بعد أعوام من الدم والخطيئة " الحوثية ".. " صنعاء " " إيرانية "

2020-01-08 09:19:46 أخبار اليوم/ تقرير خاص

 

يكاد ينكر كل من يرى تلك المدينة التي كانت تضحك للنسائم والسماء، وكان ثغرها قبل أعوام من الدم والخطيئة يتكركر ويثرثر بالأقاصيص البريئة، وفي شفاهِ العذارى تُنحَرُ القُبَلُ.

صنعاء التي كانت كالفجر بين عرائش العنب، لونها كالقمح، تفاحة عذراء، فاتنة المحيا تسلب كل عاشق متأمل.

غدت عيماء كالخفاش في وضح النهار، زادها الليل عمى، تطفئ مقلتاها شهوة الدم، وتتصاعد من أبوابها راحة الموت، بعد أن كان الطيب يفوح من حولها و يُضرَبُ المَثلُ.

صنعاء التي تمتص من فزع الضحايا زهوها، وتشعر في دمها، كآبة الداءُ من جهةٍ، والفقرُ من جهةٍ، والشَّرُّ مُنفَتحٌ، والخيرُ مُنقَفِلُ، كما وصفها الشاعر البردوني.

يقول البعض في وصف صنعاء، غدت مدينة يعجز الإنسان من أن يستجير من الشقاء، حتى بوهم أو برؤيا، ينجيه من ذلك الجحيم الذي لا يزول، فأن بها جماعة يزيدون جوعاً وجشعا كلما نهبوا.

هو ليس الحظ الذي يكره صنعاء كما وصفها البردوني بل تجعيد التعب التي طغى عليها بعد استباحتها من قبل باعة الدم وأحفاد النظام الأمامي بنسخته المحدثة "الحوثيون" في أيلول سبتمبر 2014م.

تلك الجماعة التي حولت الغناء في صنعاء إلى نحيب يبغى على لحنِه التقليدُ والمللُ.

حقبة ظلامية تعيشها صنعاء في ظل السيطرة الحوثية، والهيمنة التي حجرت كل قلب يقطنها بضغينة، وأصبح ساكنيها كأنهم وسْط نارِ الحرب موقدُها في الأرض، ما خُلقوا إلا لِيقتتلوا.

تلك الحقبة التي تعيشها صنعاء يعزوها مراقبون في الشأن اليمن، إلى عادات عادت دخيلة على المجتمع اليمني المحافظة استقدمت من قبل جماعة الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانيا، عقب انقلابها في 2014م.

أيدلوجية ثقافية وفكرية ودينية خمينية استنسختها جماعة الحوثي الانقلابية، تثير قلقا لدى الكثير من اليمنيين، من سعي الجماعة لإقامة ما يمكن تسميته بالضاحية الشمالية في صنعاء على غرار الضاحية الجنوبية في بيروت

في هذه الورقة تستعرض صحيفة "أخبار اليوم"، أبرز المحاولات الحوثية في دثر ملامح مدينة صنعاء وبعض المحافظات الخاضعة لسيطرتها من خلال العديد من الركائز التي تعتمد عليها الجماعة الانقلابية التي تخدم المشروع الإيراني في المنطقة تكمن في الاتي:

* تجريف التعليم

منذ انقلاب جماعة الحوثي الانقلابية على السلطة وسيطرتها على مؤسسات الدولة بقوة السلاح، سارعت إلى تنفيذ أجندتها الخاصة وذلك عبر بسط نفوذها وسيطرتها التامة على وزارة التربية وذلك لإحكام قبضتها على هذا القطاع الهام، لفرض أفكارها الطائفية على المنظومة التعليمية في اليمن..!!

اتضح ذلك جلياً بعد أن قامت الجماعة الانقلابية، بتعيين "يحيى بدر الدين الحوثي"- القيادي الحوثي الطائفي وشقيق زعيم الجماعة- وزيراً للتربية والتعليم في حكومتها الغير معترف بها.. وبذلك أصبح القطاع التعليمي في اليمن، عرضة للانتهاك الصارخ والممارسات الحوثية الفظيعة والدخيلة، إذ قامت باستهداف المنظومة التعليمية استهدافاً متكاملاً.. فاستهدفت العقول والأدمغة للأجيال الناشئة، بأفكارها الطائفية الدخيلة على مجتمعنا اليمني.

وهدفت منه إلى إنشاء وبناء الإنسان اليمني مذهبياً وعقائدياً وذلك لخلق قاعدة قوية لدولتها المنشودة.. كما تتوهم هذه الجماعة المارقة الخبيثة..!

وسعت جماعة الحوثي إلى عسكرة التعليم الأساسي والأكاديمي.. وذلك بالاستناد إلى الأسس والمبادئ المستوحاة من ثورة الخميني الإيرانية..!

في أواخر نوفمبر من عام 2016، عينت الجماعة شقيق زعيم جماعة الحوثيين المتمردة "يحيى بدر الدين الحوثي"، والمتهم بالتعصب المذهبي- حادثة التعيين لا يمكن تحليلها أنها محاولة لبسط نفوذ الجماعة في مؤسسات الدولة أو مجرد مسألة تفرد- بل كانت ضمن خطة إستراتيجية رسمت بشكل مسبق من قبل الجماعة المتمردة.

بحسب مراقبين فإن تعيين شخصية متعصبة مذهبياً وطائفياً مثل "يحيى الحوثي"، في وزارة حساسة كوزارة التربية والتعاليم، كان الهدف الأساسي منه استهداف المنظومة التعليمية ومناهجها الدراسية، التي رسّخت- على مدى عقود- قيم المواطنة والمساواة والهوية الحضارية، وأذابت الفوارق الطبقية والعنصرية والطائفية في البلاد.

وفي السياق حصلت "أخبار اليوم" على معلومات كشفت تورط المليشيا- منذ الوهلة الأولى من تعين "يحيى الحوثي"- في عسكرة التعليم في اليمن بجانبية الأساسي والأكاديمي، تيمناً بتلك الأسس والمبادئ التي جاءت بها ثورة "الخميني" في إيران.

الفلسفة الحوثية العميقة في عسكرة التعليم تمر بمراحل متعددة، تبدأ بالتغلغل في المنظومة التعليمية من خلال أدلجة العملية التعليمية وتغيير المناهج الدراسية وفرض تعليم طائفي يؤيد ما يسمى "حصر الولاية في البطنين"، ويرسّخ العنصرية في المجتمع.

معادلة تعليمية جديدة فرضت من قبل الانقلابيين في اليمن يقول مراقبون، من شأنها أن تستهدف العقول والأدمغة للأجيال الناشئة بأفكار طائفية دخيلة على مجتمع يوصف بالمحافظ، وأفكار تدعو إلى التحريض والقتل والتمييز العنصري بين الطبقات المجتمعية.

المختصين أفادوا، إن عسكرة التعليم- التي تهدف الجماعة لفرضها في المؤسسات التعليمية- تسعى إلى بناء الإنسان اليمني بناءً مذهبياً وعقائدياً منذ الناشئة، وفق مفهوم استراتيجي يمكّن الجماعة- على المدى البعيد- من خلق قاعدة قوية لدولتها المنشودة في حال الاستمرارية حسب زعمهم.

تستند فرضية عسكرة التعليم- التي فرضها المتمردون الحوثيون في النظام التعليمي- على غرس القيم العسكرية والأمنية والاستخباراتية، والتنشئة الدفاعية، وعلى استباحة الأرض وفرض الإرادة لإقامة دولة العدل الإلهي- بحسب زعمهم- كما تدعو لاستباحة واغتصاب أراضي الغير، وتبيح سفك الدماء والحرب وتجاهر بالعزم على التوسع.

هذه المعادلة- التي مكنتهم نسبياً من تحويل بعض المدارس في اليمن إلى مفارخ تنجب لهم مقاتلين- كما حدث سابقاً منذ سيطرتهم في مارس/آذار 2011 على صعدة".

* مسح الهوية الوطنية

وتفيد المعلومات الوردة من صنعاء بإن جماعة الحوثي الانقلابية دَائِبٌة إلى إنشاء صروح تعليمية خاصة بصبغة طائفية، بجانب المؤسسات التعليمية في البلاد تقوم بعدة وظائف من ضمنها غسيل العقول ومسح الهوية الوطنية، وإنشاء جيل واسع مؤدلج يمكنهم من تجنيد أكبر قدر ممكن من فئة الأطفال من المدارس ومن فئة الشباب من الجامعات في حروبهم العبثية.

وأنشأت الجماعة الانقلابية، جامعة جديدة وهي جامعة 21 سبتمبر بالعاصمة صنعاء والتي تم تسميتها لذكرى يوم الانقلاب المشؤوم على الحكومة الشرعية والرئيس هادي، وجامعة "إقرأ" وعدد من المدارس الأهلية في صنعاء تتبنّى سياسة عسكرة التعليم بشكل علني.

وتمتاز هذه الجامعة الخاصة والمدارس الأهلية، بخصوصيات كثيرة جدا، ولا يتم قبول أي طالب لا ينتمي لجماعة الحوثي، حيث يتم تدريس الفكر الطائفي والمذهبي، كما يتم توظيف كوادر هاشمية حوثية طائفية عرقية سلالية.

وفي ذات الاتجاه فرضت- بالقوة- مواداً تعليمية جديدة في الجامعات الحكومية وتدريسها في جميع الكليات وهي "التربية الوطنية" ومادة "الغزو الخارجي"، وتحمل عداءً فكرياً لدول الخليج وتحسين صورة إيران.

* التغير الديمغرافي

يعتبر "التوطين" أحد أهم الأسلحة في قبضة الانقلابيين الحوثيين، وتحاول الجماعة المتمردة من خلاله تعزيز سيطرتها على المناطق الخاضعة لها، بتمرير مشروعها المكمل للمشرع الإيراني بالمنطقة، لترسيخ نفوذها من إحداث شرخ مجتمعي يتمثل في تغيير ديمغرافي في عاصمتهم السياسية صنعاء.

المخطط الحوثي القائم على هذا التغيير السكاني، أسفر عن رفع أجور الشقق السكنية المستأجرة في صنعاء، بنسبة 400%، وشراء عقارات بمبالغ خيالية، في إطار سياسة التوطين والتغير الديمغرافي التي تقوم بها الجماعة الانقلابية لعناصرها وإتباعها إلى صنعاء.

عمليات التوطين الحوثية أسفرت، وفقًا لمصادر مطلعة، عن ارتفاع إيجارات الشقق السكنية بشكل جنوني، ما فاق قدرة المستأجرين العاديين على سداد المبالغ المترتبة عليهم في ظل نهب رواتبهم من قبل مليشيا الحوثي وانعدام فرص العمل.

المصادر قالت إنّ التدفق المستمر لعناصر الجماعة الانقلابية إلى صنعاء أدّى إلى قلة العرض في الشقق السكنية وارتفاع الطلب وهو ما دفع المؤجرين إلى رفع سقف المبالغ المستحقة بشكل كبير دون أن تضع المليشيات حدًا لذلك كونها المستفيدة من فرض الجبايات والضرائب على المؤجرين أنفسهم.

وفيما يتعلق بالتغيير الديمغرافي الحوثي، فإنّ التهجير القسري يعتبر من أخطر أشكال هذا التغيير منذ عمليات التهجير في صعدة ودماج، ومرورًا بمثيلاتها في عمران ، وما يحدث من تهجير وملاحقة للمعارضين في مناطق سيطرتهم، يؤكد أنه محاولة حوثية لتجريف التغيير الديموغرافي.

هذه السيطرة الديمغرافية الحوثية يمكن القول إنّها تضمن للجماعة الحوثية الانقلابية نفوذًا وسيطرة في مناطق مهمة، خاصة في صنعاء حتى في مرحلة ما بعد الحرب، ما يُمكِّن الانقلابيين من استغلال هذا الأمر لصالحهم على صعيد واسع.

تجد الإشارة إلى أن التغيير الديموغرافي في صنعاء وبعض المدن الشمالية من قبل الانقلابيين الحوثيين استهدف ثلاثة مستويات مهمة:

- تغيير ديموغرافي يتعلق بالنسيج الاجتماعي اليمني، وحدثت فيه حملات من تجريف الهوية الوطنية وإحياء الهويات الفرعية (الطائفية-الأثنية-المناطقية).

- تغيير ديموغرافي متعلق بالحرب والدمار وعمليات النزوح الداخلي والخارجي.

- تغيير ديموغرافي متعلق بعمليات التهجير الممنهجة وعمليات الإحلال السُكاني كبديل.

نشير إلى أن النظام الإيراني استخدم هذه المستويات من التغير الديموغرافي في مناطق ذات قوميات سنية في العراق من خلال مايعرف بمليشيا الحشد الشعبي، واستخدمها تنظيم حزب الله في لبنان، ومؤخراً يستخدم بشكل ممنهج في سوريا، وإن كانت اليمن هي الأقل بشكل كبير مقارنة بهذه الدول. يصعب تحديد نتائج التغيير بشكل واضح؛ لأنه لا توجد حتى الآن دراسات مسحية تكشف حجم التغير الديموغرافي داخل اليمن، لكن ملامح ذلك تحضر بشكل لافت في مناطق سيطرة جماعة الحوثي الانقلابية نتيجة الفروض والخلفيات التي تستند إليها الجماعة (عقائدياً- واثنيناً)، فيما شُجّعت المناطقية كوسيلة للتمدد أكثر في مناطق خصومها؛ ما يعني مخاطر تتجاوز مخرجات الحرب الحالية داخل البلاد وستضع أية حكومة قادمة في اختبار صعب وتحديات كبيرة لتسوية المظالم الجديدة، وفي حال تجاهلها سيعني مرحلة انتقالية باتجاه حرب أخرى.

* حوثنة المجتمع

هناك كم هائل من الأعمال الفنية والثقافية والأنشطة والممارسات الميدانية التي سعت بوضوح إلى تغيير الديموغرافيا في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم. ومن يرفض التماهي مع هذا الفكر، يُقتل أو يختطف أو يهجّر أو يُحاصر في رزقه، ويتم التحريض ضده واتهامه بالعمالة والارتزاق والخيانة.

يقول الصحفي اليمني "همدان العليي"، من أبرز وسائلهم الهادفة للتجريف الثقافي العام، ربط الحوثيين الوظيفة العامة والتعيينات الإدارية والمستحقات المالية في القطاعين المدني والعسكري بحضور ومشاركة الموظفين والعسكريين بالدورات الثقافية أو الفكرية، وهي محاضرات حوثية لغسل الأدمغة، وتعبئتها بفكر ديني معين ينتهج التطرف. فمن يريد نصف راتبه، أو الحصول على سلة غذائية تقدمها منظمة دولية، أو حتى أسطوانة غاز، فعليه أن يخضع لهذه الدورات. لكن تبقى العملية الأخطر هي استغلال المدارس لنشر هذا الفكر المستورد من خارج الحدود اليمنية بين طلاب المدارس والجامعات.

ويضيف العليي، يُخضِع الحوثيون السكان في مناطق سيطرتهم لدورات ودروس مكثفة عن «خطر دخول أميركا اليمن» لتحريضهم على القتال، وعن «موالاة الله، وضرورة مواجهة عملاء أميركا وإسرائيل في قرن الشيطان»، وهنا يقصدون المملكة العربية السعودية، ويعرضون لهم مقاطع من مسلسلات درامية إيرانية، بالإضافة إلى مشاهد تمثيلية عن الحرب العراقية - الإيرانية، ووثائقيات عن المملكة العربية السعودية، من إنتاج إيران أو «حزب الله».

هذه الدورات المكثفة وقعها كالسحر، فقد حولت بعض من كانوا يتوعدون بالثأر من قتلة الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى خدم مطيعين في يد القتلة أنفسهم (الحوثيين). ليس هذا وحسب، بل كثير منهم اليوم يطلقون اللعنات على زعيمهم المغدور في منزله، ويتهمونه بالخيانة العظمى، بعدما كانوا يقدسونه!

* مزارات خمينية

تجيش جماعة الحوثي الانقلابية كل الإمكانيات المادية والبشرية في مختلف أجهزة الدولة التي اغتصبها ؛لاختلاق المناسبات الدينية واستثمارها سياسيا وطائفيا كما يستثمرون ما يسمونه بيوم الغدير وعاشوراء وغيرهما من المناسبات؛ في ايدلوجية عقائدية مستنسخة من إيران، عقيدة قائم على الحقد لمن يخالفهم،

مصادر مطلعة أشارت أن الهدف من تلك المزارات الخمينية الدخيلة هو، تغيير البيئة المجتمعية والثقافية وارتهانها لمشاريع خارجية حاقدة على الشعب اليمني.

وأضافت أن تلك المناسبات تمثل فرصة للجماعة الحوثية لفرض الجبايات على الشراكات والتجار والمواطن اليمني البسيط تحت ذراع دينية زائفة.

ولخصت المصادر أن الأهداف من هذه الاحتفالات التي تفرضها جماعة الحوثي الانقلابية في أربع نقط رئيسية:

*نشر البدع والضلالات والعقائد الجارودية الاثني عشرية الشركية بكاملها في استنساخ للتجربة الإيرانية التي تمول الجماعة الحوثية ومن ذلك دعاء الأموات والاستغاثة بهم واستقبال الأضرحة والقبور وإحياء الاحتفاء بالغدير وعاشوراء وغيرها.

*جمع الأموال والإتاوات والمكوس والضرائب والجمارك والتبرعات والصدقات بالحديد والنار والقوة والقسر والقهر ومصادرتها فجزء لإحياء هذه البدع.

*الوصول إلى السلطة وإخضاع الرقاب واستعباد الناس والتسلط عليهم وإذلالهم وإخضاعهم.

*الهيمنة والتركيع والإخضاع لكل من خالفوهم

ومخرا رعت جماعة الحوثي الانقلابية في صنعاء تظاهرات لآلاف من إتباعها وأنصارها في العاصمة صنعاء، متوعدةً الولايات المتحدة بالانتقام لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، وقيادي أخر في الحشد الشعبي العراقي.

وقال بيان صادر عن تظاهرة جماعة الحوثي، "للأمة كلها حق الرد على جريمة اغتيال القائدين سليماني والمهندس وكل الشهداء ومواجهة الغطرسة الأميركية".

وقال مراقبون وقيادات سياسية إن مظهر صنعاء اليوم أكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن صنعاء العاصمة تقع تحت الاحتلال الإيراني، وأن هويتها اليمنية وتاريخها ومعالمها تعمل جماعة إيران الحوثية على طمسها بشكل كامل واستبدالها بالهوية الإيرانية

* السطو على الأوقاف

تطرقت صحيفة "أخبار اليوم" في وقت سابق إلى أحد أهم العوامل في الصراع الخفي المحتدم في جماعة الحوثي الانقلابية، ويكمن في عمليات السطو والنهب الممنهج لممتلكات الأوقاف من قبل قيادات الصف الأول بجماعة الحوثي الانقلابية، بنشرها تقريراً بعنوان " الأوقاف في صنعاء.. لعنة تطارد الحوثيين وتنذر بزوالهم".

وبحسب معلومات مسربة حصلت عليها الصحيفة، فقد اشتد الصراع بين أسر تمتلك مناصب رفيعة وحساسة في جماعة الحوثي الانقلابية كـ أسرة (البخيتي، والكبسي، وأسرة بعثر، وبيت ربيد، وبيت قطينة) في الآونة الأخير على خلفية عمليات السطو الممنهجة على أراضي وعقارات الأوقاف في محافظات "صنعاء وعمران ومحافظة ذمار والحديدة".

مراقبون في شؤون الجماعة المتمردة يرون أن انخراط هذه الأسر- التي تملك ثقلا في جماعة الحوثي- ينذر بزوال الجماعة.

التقرير تطرق إلى ملامح هذا الصراع الذي يطفو على السطح بين القيادات الحوثية، ولا تجاهر بت في الجماعة بشكل علني.

جاء ذلك عقب قيام قيادات الصف الأول في ما يسمى بالجنة الثورية وبعض قيادات مجلس الجماعة (المجلس السياسي) بتسهيل إجراءات السطو والاستيلاء، على أراضي الأوقاف للمشرفين التابعين لمحافظة "صعدة"، في كلا من محافظة عمران، وصنعاء/ وذمار، ما أثار حفيظة واستياء كثير من قيادات الجماعة من المحافظات الأخرى ودفعهم لخلط الأوراق من جديد وفرض معادلة جديدة في هذه التركة الضخمة للأوقاف يكون فيها رقماً.

ونجم عن هذا الصراع إحراق أرشيف الأوقاف بصنعاء في، 23/ أغسطس/ 2018، من قبل المتمردين الحوثيين وإتلاف الوثائق الخاصة بممتلكات الأوقاف لتسهيل السيطرة على العقارات والأراضي الموقوفة.

التسريبات تفيد، بأن الحريق المفتعل على صلة بالصراع الذي احتدم مؤخراً بين القيادات الحوثية على أموال الأوقاف والأراضي التابعة لها، دفع رئيس مجلس حكم الجماعة "مهدي المشاط"، للتدخل من أجل احتواء الخلاف وتنظيم عملية النهب من قبل ميليشياته لعقارات الأوقاف.

المشاط كلّف مدير مكتبه القيادي في الجماعة "أحمد حامد"، لعقد اجتماع مع أقطاب الجماعة المتصارعين على أراضي الأوقاف ووضع آلية لحسم الخلاف فيما بينهم.

وذكرت مصادر مطلعة، أن الاجتماع خلص إلى حصر مسألة التصرف في أراضي الأوقاف في صنعاء بأمر المشاط شخصيا ونزع صلاحيات القيادات المتنازعة.

إلى ذلك يرجح خبراء في الشأن اليمني أن هناك من هو مستفيد من الصراع بين قيادات جماعة الحوثي الانقلابية ويعمل على قدم وساق لإشعال فتيل المواجهة المسلحة فيما بين الجماعة، من خلال استغلال وتوظيف ورقة ممتلكات الأوقاف وما تمثله من أهمية لدى قيادات الجماعة المتعطشة للنهب والسطو نتيجة إدراك هذه القيادات المسبق بزوال الجماعة محاولين تأمين مستقبلهم على المدى القريب في حال تم القضاء على المتمردين في اليمن.

من جانب آخر يتوقع الخبراء، أن هناك قيادات في جماعة الحوثي تعمل على خلق توازن عسكري وسياسي داخل الجماعة يمكنها من التحكم بالجماعة بعيداً عن الأوامر القادمة من كهوف صعدة، بل تعمل على إضعاف سلطات "مران"، من خلال إشعال فتيل المواجهات بين الجناح العسكري التابع للحوثيين في المحافظات الأخرى والجناح العسكري لمحافظة صعدة، مستغلين ورقة العقارات وممتلكات الأوقاف.

وبحسب الخبراء فإن من كواليس ذلك الصراع ما يحاك بشكل محكم من قبل قيادات كان لها دور بارز في بزوغ نجم الجماعة قبيل اقتحام صنعاء، كـ بيت "الشامي" وأسرة "المتوكل" التي تملك نفوذاً لا يستهان به، ولكن لا تملك القرار السياسي في الجماعة، رغم الجهد أللا محدود الذي بذلته منذ انهيار النظام الإمامي في 1962 من القرن الماضي حتى صعود الجماعة للسلطة في سبيل حصر نظام الحكم في اليمن في ما يسمى آل "البيت" وتأطير السلطة في "بني هاشم" حسب تعبيرهم.

وحاليا تعاني من التهميش نتيجة التفرد المطلق من قبل أسرة "بدر الدين الحوثي" وقيادته العسكرية في صعدة، بالمناصب الحساسة في الدولة السياسية والعسكرية.

* البلطجة المالية

على مدى الأعوام الأربعة الماضية، وتحديداً منذ انقلاب الجماعة الحوثية على السلطة وبسط سيطرتها على العاصمة ومدن يمنية أخرى، دخل الاقتصاد اليمني في أتون أزمات متعددة، وشهد خلالها تدهوراً حاداً نتيجة ممارسات النهب والتدمير الممنهج الذي انتهجته الميليشيات طوال فترة الانقلاب.

 

عشرات التقارير والدراسات المحلية والدولية، أكدت أن يوم 21 من سبتمبر (أيلول) 2014 شكّل نقطة تحول سوداء في الواقعين السياسي والاقتصادي في اليمن. وقالت إن الانقلاب الحوثي على السلطة أوجد وضعاً جديداً اتسم بالتردي غير المسبوق في الحالة الاقتصادية اليمنية، وأن الاقتصاد هوى تحت الميليشيات التي لم تكتفِ بذلك وحسب، بل سيّسته انطلاقاً من شتى أنواع الإتاوات، تحت تسمية «المجهود الحربي»، وليس انتهاء بحرمان عشرات الآلاف من موظفي دولي دخلهم الشهري لما يربو على عامين، لمجرد تحميل الحكومة مسؤولية نقل البنك المركزي اليمني الذي نهب الحوثيون منه أكثر من 3 مليارات دولار.

 

إلى ذلك كانت جماعة الحوثي الانقلابية قد اصدر قرار يقضي بمنع التعامل مع 697 شركة ورجل أعمال.

ونشرت صحيفة "الرياض وثيقة مسربة، حصلت عليها، بتاريخ 24 فبراير 2018م، تضم الوثيقة قائمة بأسماء شركات تجارية تعمل في مختلف المجالات بالعاصمة صنعاء، ومن ضمنها شركات صناعية محلية، وأخرى تعمل في مجال الاستيراد لمختلف السلع، بما فيها الأدوية، ووكالات السفر وغيرها، كما وجه التعميم جميع الجهات المالية بمنع التعامل مع جميع الأسماء الذين شملتهم القائمة.

 

وعلى نحو يكشف مساعي إيران للسيطرة على مفاصل الاقتصاد اليمني بقطاعيه العام والخاص، أشار تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة الصادر حديثاً بشأن اليمن، إلى مساعي الحوثيين لبناء إمبراطورية مالية خاصة بالجماعة في صنعاء والمناطق التي يسيطرون عليها.

 

ونص التقرير على أن "الحوثيين وضعوا استراتيجية للسيطرة على واردات النفط، وذلك من خلال منح حق الاستيراد لأشخاص وشركات تابعة للجماعة، في الوقت الذي ظهر تجار حروب جدد مستفيدين من هذه الحرب، بينما أصبحت الغلبة للسوق السوداء على المعاملات الرسمية".

 

وأشار التقرير إلى أن جماعة الحوثي تعزز من سيطرتها على الإيرادات المتعلقة بالضرائب وتضاعف الرسوم على الجمارك بنسبة تتجاوز 100%، في منافذ جمركية مستحدثة، كما تتوغل أكثر في السيطرة على قطاع الاتصالات والإنترنت، وهو قطاع يشكل المصدر الرئيس لإيرادات الحوثيين في صنعاء، ويقدرها تقرير الخبراء التابع للأمم المتحدة، بما يعادل 159 مليون دولار سنوياً، ناهيك عن عقارات الدولة والبسط على الأوقاف التي تمثل أحد أهم روافع الاقتصاد الوطني في اليمن.

 

* تهريب الآثار

كشف تقرير نشرته صحيفة 26سبتمبر في عددها الصادر يوم الخميس عن تجريف واسع تعرضت له المقتنيات الأثرية اليمنية خلال سنوات الحرب قامت به عصابات التهريب والمتاجرة التي يقودها نافذون في المليشيا الحوثية المتمردة.

 

وأوضح التقرير المعنون كنوز في مهب التجريف بأن المليشيا الحوثية المتمردة دأبت على تفريغ محتويات المتاحف من كنوز الآثار لتقوم بتهريبها إلى أمريكا ودول أوروبية بالتنسيق مع عصابات تهريب دولية بهدف الحصول على المزيد من الأموال لتمويل حربها على اليمنيين ، ولطمس الهوية الثقافية والحضارية اليمنية كهدف رئيس امتدادا لممارسة الأئمة من قبلهم الذين قاموا بنقل آثار اليمن إلى دول أخرى كهدايا للزائرين وقرابين لحكام الدول الاستعمارية.

 

ونقل التقرير عن الباحث في التراث الثقافي اليمني عبدالله محسن بأن آثار اليمن تصدرت قائمة الدول التي بيعت آثارها في مزادات أمريكية وأوروبية خلال العام 2019 تلتها سوريا ثم العراق.

 

 وبحسب الباحث اليمني في علوم الآثار "عبدالله محسن ظافر" فأن آثار اليمن المهربة والمباعة في المزادات خلال العام 2019م صادمة للغاية فقد احتلت المرتبة الأولى تلتها سوريا ثم العراق، منها بيع شاهد قبر من اليمن القديم عمره 21 قرنا بمبلغ 116500دولار أمريكي، ومذبح من الألفية الأولى قبل الميلاد تم بيعه في نوفمبر بمبلغ 120000دولار أمريكي كآخر واقعتين لبيع الآثار سبقتها مئات الوقائع، كما شهد هذا العام عمليات تهريب تفوق الأعوام السابقة اشترك فيها نافذون ومنظمات محلية ودولية وقيادات المليشيا الحوثية وأذنابهم المنتشرين في كافة المحافظات، واستخدم في تهريبها بحسب الباحث محسن سيارات وقاطرات وسفن وقوارب وطائرات مدنية وأممية.

 

وأشار التقرير إلى قصور الاتفاقيات الدولية في تلبية احتياجات الحماية لقطاع الآثار اليمني نظرا لعدم اشتمالها على بنود تضمن حماية القطع الأثرية التي انتقلت إلى دول أخرى على شكل هدايا في حين أن الكثير من الآثار اليمنية تقع تحت هذا الإطار ، و هو ما يعني تعذر امكانية استعادته إلى موطنه الأصلي ما يتطلب بذل المزيد من الجهود للوصول إلى صيغة اتفاقية أكثر شمولا واستجابة لاحتياجات حماية وصون وتحريز المقتنيات الأثرية اليمنية

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد