نازحو مأرب بين قصف الحوثي واهمال الحكومة والمنظمات الدولية

2020-04-22 23:48:51 أخبار اليوم/ تقرير

   

 

يعيش نازحو محافظة مأرب بين جحيم قذائف مليشيا الحوثي، وجحيم الإهمال الحكومي الذي يفاقم معاناتهم ويزيدها عمقا، في ظل الظروف القاسية التي يعشونها، مع تتابع النكبات والكوارث التي يتشارك فيها الانسان والطبيعة، كما حدث خلال الأيام الثلاثة الماضية، مع تتابع السيول الجارفة التي طالت مخيمات النزوح بالمحافظة وأسفرت عن مقتل 7 أشخاص معظمهم الأطفال واصابة نحو550 شخصا، وانجراف عشرات المساكن حتى الآن.

 

يأتي هذا في الوقت الذي تصعد فيه مليشيا الحوثي في الجبهات الغربية للمحافظة من هجماتها على الأحياء والمناطق السكنية التي تمطرها بشكل شبه يومي بالقذائف والصواريخ متوسطة المدى، والتي يذهب ضحيتها العشرات من المدنيين في مخيمات النازحين، الذي يعشون وضعا إنسانيا مقلقا في ظل انقطاع الخدمات والكهرباء وغياب الدور الرسمي في حل مشكلاتهم.

 

فمنذ أكثر من شهرين أو يزيد تشهد الجبهات الغربية لمحافظة مأرب تصعيدا عسكريا لمليشيا الحوثي، مع اشتداد المعارك في جبهات نهم وصرواح وأجزاء وهيلان، يرافقها اعتداءات مستمرة على المدنيين من قبل مليشيا الحوثي التي لا تكف عن القصف العشوائي للتجمعات المدنية بالصواريخ والقذائف، ما ينجم عن سقوط قتلى وجرحى بالعشرات وأضرار مادية في المساكن والممتلكات.

 

وبحسب مصادر إعلامية، متطابقة، فإنه خلال الأيام الأخيرة منذ اعلان وقف إطلاق النار المؤقت، أطلقت المليشيا نحو 13 صاروخا باتجاه أحياء سكنية متفرقة داخل المدينة المكتظة بالأهالي والنازحين، تسببت في وقوع إصابات معظمهم من الأطفال وحدوث أضرار متفاوتة بمساكن المواطنين.

 

ضحايا السيول

أسفرت السيول الجارفة التي دهمت مخيمات النازحين منذ الأبعاء الماضي، حسب ما تم الإعلان عنه حتى هذه اللحظة، عن وفاة 7 أشخاص بينهم 5 أطفال، واصابة 550 شخصا بينهم 25 اصابتهم خطرة، فيما تضررت أكثر من 6 آلاف أسرة من الأسر النازحة في المخيمات"، إلى جانب حدوث أضرار بالغة في المساكن الممتلكات، وتدمير المقومات الأساسية للنازحين في كافة القطاعات الانسانية ومن أهمها الغذاء والمأوى والمواد غير الغذائية والمياه والإصحاح البيئي والحماية.

 

كما ألحقت السيول أضرارا بنحو 17 مخيماً وتجمعا للنازحين في المحافظة وهي: (الروضة، الميل، الخير، السويداء، الزبرة، الخريبة، الحضن، المحزام، الحمة، العرق الشرقي، الخسيف، النور، الديات، ايدات الراء، نبط، التضامن، كلية المجتمع، الجفينة)، بالإضافة إلى أضرار لحقت بأحياء المدينة والوادي وغيرها من المديريات وتضم هذه المخيمات أكثر من 10786 أسرة.

  

دور إغاثي محدود

رغم الحجم الكبير في الأضرار وعدد الضحايا ما يزال دور المنظمات الاغاثية والإنسانية حتى الآن غائباً عن المساهمة العاجلة في انقاذ الوضع وتخفيف الأضرار بمحافظة مأرب، سوى مبادرة السلطة المحلية في المحافظة ممثلة بمحافظ المحافظة سلطان العرادة الذي وجه بإيواء الناجين من السيول في فنادق المحافظة على نفقة السلطة المحلية حتى يتم إعادة ترتيب أوضاعهم للعودة إلى مساكنهم التي تضررت من السيول.

 

إلى جانب تقديم بعض الميسورين المحليين بعض المساعدات والتبرعات الفردية من منطلق انساني في حدود استطاعتهم، حسب ما أفاد أحد السكان المحليين لـ"أخبار اليوم".

 

أما عن المعونات العاجلة التي أعلن عنها مركز الملك سلمان للإغاثة، لم تكن بذات القدر الذي يجري الإعلان عنه في تصريحات المسؤولين ووسائل الاعلام، ولا ترقى إلى مستوى احتواء الكارثة، فضلا عن حلها من جذورها ومنع تكرارها مجدداً في المستقبل، كما هو مفروض أن يكون.

 

وكان مسؤولون وناشطون وشخصيات مدنية وعسكرية ناشدوا القيادة السياسية والمنظمات الداعمة بسرعة المبادرة في انقاذ وضع النازحين المتضررين من السيول بمحافظة مأرب والمساعدة في إيواء وإغاثة المنكوبين وشحذ الجهود في احتواء الكارثة.

 

ازدواجية حكومية

من المفارقات، أن الرئيس هادي وحكومة معين عبد الملك تعاطت مع كارثة فيضان مأرب بقليل من الاهتمام والمبادرة الجدية في تدارك الوضع الإنساني لمتضرري السيول في مأرب التي تسببت حتى الآن في مقتل 7 أشخاص ونحو 550 إصابة، وهو مستوى خطير جدا، يرقى إلى الكوارث الطبيعية في كثير من دول العالم، يستدعي استنفار كل الإمكانيات والجهود من راس الهرم في الحكومة إلى أصغر عامل في الدفاع المدني.

 

ما فعلته الحكومة الشرعية، إزاء كارثة السيول في مأرب لم يتخطى التوجيه إلى السلطة المحلية في مأرب بإعداد تقرير يحصي حجم الاضرار للنظر فيها ومناقشتها، دون الإشارة إلى تخصيص أي اعتمادات لمعالجة الأضرار، أو التقليل من آثارها ما أمكن.

 

ما يثير الاستغراب أن موقف القيادة السياسية الأخير في التعاطي مع متضرري مأرب، لم يكن بذات الكيفية التي تعاطت بها مع متضرري السيول في عدن قبل اقل من شهر، فالرئيس هادي الذي لم يكلف نفسه هذه المرة عناء الاتصال والوقوف على تداعيات الوضع، سارع بعد ساعة فقط من هطول السيول الجارفة في عدن إلى اصدار توجيهاته للحكومة بمتابعة الأضرار، وتسخير كافة الوسائل والإمكانات لتجاوز المحنة مع التأكيد على أهمية مواصلة اتخاذ الاحتياطات اللازمة واستمراريتها ورفع درجتها من قبل كافة المواطنين والأجهزة المعنية والمتصلة بمواجهة تفشي الأمراض والأوبئة، إلى جانب تخصيص ملياري ريال يمني لمعالجة الأضرار الناجمة عن السيول في عدن.

 

كما أنه هاتف رئيس الحكومة معين عبد الملك بعد ساعة فقط، وحثه على أهمية الإسراع وبشكل فوري في اعتماد الموازنات المخصصة لأضرار السيول بعدن ومصارف المياه وما تحتاجه المدينة لمواجهة الأمطار والسيول بناء على ما تم رفعه سابقاً من قبل لجان أضرار السيول في الفترة الماضية والتي لم تنفذ حتى ذلك الحين.

 

لكن على ما يبدو اضمحلت نخوة الرئيس هادي هذه المرة، بشكل يظهر نوعا من الازدواجية السياسية، مع أن ما حدث في مأرب كان أشد هولا وأوسع ضررا مما حدث في عدن، وهو ما يستوجب مساءلة الحكومة عن مبرر تقاعسها ولا مبالاتها تجاه أزمة ما وفزعتها في أخرى.

 

وفي رأي كثيرين لا يعد ما قامت به القيادة السياسية تجاه متضرري عدن أمر غير محمود وليس إيجابيا، فمبادرتها السريعة إلى تلافي الوضع كانت أمر لا بد منه، ومن صلب واجبها القانوني والأخلاقي، لكن ما يقدح في عدالتها هو التعامل بمكيال غير متكافئ مع كارثتين من نفس النوع في وقت متقارب. وهذا هو الجزء المثير في الموضوع

     

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد