجة عن سيطرة الدولة.

ونوهت إلى أن اللجنة التي تشرف على تفسير نقاط الاختلاف في الاتفاق، والمكونة من الجانب السعودي والإماراتي والانتقالي الجنوبي تعمل كجبة واحدة ضد الممثل الحكومي في اللجنة.

فريق آخر يعتبر تهرب الانتقالي الجنوبي والتماهي السعودي في إجباره على تنفيذ واجباته المنصوص عليها في اتفاق الرياض، يأتي من باب التحضيرات الإماراتي التي تسعى إلى إرباك المشهد مع الحكومة الشرعية لاستكمال بناء جسور التقارب بين الرياض والمتمردين الحوثيين في الشمال اليمني، بعيداً عن الحكومة اليمنية.

* جسر عبور

بعد توقيع "اتفاق الرياض" بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي، كسرت المملكة العربية السعودية، التي رعت الاتفاق، طوق المحظورات باعترافها بإجراء اتصالات مع المتمردين الحوثيين الذين تقاتلهم منذ عام 2015، حيث قال مسؤول سعودي بارز: "لدينا قناة مفتوحة مع الحوثيين منذ عام 2016 ولم يعط المسؤول، أي تفاصيل إضافية حول طبيعة الاتصال.

دراماتيكية التحولات في السياسية السعودية، جاءت بعد أسابيع فقط على الهجوم الصاروخي على منشآت أرامكو النفطية، التي حملت فيها الرياض مسؤولية الهجوم لطهران، نافية أن يكون لدى الحوثيين قدر على تنفيذ مثل هذا الهجوم.

الترتيبات السعودية سبقها تمهيد إماراتي، فقد قال وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات/ أنور قرقاش، إن للحوثيين دورٌ في مستقبل اليمن، متوقعاً أن يتحول اتفاق السلام بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي إلى نقطة انطلاق لحل شامل ينهي الحرب في البلاد.

وبدت التصريحات الإماراتية، بشأن دور الحوثيين في مستقبل اليمن ليست معزولة عن تصريحات وخطوات سعودية ودولية أعقبت "اتفاق الرياض". فقد زار نائب وزير الدفاع السعودي الأمير/ خالد بن سلمان 12 نوفمبر 2019، سلطنة عمان الجار الشرقي لليمن..

 وجاءت الزيارة بالترافق مع التسريبات المثارة بشأن حوارٍ جارٍ بين الحوثيين، الذين يوجد وفدهم المفاوض برئاسة المتحدث الرسمي للجماعة/ محمد عبدالسلام، في مسقط منذ شهور طويلة.. وفي السياق ذكرت مصادر غربية أن مشاورات مباشرة بين الحوثيين والسعوديين مستمرة في مسقط منذ أسابيع، من أجل التوصل إلى اتفاق، وتقدم السعودية هدنة مؤقتة فيما يطلب الحوثيون حلاً شاملاً يوقف الحرب والغارات الجوية. وتباطأت الغارات بالفعل منذ سبتمبر/أيلول على مناطق الحوثيين.

وتوقعت المصادر، أن هذه الصفقة (اتفاق الرياض) في الجنوب اليمني بين الحكومة واذرع الإمارات، مهدت لصفقة ممكنه مع الحوثيين في الشمال.

ترسم مجمل التطورات، عن قدرة سعودية في أإداث اختراق سياسي، عبر اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية، والانتقالي الجنوبي، يمكنها على المنظور القريب من خلاله إلى التوصل النهائي للحرب في اليمن عبر التقارب مع المتمردين الحوثيين، وإنهاء المعركة بما لا يفقدها ماء وجها أمام الرأي العام المحلي والعربي والدولي.

*الخلاصة

في خضم هذه التطورات على الساحة اليمنية، وفي ظل المكاسب التي جنتها الرياض وأبوظبي وما يعرف في الانتقالي الجنوبي، والتقارب السعودي مع إيران وأذرعها في اليمن "الحوثيون".

تلدغ الحكومة الشرعية في جُحْرهاٍ للمرة الثاني، الأولى كانت تطبيعها مع الانقلاب الحوثي عبر اتفاق "السلم والشراكة"، الذي أدخل الجغرافيا اليمنية في حرب شعواء، والثاني بشرعنة الانقلاب الإماراتي عبر "اتفاق الرياض"، أعنف من سابقاتها، حيث تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من تحقيق الكثير من خلال الاستيلاء على عدن.

لذلك فإن مطالب الحوثيين ستجبر "الحكومة المعترف بها دولياً على تقديم تنازلات ضخمة تتجاوز كثيراً قرار مجلس الأمن 2216" وهو القرار الذي يُجبر الحوثيين على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط والانسحاب من المُدن والاعتراف بشرعية الرئيس/ عبدربه منصور هادي.

 في الأخير إن تحولات الحرب باليمن، وتقارب الأجندات السعودية والإماراتية والإيرانية، التي تسعى إلى فرض سلطات الأمر الوقع في شمال اليمن وجنوبه، كما هو عليه لمواجهة الحكومة الشرعية، عسكريا، ويحاول هذا التكتل الناشئ على الصعيد السياسي تجريد الشرعية من مرجعياتها الأساسية، وإبقائها خارج خارطة النفوذ السياسي والعسكري.

تدفع الحكومة الشرعية أكثر من أي وقت مضى نحو مقصلة الإعدام.. فهل تستطع كياستها من إعتاق عنقها هذه المرة؟.. فالمعادلة تقول "لا يُلدغ المؤمن من جُحْر واحد مرتين، إلا ضربت عنقه"..

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد