كيف تواجه صنعاء مخاطر " كورونا " في ظل سلطةً الحوثي؟

2020-04-02 05:49:37 أخبار اليوم/ متابعات

 

 

حتى الآن لم تُسَجّل أي إصابة مؤكدة بفايروس كورونا في اليمن، حسبما أعلنت منظمة الصحة العالمية سواءً في المناطق المحررة أو تلك الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، إلا أن هاجس تفشيه يثير حالة من الهلع لدى اليمنين نظرًا لهشاشة القطاع الصحي في البلاد، وعدم جهوزيته من حيث الكوادر أو الإمكانيات الطبية عن تقديم الرعاية اللازمة للمرضى المفترضين بهذا الوباء، في ظل عدم مبالاة مليشيا الحوثي بحياة السكان، فيما يتعلق بتهيئة القطاع الصحي في مناطق سيطرتها تحسباً لحدوث الجائحة الخبيثة.

 

لكن ما يقلق اليمنيين حاليا هو التداعيات التي تسببت في شل الحياة الاقتصادية في البلاد وضيّقت على اليمنيين سبل معيشتهم خصوصا في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون نظرا لانقطاع المرتبات منذ أربعة أعوام وعدم اتخاذ حكومة المليشيا في صنعاء أي إجراءات قانونية تحد من احتكار التجار للمواد الغذائية الأساسية وضبط الأسعار التي يجري التلاعب بها من قبل التجار كما هو الحال في صنعاء والمحافظات الأخرى الواقعة تحت سيطرة المليشيا.

 

صحيح أن جائحة فايروس كورونا سببت هزة عنيفة على الاقتصاد العالمي برمته، وتراجع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، لكن تبعات ذلك في اليمن كانت قاصمة وتفوق احتمال سكان البلاد التي تعاني منذ خمس سنوات ويلات الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي في واحد من أكثر بلدان العالم فقرا.

 

وازدادت حياة المواطنين ارتباكاً في الأيام الأخيرة، بعد أن فرضت مليشيا الحوثي الانقلابية في صنعاء قرارات تقضي بغلق بعض الأسواق والاستراحات والمطاعم، وفرض قيود على الأنشطة الأخرى، دون توفير أي بدائل أو تعويضات معيشية للمواطنين خصوصا للذين يعملون بقوت يومهم، كما حال معظم اليمنيين. 

 

كما دفعت هذه الإجراءات عددا من الموظفين والعمال إلى رصيف البطالة والبقاء في المنازل في ظروف معيشية صعبة، العمل في أعمال ومهن متعددة بأجور يومية زهيدة، لكنهم فجأة أصبحوا مضطرين مرة أخرى لترك هذه الأعمال والحد من تحركهم في إطار القيود المفروضة من أجل منع انتشار فايروس كورونا.

 

كذلك أثرت تلك القيود على مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية، وعلى تكوين مخزون مناسب من الغذاء والدواء، وعرقلت كثيرا من المكونات الصناعية ومدخلات الإنتاج التي تحتاجها شركات الأدوية المحلية، كما شهدت العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيا اضطرابا واسعا في سوق الدواء، تمثل في اختفاء العديد من الأصناف وارتفاع قياسي في الأسعار وصل في بعض الأحيان إلى خمسة أضعاف سعرها الأصلي.

 

ونتيجة لعدم توفر آلية رقابية نزيهة لدى حكومة المليشيا في صنعاء، أصبحت ظاهرة استغلال المواطن والغش في السلع سواء الغذائية أو الدوائية، أكثر تجذُّرا وفتكا بالمستهلك اليمني الذي أتخمته الكوارث والأزمات منذ سيطرة المليشيا على عاصمة البلاد. 

 

حيث أدى الإقبال المتزايد في الأيام الأخيرة، على الأدوية والمعقمات والمنظفات والسلع الغذائية والاستهلاكية للوقاية من كورونا، إلى تفشي ظاهرة الغش التجاري وانتشار أدوية ومعقمات فاسدة ومنتهية الصلاحية، دون أن تحرك السلطات الحوثية ساكنا أمام هذا الاستغلال الذي يتعرض له المواطن، وهو ما أدى إلى ظهور طبقة من التجار استفادوا من اختلالات في كافة الجوانب الاقتصادية والتجارية والخدمية، حيث يتعمد بعض التجار سحب بعض السلع من الأسواق أو إيقاف توزيعها من اجل رفع الأسعار، في ظل تزايد الطلب عليها، نتيجة لهاجس الخوف من احتمال نفادها من السوق في حال تفشي الفايروس في اليمن.

 

حيث يواجه المخزون الغذائي خصوصا في مناطق سيطرة الحوثيين خطر النفاد نتيجة الوضع الراهن وتوقف الاستيراد في بلد يعاني من انهيار اقتصادي وانخفاض كبير في العملة الوطنية وثلثا سكانه مهدّدون بالجوع، نظرا لشلل الاقتصادي الذي ضرب الأسواق المحلية وشحة المخزون الغذائي الذي لن يصمد أكثر من شهر بحسب تقديرات اقتصادية، وبالأخص مع اقتراب شهر رمضان المبارك، الذي يشهد ارتفاعا كبيرا في الاستهلاك.

 

في المقابل كان هناك أيضا ارتدادات سلبية على التجار وأصحاب رؤوس الأموال ممن كفُّوا أيديهم عن الاحتكار والتلاعب في الأسعار، إلا ان الوضع سرعان ما تغير إلى العكس بمقتضى ما أصبح عليه السوق، في ظل عدم لا مبالاة السلطات الحوثية عن توفير الحوافز اللازمة للتجار أو اتخاذ أي اجراءات تمنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار والعمل على وتوفير التسهيلات الائتمانية لاستيراد السلع الأساسية لتوفير مخزون غذائي يسد البلاد لأشهر قادمة.

 

خاصة أن اليمن يعتمد على الاستيراد من الخارج بشكل رئيسي لتلبية احتياجاته من السلع الغذائية والاستهلاكية بنسبة تتخطى 80%، بحسب بيانات وتقارير اقتصادية رسمية، وهو ما يستدعي اعداد خطط عاجلة لحل ما قد تواجهه الأسواق اليمنية من انعدام السلع والمنتجات الاستهلاكية ونفاد المخزون الغذائي في حال استمرار إغلاق المنافذ وتوقف حركة الاستيراد لفترة طويلة.

 

أخيرا، تجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي كان قد حذر مؤخرًا من الاَثار السلبية على الوضع الاقتصادي في اليمن، واحتمال تراجع قيمة الريال اليمني، داعياً إلى حشد المزيد من المساعدات الخارجية لدعم استيراد ما يكفي من المواد الأساسية والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي في البلاد، لامتصاص الأثر الاقتصادي الناجم عن أزمة تفشي وباء كورونا عالميا.

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد