جماعة «الموت» في مواجهة صاحبة الجلالة «الصحافة»

2020-04-14 08:29:52 أخبار اليوم/ متابعة خاصة


الموت أو الخنوع مقابل الحرية، هي نهج المستبدين الذين يسعون إلى سلب حقوق الشعوب وحريتهم، في محاولة تهدف
إلى تحويلهم إلى قطيع من الدواب البكماء التي تقاد إلى المسالخ بمحض إرادتها.
هي إستراتيجية منحتها آلة موت التابعة لتلك لجماعة القادمة من كهوف صعدة، تبنتها منذ سطوها على العاصمة صنعاء في أيلول سبتمبر 2014.





مقتل 35 صحافياً، ومصوراً، وعاملاً في المجال الإعلامي، منذ بداية الحرب في اليمن

يتذكر الصحافيون اليمنيون إطلالة زعيم مليشيا الحوثيين عبدالملك الحوثي في سبتمبر 2015 وهو يهاجم الإعلاميين ويصفهم بالمرتزقة والعملاء، قائلاً إنهم «أكثر خطراً على البلاد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين»



احدى فروع الإستراتيجية الحوثية في مشروعها التخريبي هو اجتثاث الحقيقة وسلب الحريات والسطو على حرية التعبير في البلاد، من خلال خلق مستوى غير مسبوق من الخوف في أوساط رواد ذلك المجال التوعية التنويري.
الرؤية الحوثية ، والمستوردة من طهران، تفيد أن من يريد سقوط حرية شعب يجب عليه إخضاع حريته في التعبير، هذه السياسية التي تنهجها الجماعة الانقلابية في تمرير مشروعها التدمير الطائفي في اليمن
يتبين من كل ذلك أن الأيدلوجية التي تعتنقها الجماعة الحوثي الانقلابية، تعمل بأقصى طاقتها، على صرف الموت لكل معارضيها السياسيين الغير متوافقين مع فلسفتها الدخيلة على المجتمع باليمن، في إدراك مسبق من قبل الانقلابيين المدعومين من إيران، أن حرية التعبير التي يؤمن بها معظم أبناء الشعب اليمني، التي تعتبر صديق التغيير و الثورة ضد هذه الجماعة الراديكالية، و لايجهل (الحوثيون) أنها أخطر أعداء استبدادهم الأمامي المستجد، الذي نفضه الشعب وتقيا سمومه منذ أكثر من نصف قرن من خلال ثورة 26 من سبتمبر المجيدة.
في هذه الورقة تستعرض صحيفة «أخبار اليوم»، واقع الصحافة اليمنية في ضل الاستهداف الممنهج لجماعة الحوثي على صاحبة الجلالة «الصحافة»، منذ الانقلاب الأسود على السلطات الشرعية في اليمن 21 سبتمبر 2014، من ملاحقة الجماعة الحوثية الانقلابية، لكثير من الصحفيين اليمنيين المعارضين ومحاكماتهم حتى إصدار الأحكام بإعدامهم، مروراً بسطو تلك الجماعة المتمردة على المؤسسات الصحفية بقطاعها الخاص والحكومي.

* البدايات
بين قتل واختطاف وتعذيب وتهديد، استكمل اللوبي الأمامي الذي يتخلخل في جسد جماعة الحوثي الانقلابي، مشروع تصفية حساباته القديمة مع الإعلام والصحافة باليمن، الذي بداء مع انطلاق ثورة سبتمبر المجيدة، واستأنف مع الانقلاب الجماعة المتمردة.
معركة ذلك اللوبي الذي تتصدره جماعة الحوثي الانقلابية، مع الإعلام الحقيقي الذي ينقل الصورة كما هي، تهدف إلى أن تمنح الجماعة وقادتها الأفضلية من جديد في معركة البروباغندا المؤجلة، منذ ثورة سبتمبر.
ويتذكر الصحافيون اليمنيون إطلالة زعيم مليشيا الحوثيين عبد الملك الحوثي في سبتمبر/ أيلول 2015 وهو يهاجم الإعلاميين اليمنيين ويصفهم بالمرتزقة والعملاء، قائلاً إنهم «أكثر خطراً على البلاد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين».
وبعد عام 2014، عام الانقلاب الحوثي على الدولة، كان الإعلام اليمني بانتظار مشهد جديد يتشكّل بمقياس التحول العسكري والسياسي وقتذاك. في الوقت الذي كان فيه مسلحو الجماعة الانقلابية يقتحمون مقار وسائل الإعلام ويمارسون التنكيل بحق الصحافيين المعارضين.
ومن ضمن المؤسسات التي تعرض للسطو الحوثية، مقر صحيفة «أخبار اليوم» التابعة لمؤسسة «شموع للإعلام»، بالإضافة إلى قناة يمن شباب وقناة سهيل، ومقر صحيفة «المصدر»، وإذاعة «حياة»، وقناة «بلقيس الفضائية»، قناة اليمن اليوم، إذاعة «يمن أف أم» وجميعها تابعة للقطاع الإعلامي الخاص.
أما بالنسبة إلى المؤسسات الإعلامية والصحفية التي نهبتها جماعة الحوثي الانقلابية منذ انقلابها على السلطات الشرعية، ( صحيفة الثورة، صحيفة 26 سبتمبر، قناة اليمن الفضائية، قناة سبأ، قناة عدن).. الخ.
بهذا السطو الحوثي الكبير على المؤسسات الإعلامية والصحفية في اليمن،بات الإعلام في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لوناً واحداً يفوح برائحة الطائفية، بعد إحكام سلطتهم على وسائل الإعلام وعلى سياستها التحريرية، خصوصاً بعد أحداث ديسمبر/ كانون الأول 2017 التي أدّت إلى مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح على يد الجماعة.
ونظراً إلى حاجة الجماعة المدعومة إيرانيا إلى صوت إعلامي داخلياً وخارجياً، انتقلت الجماعة الانقلابية إلى رؤية جديدة تقضي بتدشين عملية إطلاق وسائل إعلامية جديدة مرئية ومسموعة ومكتوبة من معدات وأجهزه وسائل الإعلام التي نهبتها، أبرزها قناتا «الهوية» و»اللحظة»، وعدد غير قليل من الإذاعات المحلية، ومحركات بحث إخبارية على شبكة الإنترنت.
هذا ورصدت منظمات حقوقية محلية ودولية انتهاكات بالجملة ارتكبها الحوثيون. ولسنوات ظلت الجماعة تتصدر قائمة المنتهكين، بالتوازي مع سيطرتها على مقار إعلامية ونهبها، واختطاف الصحافيين المعارضين، وإقصاء غير الموالين لها في المؤسسات الإعلامية الحكومية.
في خضم ذلك تعرض كثيرٌ من الصحافيين للاعتقال والتهديد والملاحقة في مناطق الحوثيين، الأمر الذي دفع عدداً منهم للنزوح إلى مدن أخرى، فيما فضّل آخرون الهجرة خارج البلاد ومن لم يحالفه الحظ اضطر إلى ممارسة مهنة غير مرتبطة بالصحافة.
وصنفت منظمة «مراسلون بلا حدود»، اليمن في المرتبة الأخيرة، في حرية الصحافة، خلال العام 2019.
وقالت المنظمة، إن ممارسة العمل الصحفي في اليمن لاتزال هي الأخطر في منطقة «الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا حيث احتلت اليمن المرتبة، 168 ضمن الدول العربية.
وأكدت المنظّمة، في تقريرها للعام 2019 الذي أصدرته اليوم الخميس، إنّ «وتيرة الكراهية ضد الصحافيين قد تصاعدت إلى درجة جعلتها تبلغ حد العنف، الأمر الذي أدى إلى تنامي الشعور بالخوف، إذ يستمر تقلص دائرة البلدان التي تُعتبر آمنة، حيث يمكن للصحافيين ممارسة مهنتهم بأمان، في حين تشدد الأنظمة الاستبدادية قبضتها على وسائل الإعلام أكثر فأكثر».
في موازاة ذلك قال تقرير نقابة الصحافيين اليمنيين، السنوي للعام 2019م، أنه رصد 134 حالة انتهاك للحريات الإعلامية في البلاد، في ظل أوضاع خطيرة تعيشها حرية الرأي والتعبير في اليمن، وبيئة عدائية تنتهج سياسة العنف والقمع تجاه الصحافة والصحافيين.
وسجلت النقابة في تقريرها مقتل 35 صحافياً، ومصوراً، وعاملاً في المجال الإعلامي، منذ بداية الحرب في البلاد. وقالت إن حالات الانتهاك التي ارتكبتها أطراف الصراع في البلاد أظهرت خصومة شديدة تجاه الحريات الصحافية، وانتهجت سياسة تنكيل وتخوين تجاه كل مختلف عنها وكل صاحب رأي.
وأكد مرصد الحريات الإعلامية (غير حكومي) تعاظم وتيرة الانتهاكات والممارسات التعسفية ضد الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي في المناطق القابعة تحت سوط الانقلاب الحوثي منذ نهاية عام 2014 وحتى اليوم.
وقال المرصد في بيان له، إن حياة الصحافيين باتت مهددة بالقتل والإصابة والاختطاف والتعذيب حتى الموت وأحياناً الإخفاء القسري.
وفي سياق مسلسل الانتهاكات الحوثية، يواصل الانقلابيين المدعومين إيران، عقد جلسات محاكمة لعشرة صحافيين مختطفين منذ خمسة أعوام ويقبعون في سجن الأمن السياسي (المخابرات) في العاصمة اليمنية صنعاء، بذريعة التعاون مع الحكومة اليمنية والتحالف العربي، أخرها كان القرار القاضي بإعدام أربعة من الصحفيين المختطفين لدى الجماعة.

* إعدام الصحافة
ضمن مسلسل التنكيل والجرائم المستمر من قبل الجماعة الحوثية الانقلابية، التي ارتكبتها بحق الصحافة والصحفيين اليمنيين، والذي بدأ بالخطف والإخفاء، مرورا بالتعذيب وظروف الاعتقال القاسية، والتعامل خارج ضمانات ونصوص القانون، والحرمان من حق التطبيب والزيارة، مرورا بالإيذاء النفسي للمعتقلين ولأسرهم
أصدرت المحكمة التابعة لسلطات الانقلابية الحوثيين في صنعاء، يوم السبت الماضي، حكماً بإعدام أربعة من الصحفيين المختطفين لدى الجماعة منذ خمس سنوات.
ويأتي هذا الحكم بعد مرور قرابة خمس سنوات على اختطاف مليشيا الحوثي الصحفيين العشرة في يونيو 2015 من أحد فنادق صنعاء ووضعهم قيد الإخفاء القسري وتنقلوا في عدة سجون تديرها المليشيا تعرضوا خلالها لتعذيب نفسي وجسدي بشع.وبحسب محامي الصحفيين المختطفين «عبدالمجيد صبرة»، فأن المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب والتي تديرها جماعة الحوثيين منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة عام 2015 عقدت، اليوم السبت، جلسة دون إبلاغ هيئة الدفاع وأعلنت عن الحكم الذي أصدرته وقضى بإعدام الصحفيين عبدالخالق عمران وتوفيق المنصوري وحارث حميد وأكرم الوليدي، فيما قضت بمعاقبة زملائهم الستة الآخرين «هشام طرموم، وهشام اليوسفي، وهيثم راوح الشهاب، وعصام بلغيث، وحسن عناب، وصلاح القاعدي، بالحبس واكتفت بالمدة التي قضوها في سجون الجماعة.
وصدرت خلال السنوات الخمس الماضية عشرات البيانات من منظمات دولية ومحلية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة طالبت فيها مليشيا الحوثي بالإفراج عن الصحفيين العشرة.

* الرد الحكومي
وفي أول رد رسمي على قرار الإعدام بحق عدد من الصحفيين في معتقلات جماعة الحوثي، دانت الحكومة اليمنية أحكام الإعدام الصادرة من المحكمة الحوثية ضد أربعة صحفيين بعد خمس سنوات من اعتقالهم.
 وطالبت وزارة حقوق الإنسان ‏-في بيان لها- الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالضغط على الحوثيين لوقف أحكام الإعدام وإطلاق كافة المعتقلين وفي مقدمتهم الصحفيون القابعون في المعتقلات.
 وأكدت الوزارة أن هذا القرار يعد خطوة تصعيدية من شأنها إجهاض الجهود المبذولة من قبل المبعوث الأممي بشأن تبادل المعتقلين والأسرى والمخفيين قسريا وفق تفاهمات الأردن، وإنهاء أي تسوية متوقعة مستقبلا، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية لاسيما مع ظهور أول إصابة بفيروس كورونا في اليمن.
 وحذرت الوزارة قادة الجماعة من المساس بحياة الصحفيين، كما حملتهم مسؤولية تبعات ذلك.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد