تبخرت أحلامها بعد سنوات الدراسة والعمل، فلم تتمكن هناء وهي معلمة في مدرسة خاصة بتعز من دفع تكاليف أي من احتياجاتها البسيطة، على الرغم من ساعات طويلة من العمل في التعليم، بعد سنوات أربع من المشقة في الدراسة الجامعية.

تعمل هناء في مدرسة خاصة بتعز وتحصل على راتب 18ألف ريال (31$)، ومثلها آلاف المعلمين في معظم مناطق البلاد، حيث يتقاضى المعلمون رواتب زهيدة للغاية لا يمكنها أن تلبي أي من احتياجاتهم.

وتقول هناء إن المدرسة التي تعمل بها تعامل "المعلمين كعبيد وجواري، مع استمرار إملاءات وفرض عقوبات إذا ناقشت أو خالف، وأحياناً كثيرة الخصم من الراتب الذي لا يكاد يذكر".

وأضافت: "لقد كنت مجبرة على العمل، لأني بحاجة ماسة إلى المال".

تفاوت الدخل وجدول مزدحم

تعمل هناء منذ السابعة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، وتعمل في تدريس عدة مستويات دراسية، وإذا حدث فراغ لها خلال اليوم يتم إشغال هناء "بالإشراف أو تغطية عن معلم أو معلمة غائبة، حتى وجبة الإفطار تكون "سنادويتش" ويعود إلى البيت لعدم القدرة على أكله بسبب ضغط العمل".

عندما تعود هناء إلى المنزل تبدأ مرحلة جديدة من العمل حيث تقوم ب"تحضير الدروس لليوم التالي، ومتابعة أنشطة الطلبة والتحضير لتكاليف اليوم التالي. ولا يتوقف الحال عند ذلك "فأحياناً أتفاجأ من المشرفة بقولها لي "وقعي على لفت نظر".. ذلك لأني تأخرت لمدة دقيقة عن الموعد"!

وفي رد على ما تقوله هناء يقول مدير إحدى المدارس الخاصة لـ"يمن مونيتور": يتفاوت دخل المعلمات من معلمة إلى أخرى، وذلك بسبب الكفاءات، من سنوات خبرة وغيره.. وأن شحة المعلمات في مقررات معينة يفتح إمكانية تقديم راتب أكبر للمعلم.. كما قد يحدث لنا عجز في تغطية رواتب المعلمات بسبب ضعف في تحصيل الرسوم الدراسية..

ويحدث هذا التعسف في ظل وجود تعميم وزاري للمدارس الأهلية بالالتزام بقانون المرتبات بحيث لا يقل الراتب عن (30 ألف ريال).

قانون وتعسف

ويقول مسؤول في مكتب التعليم الأهلي والخاص لـ"يمن مونيتور" أن القانون يلزم "مُلاك المدارس الأهلية برفع أجور المتعاقدين لديهم إلى مالا يقل عن 30.000 ألف ريال كحد أدنى"، وإلى جانبه "قانون ينص على: أن المعلم في المدارس الخاصة يتمتع بالاجازات والحقوق والواجبات والامتيازات".

وحملَّ المسؤول المعلمين مسؤولية ما يجري لهم، ب"قبوله وبالتوقيع على عقد براتب محدد، برضائه الشخصي". وتحدث المسؤول ومدير المدرسة شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.

وقالت هناء أن المسؤول في التعليم الأهلي "يتجاهل ظروف الحرب التي تدفع المعلمين إلى القبول بالنزر اليسير والزهيد من المال مقابل العمل، وإن كان ذلك العمل ومتطلباته فوق طاقته وقدرته، وعلى حساب كرامته وصحته ونفسيته." داعية المكتب إلى القيام بدوره بدلاً من إلقاء اللوم على المعلمين.

المسؤول في مكتب التعليم الأهلي بوزارة التعليم اليمنية بتعز قال "إنه تم تشكيل مجلس تربوي بمثابة "نقابة" تلزم المدارس الخاصة بالقوانين الموضوعة عليها، ومن ضمنها قانون الحد الأدنى لرواتب المعلمين في هذه المدارس".

وتبلغ المدارس الخاصة 254 مدرسة في تعز وفق إحصائية كشف عنها مدير مكتب التعليم الأهلي والخاص بإدارة التربية والتعليم في محافظة تعز جنوب غرب اليمن، في حين لا تتوفر إحصائية محددة لعدد المعلمين والمعلمات المتعاقدين في المدارس الأهلية.