كيف تبدو صنعاء بعد 6 سنوات من سيطرة مليشيا الحوثي؟

2020-04-22 23:44:30 أخبار اليوم/ تقرير

  

تعيش صنعاء وغيرها من المحافظات الخاضعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية أسوأ فصولها على الأطلاق، وسط دوامة لا تنتهي من الأزمات التي طالت كل مجالات الحياة وضيقت على السكان أسباب سعادتهم البسيطة. 

 

حيث ترك تمدد ميليشيا الحوثي للهيمنة على صنعاء وأنحاء من شمال اليمن بالقوة تداعيات سلبية على مختلف نواحي الحياة، وجمعيها زادت من حجم المعاناة على اليمنيين وتسببت في تعكير كافة نواحي حياتهم التي يعشونها مجذوذي الآمال بين مرض وجوع، وغياب الخدمات وإذلال لا يتوقف، واختطافات تعسفية واحتراب وألغام ومنازل مدمرة وجثث وقتلى وجرحى وأطراف مبتورة وإعاقات دائمة، ومداهمات وإخفاء قسري ونقاط تفتيش في كل مكان، وفقر.

 

هذا الواقع المعيش تحت غطرسة المليشيا الانقلابية، شكل استحضارا محسوسا للواقع الذي كان يعيشه اليمن وقت الامامة الكهنوتية، مع فارق أنها الآن أشد قسوة وبطشا مما كان عليه في السابق، حيث تتذرع المليشيا بما تسميه بـ(العدوان) في ممارسة كل أنواع الانتهاكات والسلب والنهب للمال العام والخاص على حساب أوجاع اليمنيين.

 

صحيفة "أخبار اليوم" اطلعت عن قرب على تفاصيل الواقع الذي أمست عليه العاصمة صنعاء في سيطرة مليشيا الحوثي، بعد ما يقارب ست سنوات من سيطرة المليشيا الهمجية على زمام أمرها. وهو سوف نتطرق إليه في ومضات خلال هذا التقرير.

 

فقر وانتكاسة

(ص.ع) "33 عاما"، معلمة لغة عربية في مدرسة حكومية بصنعاء منذ 9 سنوات، تقول لـ"أخبار اليوم": "كل عام تزداد حياتنا سوءً في هذه المدينة، لم نعد نستلم رواتب، وحين نلجأ للعمل في المدارس الخاصة يبخسوننا، ولا يدفعون لنا ما يكفي لشراء ربع ما نحتاج".

 

وتضيف: "لدينا ثلاثة أطفال، زوجي كان يعمل في السعودية في بداية الحرب، كان وضعنا مستقرا إلى حد كبير، بفضل ما كان يرسل من خلاصة كسبه، لكن تم ترحيله قبل عام، حيث لم يكن لديه إقامة، وهو الآن عاطل عن العمل، ولو يستطع العودة مجدداً إلى السعودية.. حاليا تراكمت علينا الديون لم نعد نعلم كيف يكون المخرج".

 

لا يختلف حال (ص. ع) وعائلتها عن حال كثير من الاسر في صنعاء، سواء كانوا من الموظفين المحرومين مرتباتهم أو أصحاب مهن مختلفة، او حتى طلابا، كل شيء تغير إلى الأسوأ في واقع يزداد انتكاسة وتدهورا بشكل مخيف ومقلق.

 

حين اجتاح الحوثيون صنعاء، كانوا يرفعون عقيرتهم بذريعة ما كان يصفونه بـ(الجرعة الظالمة) مستغلين قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، في تأجيج الشارع، حينها كان عبد الملك الحوثي يتسمر ساعتين في خطابه المتلفز وهو يتحدث ويكرر أن الشعب يأكل من القمامة وأنه سوف يثور من أجل ما كان يصفه بـ"الشعب العظيم"، وبعد أن تمكن من الانقلاب على الدولة والتخلص من منافسيه في صنعاء، حول الحوثي صنعاء إلى معتقل كبير، حيث لا يصوت يعلو على صوت المليشيا.

 

أسعار الوقود التي تحجج بها الحوثي عند دخول صنعاء قبل ست سنوات، تضاعف سعرها 300%، أما مشاريع الكهرباء والمياه فمتوقفة منذ أكثر من خمس سنوات على التوالي، بعد أن استولى النافذون في مليشيا الحوثي على محطات الكهرباء الحكومية وحولوها إلى استثمارات خاصة موزعة على الأحياء، وصار شغل المواطن اليمني وهو البحث عن كفاف يومه، بعد أن حرمته المليشيا حتى من أبسط حقوقه.

 

حرية غائبة

أما ملف الحريات فهو ميدان أشد قتامة من كل ما سبق، حيث تستنفر المليشيا كل امكانياتها في قمع أي صوت معارض لسياستها وتوجهاتها، والبطش بكل من يجرؤ على ابداء رأيه بما يخالف رؤيتها، فلا وجود لأي نشاط اعلامي غير وسائل الاعلام الخاصة بالحوثي أو التي تحترف التطبيل لتوجهاته.

 

بينما الصحفيون يقبعون في غياهب السجون، يواجهون جحيم التعذيب والمرارات كلها، تصل إلى الجرأة بإصدار احكام الإعدام، كما حدث قبل أسبوعين في حق مجموعة من الصحفيين المعتقلين في سجون المليشيا منذ 5 سنوات الذين أصدرت بحقهم أحكاما بالاعدام، بتهم فضفاضة وملفقة، مع أن الجميع يعلم انهم يعاقبون على خلفية سياسية بحتة.   

قمع الحريات يتعدى ذلك إلى الاعتداء على الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ من غير المسموح أن ينشر أحدا رأيه بما يخالف المليشيا، مالم فسيكون عرضة للاعتقال، كما حدث قبل يومين حين أقدم أكثر من 100 عنصر من عناصر مليشيا الحوثي على اعتقال وزير الثقافة الأسبق من منزله بصنعاء، على خلفية ما ينشره من آراء على حسابيه بموقع فيسبوك وتويتر، قبل أن تطلق سراحه بشفاعةٍ قبلية، وضمانة قدمها مشايخ خولان للمليشيا.

 

السوق السوداء

منذ سيطرة مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء، ازدهرت السوق السوداء وزادت من تحكم المليشيا في أهم احتياجات اليمنيين في مناطق سيطرتها، حيث فرضت منذ أربع سنوات حظراً على محطات الغاز بيع الغاز المنزلي للمواطنين، وحرمت المواطن من حقه في الحصول على أسطوانة الغاز إلا عن طريق ما يسمى في صنعاء بـ"عقال الحارات" الذين يتم عبرهم توزيع حصص الغاز على حسب الأحياء في صنعاء، وهنا صار المواطنون ينتظرون أسابيع وربما شهور أحيانا حتى يحصلون على أسطوانة غاز واحدة بسعر يتجاوز في العادة 3300 ريال. وهو ما يضطر بكثيرين إلى اللجوء إلى شراء الغاز من السوق السوداء بما يتجاوز 11 ألف ريال.

 

هذا التضييق على المواطنين يقابله، انتعاش في السوق السوداء التي تديرها المليشيا، وتمتلك حرية مطلقة في ممارسة نشاطها دون أي تضيق، في الوقت الذي تزعم فيه مليشيا الحوثي أن لا علاقة لها بالسوق السوداء، وأن من تسميه (العدوان) هو المسؤول عن كل شيء ترتكبه في حق المواطن.

 

النهب والاتاوات

لم تكتفِ مليشيا الحوثي بنهب المال العام عن مضايقة اليمنين في أرزاقهم ومصادر دخلهم، إنما تعدى ذلك إلى مضايقتهم في أسباب رزقهم من خلال فرض الجبايات والاتاوات الاجبارية على المواطنين والتجار، إضافة إلى تمويل فعالياتها الشهرية ومناسباتها التي تقيمها بفروض الجبايات والنهب.

 

 حتى إنها في الفترة الأخيرة كلفت كل عاقل حارة في صنعاء بجمع مبالغ مالية تحت عنوان "قوافل المجاهدين" من كل رب أسرة ومنزل، بتوزيع ظروف يحمل كل واحد منها رقما خاصا يدونه العاقل في كشف خاص، لمعرفة حجم المبلغ الذي دفعه كل شخص، بطريقة تشبه الاستبيان الشعبي تقيس من خلاله المليشيا من يقف في صفها ومن يقف في الضد، رغم انها تفرض كل ذلك بطريقة اجبارية.

 

في الوقت الذي تحصد فيه مليشيا الحوثي الانقلابية، مليارات الريالات يوميا من عائدات السوق السوداء، والجمارك والضرائب والإتاوات، وخدمة الاتصالات، ما تزال تصر على حرمان الموظفين الحكوميين من رواتبهم المتوقفة منذ حوالي أربع سنوات، مع أن العائدات التي يجنيها الحوثيون خلال أقل من أسبوع تكفي لدفع جميع مرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، حسب ما يؤكد أكثر المتابعين المختصين بالشأن الاقتصادي.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد